الْمُرَادُ بِالْوَهْمِ هُنَا الثَّانِيَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا (طَلَبَهُ) مِمَّا تَوَهَّمَهُ حَتْمًا وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَهُ كَمَا مَرَّ، إذْ التَّيَمُّمُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ إمْكَانِ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ، وَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ لِانْتِفَاءِ الضَّرُورَةِ قَبْلَهُ، وَلَهُ اسْتِنَابَةُ مَوْثُوقٍ بِهِ فِيهِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ لِكَوْنِهَا مُجْتَهَدًا فِيهَا وَمَا هُنَا مَحْسُوسٌ، وَلَا يَكْفِي بِلَا إذْنٍ أَوْ بِإِذْنٍ لِيَطْلُبَ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ، أَوْ أُذِنَ لَهُ قَبْلَهُ وَأَطْلَقَ فَطَلَبَ لَهُ قَبْلَهُ أَوْ شَاكًّا فِيهِ.
نَعَمْ الْأَقْرَبُ الِاكْتِفَاءُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ بِطَلَبِهِ فِي الْوَقْتِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ مُحْرِمٌ حَالًّا لِيَعْقِدَ لَهُ النِّكَاحَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لِيَطْلُبَهُ لَهُ فِيهِ كَفَى وَلَا أَثَرَ لِإِخْبَارِ فَاسِقٍ بِمَاءٍ وُجُودًا وَلَا عَدَمًا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَلَوْ طَلَبَ قَبْلَ الْوَقْتِ لِفَائِتَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ فَدَخَلَ الْوَقْتُ عَقِبَ طَلَبِهِ تَيَمَّمَ لِصَاحِبَةِ الْوَقْتَ بِذَلِكَ الطَّلَبِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ طَلَبَهُ لِعَطَشِ نَفْسِهِ أَوْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ كَذَلِكَ، وَقَدْ يَجِبُ طَلَبُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ كَمَا فِي الْخَادِمِ أَوْ فِي أَوَّلِهِ لِكَوْنِ الْقَافِلَةِ عَظِيمَةً لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُهَا إلَّا بِمُبَادَرَتِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعْجِيلُ الطَّلَبِ فِي أَظْهَرِ احْتِمَالَيْ ابْنِ الْأُسْتَاذِ، وَلَوْ طَلَبَ قَبْلَهُ وَدَامَ نَظَرُهُ إلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ نَظَرُهَا حَتَّى دَخَلَ الْوَقْتُ كَفَى، قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ، وَلَا يُجْزِئُهُ مَعَ الشَّكِّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِنْ صَادَفَهُ (مِنْ رَحْلِهِ) هُوَ مَسْكَنُ الشَّخْصِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وُجُودِ الْمَاءِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ (قَوْلُهُ: الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ أَيْ مَرْجُوحًا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ) أَيْ يَقِينًا لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَا يُجْزِئُهُ مَعَ الشَّكِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَوْثُوقٌ بِهِ فِيهِ) أَيْ الطَّلَبِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْوَقْتِ) أَيْ قَبْلَ دُخُولِهِ (قَوْلُهُ: لِيَطْلُبهُ لَهُ فِيهِ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ اُطْلُبْ لِي قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ لِتَرْدِيدِهِ بَيْنَ مَا يَكْفِي وَمَا لَا يَكْفِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِإِخْبَارِ فَاسِقٍ) وَمِنْهُ الْكَافِرُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ، لَكِنَّ قِيَاسَ مَا ذَكَرَهُ فِي الصَّوْمِ الِاكْتِفَاءُ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ وَبِخَطِّ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَا أَثَرَ لِإِخْبَارِ فَاسِقٍ مَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ تَوَهُّمٌ، وَمَحَلُّ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِخَبَرِ الْفَاسِقِ مَا لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا.
وَفِي الدَّمِيرِيِّ مَا نَصُّهُ: فَلَوْ أَخْبَرَهُ فَاسِقٌ أَنَّ الْمَاءَ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ لَمْ يَعْتَمِدْهُ.
وَإِنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَاءٌ اعْتَمَدَهُ لِأَنَّ الْعَدَمَ هُوَ الْأَصْلُ بِخِلَافِ الْوِجْدَانِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ انْتَهَى.
وَعَلَيْهِ فَيُخَصُّ قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ بِمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: تَيَمَّمَ لِصَاحِبَةِ الْوَقْتِ) أَيْ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ بِذَلِكَ الطَّلَبِ وَلَا يُكَلَّفُ طَلَبًا آخَرَ (قَوْلُهُ: تَعْجِيلُ الطَّلَبِ) أَيْ أَوْ الطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ قَبْلُ وَقَدْ يَجِبُ طَلَبُهُ قَبْلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُهُ) أَيْ الطَّلَبُ (قَوْلُهُ: فِي دُخُولِ الْوَقْتِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ شَكَّ فِي مَأْذُونِهِ هَلْ طَلَبَ قَبْلَ الْوَقْتِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ الْعَدَمَ إلَخْ) ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ طَلَبَ مَعَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ الْوَقْتِ وَتَيَقَّنَ بِهِ الْفَقْدَ فَيَكْفِي (قَوْلُهُ مِنْ رَحْلِهِ) بِأَنْ يُفَتِّشَ فِيهِ، ثُمَّ إطْلَاقُ الطَّلَبِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّفْتِيشِ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مَوْثُوقٍ بِهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ثِقَةً لَا فَاسِقًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَا أَثَرَ لِإِخْبَارِ فَاسِقٍ إلَخْ، وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ بَعَثَ النَّازِلُونَ ثِقَةً فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِإِخْبَارِ فَاسِقٍ إلَخْ) هَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالطَّلَبِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ بَلْ هُوَ أَمْرٌ سَابِقٌ عَلَى الطَّلَبِ فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ الْمَارِّ، وَمِنْ صُوَرِ تَيَقُّنِ فَقْدِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ عُدُولٌ إلَخْ وَعَنْ خَطِّ الشَّيْخِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الْفَاسِقِ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُجُودِ مَا إذَا لَمْ يُوقِعْ إخْبَارَهُ فِي الْوَهْمِ وُجُودُ الْمَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَقَدْ تَلَخَّصَ أَنَّ طَرِيقَةَ الشَّيْخِ عَدَمُ صِحَّةِ تَوْكِيلِ الْفَاسِقِ فِي طَلَبِ الْمَاءِ مُخَالِفًا فِي ذَلِكَ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجِبُ طَلَبُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ) نَظَرَ فِيهِ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ بِمَا يَأْتِي مِنْ جَوَازِ إتْلَافِ الْمَاءِ الَّذِي مَعَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ انْتَهَى. وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ أَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute