مَا عَلَيْهِ أَئِمَّتُنَا كَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْإِيمَانَ: أَيْ التَّصْدِيقَ نَفْسَهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ كَثَمَرَتِهِ فَيُعْطَى وَلَوْ امْرَأَةً لِيُقَوِّيَ إيمَانَهُ (أَوْ) مَنْ نِيَّتُهُ قَوِيَّةٌ لَكِنْ (لَهُ شَرَفٌ) بِحَيْثُ (يَتَوَقَّعُ بِإِعْطَائِهِ إسْلَامَ غَيْرِهِ) وَلَوْ امْرَأَةً (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ) لِنَصِّ الْآيَةِ عَلَيْهِمْ فَلَوْ حُرِمُوا لَزِمَ أَنْ لَا مَحْمَلَ لَهَا، وَدَعْوَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَزَّ الْإِسْلَامَ عَنْ التَّأْلِيفِ بِالْمَالِ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ، عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا تَتَّجِهُ رَدًّا لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ مُؤَلَّفَةِ الْكُفَّارِ يُعْطَوْنَ مِنْ غَيْرِ الزَّكَاةِ لَعَلَّهُمْ يُسْلِمُونَ، وَعِنْدَنَا لَا يُعْطَوْنَ مِنْهَا قَطْعًا وَلَا مِنْ غَيْرِهَا عَلَى الْأَصَحِّ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يُعْطَوْنَ.
وَالثَّالِثُ يُعْطَوْنَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ وَهَذَا مِنْهَا وَمِنْ الْمُؤَلَّفَةِ أَيْضًا مَنْ يُقَاتِلُ أَوْ يُخَوِّفُ مَانِعِي الزَّكَاةِ حَتَّى يَحْمِلَهَا مِنْهُمْ إلَى الْإِمَامِ وَمَنْ يُقَاتِلُ مَنْ يَلِيه مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ الْبُغَاةِ فَيُعْطَيَانِ إنْ كَانَ إعْطَاؤُهُمَا أَسْهَلَ مِنْ بَعْثِ جَيْشٍ وَحَذَفَهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي مَعْنَى الْعَامِلِ، وَالثَّانِيَ فِي مَعْنَى الْغَازِي، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِلَّا فَالْقِسْمَةُ عَلَى سَبْعَةٍ أَنَّ الْمُؤَلَّفَ بِأَقْسَامِهِ يُعْطَى وَإِنْ قَسَمَ الْمَالِكُ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ، وَجَزَمَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ بِمَا قَالُوهُ يُنَاقِضُهُ قَوْلُهُ بَعْدَ قُبَيْلِ الْفَصْلِ الثَّانِي، وَالْمُؤَلَّفَةُ يُعْطِيهَا الْإِمَامُ أَوْ الْمَالِكُ مَا يَرَاهُ.
نَعَمْ اشْتِرَاطٌ أَنَّ لِلْإِمَامِ دَخْلًا فِي الْأَخِيرَيْنِ ظَاهِرٌ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، فَلَا وَجْهَ لِتَوَقُّفِ إعْطَاءِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى نَظَرِ الْإِمَامِ، ثُمَّ اشْتِرَاطُ جَمْعٍ فِي إعْطَاءِ الْأَرْبَعَةِ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِمْ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ إلَّا الْإِمَامُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي الْأَخِيرَيْنِ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ إعْطَائِهِمَا أَسْهَلَ مِنْ بَعْثِ جَيْشٍ إذْ ذَلِكَ يُغْنِي عَنْ اشْتِرَاطِ الْحَاجَةِ إلَيْهِمَا بَلْ الضَّعْفُ وَالشَّرَفُ فِي الْأَوَّلَيْنِ كَافٍ فِي الْحَاجَةِ.
(وَالرِّقَابُ الْمُكَاتَبُونَ) كَمَا فَسَّرَ بِهِمْ الْآيَةَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ بِشَرْطِ صِحَّةِ كِتَابَتِهِمْ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فَخَرَجَ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِإِعْطَاءِ مَالٍ، فَإِنْ عَتَقَ بِمَا اقْتَرَضَهُ وَأَدَّاهُ فَهُوَ غَارِمٌ، وَأَنْ لَا يَكُون مَعَهُمْ وَفَاءٌ بِالنُّجُومِ وَإِنْ قَدَرُوا عَلَى الْكَسْبِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْطَ الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ الْقَادِرَانِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ حَاجَتَهُمَا تَتَحَقَّقُ يَوْمًا بِيَوْمِ وَالْكَسُوبُ يَحْصُلُ كُلَّ يَوْمٍ كِفَايَتُهُ، وَلَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ كِفَايَةِ الدَّيْنِ إلَّا بِالتَّدْرِيجِ غَالِبًا لَا حُلُولُ النُّجُومِ تَوْسِيعًا لِطُرُقِ الْعِتْقِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ، وَبِهِ فَارَقَ الْغَارِمَ وَلَا إذْنَ لِلسَّيِّدِ فِي الْإِعْطَاءِ، وَإِذَا صَحَحْنَا كِتَابَةَ بَعْضِ قِنٍّ كَأَنْ أَوْصَى بِكِتَابِهِ عَبْدٌ فَعَجَزَ الثُّلُثُ عَنْ كُلِّهِ لَمْ يُعْطَ، وَلَا يُعْطَى مُكَاتَبُ نَفْسِهِ مِنْ زَكَاتِهِ، وَيُسْتَرَدُّ مِنْهُ إنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ أَوْ عَتَقَ بِغَيْرِ الْمَدْفُوعِ، وَإِنَّمَا جَازَ أَنْ يُعْطَى لِغَرِيمِهِ مِنْ زَكَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ فَكَأَنَّهُ أَعْطَى مَمْلُوكَهُ بِخِلَافِ الْغَارِمِ.
نَعَمْ مَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالْبَرَاءَةِ لَا يُغَرَّمُ بَدَّلَهُ لِتَلَفِهِ عَلَى مِلْكِهِ مَعَ حُصُولِ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ إنْفَاقِهِ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ لَكِنْ قَبْلَ كَسْبِ مَا عَلَيْهِ لَا بَعْدَهُ لَيُقَوِّيَ ظَنَّ حُصُولِهِ الْمُتَشَوِّفَ إلَيْهِ الشَّارِعُ.
(وَالْغَارِمُ) الْمَدِينُ وَمِنْهُ مُكَاتَبٌ اسْتَدَانَ النُّجُومَ وَعَتَقَ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا يُعْطَى (إنَّ اسْتَدَانَ لِنَفْسِهِ) شَيْئًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
هُنَا، وَإِلَّا فَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ مُطْلَقًا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي فِي مَعْنَى الْغَازِي) لَكِنْ جَعَلَهُمَا فِي مَعْنَى مَنْ ذَكَرَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُقَاتِلَ وَالْمَخُوفَ يُعْطِيَانِ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ، وَأَنَّ مَنْ يُقَاتِلُ مَنْ يَلِيه مِنْ الْكُفَّارِ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْغُزَاةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا وَإِنَّمَا يُعْطَوْنَ مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَالِكُ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا مُنَاقَضَةَ (قَوْلُهُ ظَاهِرٌ) أَيْ وَمَعَ ظُهُورِهِ فِي ذَلِكَ الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِعْطَاءَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ الضَّعْفُ) أَيْ كَافٍ
(قَوْلُهُ بِشَرْطِ صِحَّةِ كِتَابَتِهِمْ) وَكَوْنُ الْكِتَابَةِ لِجَمِيعِ الْمُكَاتَبِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ مَا أَتْلَفَهُ) أَيْ مِمَّا أَخَذَهُ وَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمُعْتَرِضُ اعْتِرَاضَهُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ رِبْحُهُ
(قَوْلُهُ:: لَا حُلُولُ النُّجُومِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ (قَوْلُهُ وَيُسْتَرَدُّ مِنْهُ) أَيْ الزَّكَاةُ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ مَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتُسْتَرَدُّ إلَخْ