مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ وَبَرٍ، وَيُجْمَعُ فِي الْكَثْرَةِ عَلَى رِحَالٍ وَفِي الْقِلَّةِ عَلَى أَرْحُلٍ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا يَسْتَصْحِبُهُ مِنْ الْأَثَاثِ (وَرُفْقَتِهِ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ: أَيْ إلَى أَنْ يَسْتَوْعِبَهُمْ أَوْ يَضِيقَ الْوَقْتُ فَلَا يَبْقَى إلَّا مَا يَسَعُ تِلْكَ الصَّلَاةَ، وَلَا يَجِبُ الطَّلَبُ مِنْ كُلٍّ بِعَيْنِهِ بَلْ يَكْفِي نِدَاءٌ يَعُمُّ جَمِيعَهُمْ بِأَنْ يَقُولَ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ مَنْ يَجُودُ بِهِ مَنْ يَبِيعُهُ، فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ قَدْ يَبْذُلُهُ وَلَا يَهَبُهُ وَلَا يَبِيعُهُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَنْ يَجُودُ بِهِ سَكَتَ مَنْ لَا يَبْذُلُهُ مَجَّانًا، أَوْ عَلَى إطْلَاقِ النِّدَاءِ سَكَتَ مَنْ يَظُنُّ اتِّهَابَهُ وَلَا يَسْمَحُ إلَّا بِبَيْعِهِ وَلَوْ بَعَثَ النَّازِلُونَ ثِقَةً يَطْلُبُهُ لَهُمْ كَفَى (وَنَظَرَ حَوَالَيْهِ) مِنْ جِهَاتِهِ الْأَرْبَعِ (إنْ كَانَ بِمُسْتَوٍ) مِنْ الْأَرْضِ وَيَخُصُّ مَوَاضِعَ الْخُضْرَةِ وَالطَّيْرِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَهُوَ وَاجِبٌ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ تَوَقُّفُ غَلَبَةِ ظَنِّ الْفَقْدِ عَلَيْهِ (فَإِنْ احْتَاجَ إلَى تَرَدُّدٍ) بِأَنْ كَانَ ثَمَّ شَجَرٌ أَوْ جَبَلٌ أَوْ وَهْدَةٌ أَوْ نَحْوُهَا (تَرَدَّدَ قَدَرَ نَظَرِهِ) أَيْ قَدَرَ مَا يَنْظُرُ إلَيْهِ فِي الْمُسْتَوَى، وَالْمُرَادُ نَظَرُ الْمُعْتَدِلِ، وَضَبَطَهُ الْإِمَامُ بِحَدِّ الْغَوْثِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي لَوْ اسْتَغَاثَ بِرُفْقَتِهِ لَأَغَاثُوهُ مَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ تَشَاغُلِهِمْ بِأَحْوَالِهِمْ وَتَفَاوُضِهِمْ فِي أَقْوَالِهِمْ.
وَقَوْلُ الشَّارِحِ قِيلَ وَمَا هُنَا كَالْمُحَرَّرِ أَزْيَدُ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ وَاضِحٍ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِقِيلٍ لِعَدَمِ كَوْنِهِ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي كَلَامِ الشُّرَّاحِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَنَّهُ حَقِيقَةٌ وَأَنَّ الطَّلَبَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ التَّفْتِيشِ وَالسُّؤَالِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَسْعَى بِهِ فِي تَحْصِيلِ مُرَادِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَيْضَاوِيِّ عَنْ الطِّيبِيِّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ١٠٢] مِنْ أَنَّ الطَّلَبَ وَالسُّؤَالَ وَالِاسْتِخْبَارَ وَالِاسْتِفْهَامَ وَالِاسْتِعْلَامَ أَلْفَاظٌ مُتَقَارِبَةٌ وَأَنَّهَا مُتَرَتِّبَةٌ فَالطَّلَبُ أَعُمُّهَا، قَالَ: لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الطَّلَبَ مِنْ نَفْسِهِ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَالسُّؤَالُ خَاصٌّ بِالطَّلَبِ مِنْ الْغَيْرِ إلَى آخِرِ مَا بَيَّنَ بِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّلَبَ مِنْ النَّفْسِ لَيْسَ عِبَارَةً إلَّا عَنْ التَّأَمُّلِ فِي الشَّيْءِ لِيَظْهَرَ الْمُرَادُ مِنْهُ، فَهُوَ كَالْبَحْثِ وَالتَّفْتِيشِ فِي الرَّحْلِ عَنْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ أَيْضًا) أَيْ مَجَازًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَضِيقَ الْوَقْتُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَخَّرَ الطَّلَبَ إلَى وَقْتٍ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيعَابُ الرُّفْقَةِ فِيهِ، وَلَا يُنَافِيه مَا مَرَّ عَنْ الْخَادِمِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ فِي وَقْتٍ يَسْتَوْعِبُهُمْ فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ الْوَقْتِ لِأَنَّ الْكَلَامَ ثَمَّ فِي وُجُوبِ الطَّلَبِ وَمَا هُنَا فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَإِنْ أَثِمَ بِتَأْخِيرِ الطَّلَبِ (قَوْلُهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ) أَيْ كَامِلَةٌ حَتَّى لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ لَا يَبْقَى مَا يَسَعُهَا كَامِلَةً امْتَنَعَ الطَّلَبُ وَوَجَبَ الْإِحْرَامُ بِهَا وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا أَضَلَّ رَحْلَهُ فِي رِحَالٍ مِنْ الْفَضَاءِ أَنَّهُ يَقْضِي هُنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ حِينَ الطَّلَبِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَيَمَّمَ وَلَيْسَ مَعَهُ مَاءٌ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَاءَ عَبَثًا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى إطْلَاقِ النِّدَاءِ سَكَتَ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى ذَلِكَ فَيَكْفِي مَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَجُودُ بِهِ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَبِيعُهُ أَوْ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ وَلَوْ بِثَمَنِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعَثَ النَّازِلُونَ) أَيْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْبَعْثِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ كَالزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ قَبْلُ وَلَا يَكْفِي بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ حَوَالَيْهِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: يُقَالُ حَوَالَيْهِ وَحَوْلَيْهِ وَحَوْلَهُ وَحَوْلَهُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجِ.
وَفِي الصَّحَاحِ: يُقَالُ قَعَدَ حَوْلَهُ وَحِوَالَهُ وَحَوْلَيْهِ وَحَوَالَيْهِ وَلَا تَقُلْ حَوَالِيِهِ بِكَسْرِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَاجِبٌ) أَيْ تَخْصِيصُ مَوَاضِعِ الْخُضْرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ نَظَرُ الْمُعْتَدِلِ) هَذَا الْوَصْفُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْقَيْدِ: أَيْ تَرَدَّدَ قَدْرَ نَظَرِهِ إنْ كَانَ مُعْتَدِلًا.
وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا نَظَرَ بِهِ سم عَلَى حَجّ مِنْ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ إنَّمَا يَتَأَتَّى لَوْ كَانَ الْمُرَادُ جِنْسَ النَّظَرِ، أَمَّا بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ نَظَرَ مُرِيدُ التَّيَمُّمِ فَنَظَرُهُ لَا يَكُونُ تَارَةً قَوِيًّا وَتَارَةً ضَعِيفًا بَلْ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا لَعَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَقْرَبُ مِنْهُ (قَوْلُهُ الَّذِي لَوْ اسْتَغَاثَ) يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ ابْتِدَاءُ هَذَا الْحَدِّ مِنْ آخِرِ الرُّفْقَةِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُ سُؤَالُهُمْ وَهُمْ الْمَنْسُوبُونَ إلَيْهِ
[حاشية الرشيدي]
بِأَنَّ الَّذِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِيعَابُهُمْ هُمْ رُفْقَتُهُ الْمَنْسُوبُونَ إلَيْهِ لَا جَمِيعُ الْقَافِلَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَهَبُهُ) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَضَبَطَهُ) يَحْتَمِلُ رُجُوعَ الضَّمِيرِ إلَى مَا يَجِبُ التَّرَدُّدُ إلَيْهِ فَيَكُونُ قَدْ أَثْبَتَ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا فِي الْمَتْنِ أَوَّلَ وَهْلَةٍ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَقَوْلُ الشَّيْخِ قِيلَ إلَخْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُؤَاخَذَاتٌ تَأْتِي، وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِمَا فِي الْمَتْنِ، فَيَكُونُ قَدْ أَشَارَ إلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ نَفْيِ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ؛ لِأَنَّ مُؤَدَّاهَا وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) خَبَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute