للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُعْطِي الْحَيَاءِ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْحَاضِرِينَ وَلَوْلَاهُ لَمَا أَعْطَاهُ فَهُوَ حَرَامٌ إجْمَاعًا وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ. ا. هـ.

وَحَيْثُ أَعْطَاهُ عَلَى ظَنِّ صِفَةٍ وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِهَا، وَلَوْ عَلِمَ مَا بِهِ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَمْلِكْ الْآخِذُ مَا أَخَذَهُ كَهِبَةِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجِيلِيُّ مِنْ حُرْمَةِ السُّؤَالِ بِاَللَّهِ تَعَالَى إنْ أَدَّى إلَى تَضَجُّرٍ وَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَرُدَّهُ، وَإِلَى أَنَّ رَدَّ السَّائِلِ صَغِيرَةٌ مَا لَمْ يَنْهَرْهُ وَإِلَّا فَكَبِيرَةٌ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ أَوَّلِهِ عَلَى مَا إذَا آذَى بِذَلِكَ وَثَانِيهِ عَلَى نَحْوِ مُضْطَرٍّ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ، وَإِلَّا فَعُمُومُ مَا قَالَهُ غَرِيبٌ (وَكَافِرٍ) لِخَبَرِ «فِي كُلِّ كَبِدٍّ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْحَرْبِيَّ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ، لَكِنَّ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَهُ عَهْدٌ أَوْ ذِمَّةٌ أَوْ قَرَابَةٌ أَوْ يُرْجَى إسْلَامُهُ أَوْ كَانَ بِأَيْدِينَا بِأَسْرٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا وَيَأْتِي مَنْعُ إعْطَائِهِ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ (وَدَفْعُهَا سِرًّا) أَفْضَلُ مِنْهُ جَهْرًا لِآيَةِ {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: ٢٧١] ؛ وَلِأَنَّ مُخْفِيَهَا بِحَيْثُ لَا تَعْلَمُ شِمَالُهُ مَا أَنْفَقَتْ يَمِينُهُ كِنَايَةً عَنْ الْمُبَالَغَةِ فِي إخْفَائِهَا مِنْ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلِّهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَأَظْهَرُهَا لِلتَّأَسِّي بِهِ مِنْ غَيْرِ رِيَاءٍ وَلَا سُمْعَةٍ فَهُوَ أَفْضَلُ، أَمَّا الزَّكَاةُ فَإِظْهَارُهَا أَفْضَلُ إجْمَاعًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ إلَّا الْمَالَ الْبَاطِنَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ خَافَ مَحْذُورًا وَإِلَّا فَهُوَ ضَعِيفٌ.

(وَفِي رَمَضَانَ) لَا سِيَّمَا فِي عَشْرِهِ الْأَخِيرِ أَفْضَلُ لِخَبَرِ «أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ فِي رَمَضَانَ» وَلِعَجْزِ الْفُقَرَاءِ عَنْ الْكَسْبِ فِيهِ وَيَلِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ عَشْرُ الْحِجَّةِ، وَفِي الْأَمَاكِنِ الشَّرِيفَةِ كَمَكَّةَ ثُمَّ الْمَدِينَةِ، وَعِنْدَ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ كَغَزْوٍ وَمَرَضٍ وَسَفَرٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ أَفْضَلُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ صَدَقَةً يُنْدَبُ لَهُ تَأْخِيرُهَا لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ، بَلْ الِاعْتِنَاءُ عِنْدَ وُجُودِ ذَلِكَ بِالْإِكْثَارِ مِنْهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ أَجْرًا وَأَكْثَرُ فَائِدَةً (وَلِقَرِيبٍ) تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَوَّلًا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْمَحَارِمِ ثُمَّ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ ثُمَّ غَيْرُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

حَجّ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أَعْطَاهُ) أَيْ وَحَيْثُ حَرُمَ السُّؤَالُ مَلَكَ مَا أَخَذَهُ بِخِلَافِ هِبَةِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: حَيْثُ أَعْطَاهُ إلَخْ، وَقَضَيْتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى غَنِيًّا يَظُنُّهُ فَقِيرًا وَلَوْ عَلِمَ غِنَاهُ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَعْطَاهُ، فَمَا مَرَّ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِنَا أَنَّهُ حَيْثُ حَرُمَ السُّؤَالُ مَلَكَ الْآخِذُ مَا أَخَذَهُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَنَّ مُظْهِرَ الْفَاقَةِ يَمْلِكُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَدِّقُ لَوْ عَلِمَ لَمْ يُعْطِهِ، وَهُوَ يُفِيدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخَذَ وَظَنَّ الدَّافِعُ فِيهِ صِفَةً لَوْلَاهَا لَمَا دَفَعَ لَهُ، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَخَذَهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ، وَأَنَّهُ إذَا أَظْهَرَ صِفَةً لَمْ تَكُنْ فِيهِ كَالْفَقْرِ أَوْ سَأَلَ عَلَى وَجْهٍ أَذَلَّ بِهِ نَفْسَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ، وَلَكِنْ يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ الدَّافِعُ بِحَالِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ حَمْلُ أَوَّلِهِ) هُوَ قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ السُّؤَالُ، وَقَوْلُهُ: وَثَانِيهِ هُوَ قَوْلُهُ: وَإِلَى أَنَّ رَدَّ السَّائِلِ (قَوْلُهُ: عَلَى نَحْوِ مُضْطَرٍّ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ غَيْرَهُ يُعْطِيهِ مَا يُزِيلُ اضْطِرَارَهُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّ رَدَّهُ كَبِيرَةٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِهِ فِي حَقِّهِ فِيمَنْ إلَخْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ، وَيُعْلَمُ مِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ حِلِّهَا عَلَى الْغَنِيِّ وَالْكَافِرِ الِاسْتِحْبَابُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ وَكَافِرٍ: أَيْ وَلَوْ حَرْبِيًّا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا) أَيْ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مَنْعُ إعْطَائِهِ) أَيْ الْكَافِرِ

(قَوْلُهُ: كَغَزْوٍ وَمَرَضٍ) أَيْ لَهُ أَوْ لِخَاصَّتِهِ كَقَرِيبِهِ أَوْ صَدِيقِهِ.

[فَرْعٌ] قَالَ سم عَلَى حَجّ فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ: السُّؤَالُ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ السُّؤَالُ عَلَى وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَى أَنْ رَدَّ السَّائِلَ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِحَجِّ لَكِنَّ ذَاكَ صَدَّرَ عِبَارَتَهُ، وَذَهَبَ الْحَلِيمِيُّ إلَى حُرْمَةِ السُّؤَالِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، إلَى أَنْ قَالَ: وَإِلَى أَنْ رَدَّ السَّائِلَ فَالْعَطْفُ فِي كَلَامِهِ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: كِنَايَةٌ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ بِحَيْثُ لَا تُعْلَمُ إلَخْ وَقَوْلُهُ مِنْ السَّبْعَةِ خَبَرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>