لِمَزِيدِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مُسْتَثْنًى مِنْ حُرْمَةِ وَصْفِ امْرَأَةِ امْرَأَةً لِرَجُلٍ.
(وَيَحْرُمُ نَظَرُ فَحْلٍ) وَمَجْبُوبٍ وَخَصِيٍّ وَخُنْثَى إذْ هُوَ مَعَ النِّسَاءِ كَرَجُلٍ وَعَكْسُهُ فَيَحْرُمْ نَظَرُهُ لَهُمَا وَنَظَرُهُمَا لَهُ احْتِيَاطًا، وَإِنَّمَا غَسَّلَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِانْقِطَاعِ الشَّهْوَةِ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَبْقَ لِلِاحْتِيَاطِ حِينَئِذٍ مَعْنًى لَا مَمْسُوحٌ كَمَا يَأْتِي (بَالِغٍ) وَلَوْ شَيْخًا هَرِمًا وَمُخَنَّثًا وَهُوَ الْمُتَشَبِّهُ بِالنِّسَاءِ عَاقِلٍ مُخْتَارٍ (إلَى عَوْرَةِ حُرَّةٍ) خَرَجَ مِثَالُهَا فَلَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ فِي نَحْوِ مِرْآةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهَا وَلَيْسَ الصَّوْتُ مِنْهَا فَلَا يَحْرُمُ سَمَاعُهُ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ فِتْنَةً، وَكَذَا لَوْ الْتَذَّ بِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْأَمْرَدُ (كَبِيرَةٍ) بِأَنْ بَلَغَتْ حَدًّا تُشْتَهَى فِيهِ لِذَوِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ (أَجْنَبِيَّةٍ) وَهِيَ مَا عَدَا وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا بِلَا خِلَافٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: ٣٠] ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى عَوْرَةِ مِثْلِهَا فَأَوْلَى الرَّجُلُ (وَكَذَا وَجْهُهَا) أَوْ بَعْضُهُ وَلَوْ بَعْضَ عَيْنِهَا (وَكَفِّهَا) أَيْ كُلُّ كَفٍّ مِنْهَا، وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْمِعْصَمِ (عِنْدَ خَوْفِ فِتْنَةٍ) إجْمَاعًا مِنْ دَاعِيَةٍ نَحْوَ مَسٍّ لَهَا أَوْ خَلْوَةٍ بِهَا وَكَذَا عِنْدَ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ بِأَنْ يَلْتَذَّ بِهِ وَإِنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ قَطْعًا (وَكَذَا عِنْدَ الْأَمْنِ) مِنْ الْفِتْنَةِ فِيمَا يَظُنُّهُ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَوَجَّهَهُ الْإِمَامُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ أَنْ يَخْرُجْنَ سَافِرَاتِ الْوُجُوهِ وَبِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ وَمُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ، فَاللَّائِقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ سَدُّ الْبَابِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ تَفَاصِيلِ الْأَحْوَالِ كَالْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، وَبِهِ انْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ غَيْرُ عَوْرَةٍ فَكَيْفَ حَرُمَ نَظَرُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرُ عَوْرَةٍ نَظَرُهُ مَظِنَّةٌ لِلْفِتْنَةِ أَوْ الشَّهْوَةِ فَفَطَمَ النَّاسُ عَنْهُ احْتِيَاطًا، عَلَى أَنَّ السُّبْكِيَّ قَالَ: الْأَقْرَبُ إلَى صَنِيعِ الْأَصْحَابِ أَنَّ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا عَوْرَةٌ فِي النَّظَرِ
وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ لِلْجُمْهُورِ وَالشَّيْخَانِ لِلْأَكْثَرِينَ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الصَّوَابُ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الْمُدْرِكِ، وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ:
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا غَسَّلَاهُ) أَيْ بِشَرْطِ عَدَمِ وُجُودِ مَحْرَمٍ لَهُ (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الشَّهْوَةِ) أَيْ مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِهِ كَالْمُغَسَّلِ ذُكُورَةً أَوْ أُنُوثَةً.
فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ تَغْسِيلُ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَبِالْعَكْسِ مَعَ انْقِطَاعِ الشَّهْوَةِ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لَا مَمْسُوحَ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَحْلِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْخِصِيَّ وَالْمَجْبُوبَ، وَيَدُلُّ لَهُ مُقَابَلَتُهُ بِالْمَمْسُوحِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: عَاقِلٌ مُخْتَارٌ) أَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَيْسَ مُخَاطَبًا وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهَا الِاحْتِجَابُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ مَنْعُهُ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ مِرْآةٍ) وَمِنْهُ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الصَّوْتُ) وَمِنْهُ الزَّغَارِيتُ (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ الْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ الْتَذَّ بِهِ) أَيْ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ اللَّذَّةَ لَيْسَتْ بِاخْتِيَارٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ فِتْنَةً (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْعَوْرَةُ (قَوْلُهُ: إلَى الْمِعْصَمِ) فِي نُسْخَةٍ إلَى الْكُوعِ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الْمِعْصَمُ وَزَّانُ مِقْوَدِ مَوْضِعُ السِّوَارِ مِنْ السَّاعِدِ اهـ.
وَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمِعْصَمَ شَامِلٌ لِرَأْسِ السَّاعِدِ مِنْ جِهَةِ الْإِبْهَامِ وَالْخِنْصَرِ وَمَا بَيْنَهُمَا، بِخِلَافِ الْكُوعِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالطَّرَفِ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ (قَوْلُهُ: مِنْ دَاعِيَةٍ نَحْوَ مَسٍّ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ ضَابِطَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ أَنْ يَخَافَ أَنْ تَدْعُوهُ نَفْسُهُ إلَى مَسٍّ لَهَا أَوْ خَلْوَةٍ بِهَا (قَوْلُهُ: وَمُحَرِّكٌ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِمَا وَجَّهَ بِهِ الْإِمَامُ، وَقَوْلُهُ: انْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ: أَيْ الْوَجْهَ (قَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ) مُعْتَمَدٌ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: عَاقِلٍ) أَيْ أَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِسُقُوطِ تَكْلِيفِهِ، وَسَيَأْتِي وُجُوبُ الِاحْتِجَابِ عَلَيْهَا مِنْهُ وَمَنْعُ الْوَلِيِّ لَهُ مِنْ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: وَ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى عَوْرَةِ مِثْلِهَا فَأَوْلَى الرَّجُلُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَكِنَّ الْمُرَادَ بِعَوْرَةِ مِثْلِهَا غَيْرُ الْمُرَادِ بِعَوْرَتِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ دَاعِيَةٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا عِنْدَ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الْمُدْرَكِ) قَالَ الشَّارِحُ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ مُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُدْرَكَ مَعَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَمَا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ. اهـ.
وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ خَبَرُ التَّرْجِيحِ، وَالْمَعْنَى وَالتَّرْجِيحُ عَلَى طِبْقِ مَا فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ جِهَةِ قُوَّةِ الْمُدْرَكِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَذْهَبِ فَهُوَ رَاجِحٌ دَلِيلًا وَمَذْهَبًا فَتَأَمَّلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute