وَفَارَقَتْ الْعَجُوزَ بِسَبْقِ اشْتِهَائِهَا وَلَوْ تَقْدِيرًا فَاسْتُصْحِبَ وَلَا كَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ (إلَّا) (لِلْفَرْجِ) فَلَا يَحِلُّ نَظَرُهُ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَصَاحِبِ الْعِدَّةِ اتِّفَاقًا، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ دَعْوَى الِاتِّفَاقِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ جَوَّزَهُ جَزْمًا فَلَيْسَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا بَلْ فِيهِ خِلَافٌ لَا أَنَّهُ رَدٌّ لِلْحُكْمِ كَمَا فَهِمَهُ ابْنُ الْمُقِرِّي كَكَثِيرٍ فَصَرَّحَ بِالْجَوَازِ.
وَأَمَّا فَرْجُ الصَّغِيرِ فَكَفَرْجِ الصَّغِيرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدَةِ، وَإِنْ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ بِجَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهِ إلَى التَّمْيِيزِ، فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ «أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عِيَاضٍ قَالَ: رُفِعْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صِغَرِي وَعَلَيَّ خِرْقَةٌ وَقَدْ كُشِفَتْ عَوْرَتِي فَقَالَ: غَطُّوا عَوْرَتَهُ فَإِنَّ حُرْمَةَ عَوْرَةِ الصَّغِيرِ كَحُرْمَةِ عَوْرَةِ الْكَبِيرِ، وَلَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى كَاشِفِ عَوْرَتِهِ» وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْقَطَّانِ الْأُمَّ زَمَنَ الرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُلْحَقُ غَيْرُ الْأُمِّ مِمَّنْ يَرْضَعُ بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ.
(وَأَنَّ نَظَرَ الْعَبْدِ) الْعَدْلِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَلَا تَكْفِي الْعِفَّةُ عَنْ الزِّنَا فَقَطْ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُبَعَّضِ وَغَيْرُ الْمُكَاتَبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَفَاءٌ خِلَافًا لِلْقَاضِي (إلَى سَيِّدَتِهِ) الْعَفِيفَةِ كَمَا قَالَهُ الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَنَظَرٌ مَسْمُوحٍ) ذَكَرَهُ كُلُّهُ وَأُنْثَيَاهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْقَى فِيهِ مَيْلٌ لِلنِّسَاءِ أَصْلًا وَإِسْلَامُهُ فِي الْمُسْلِمَةِ وَعَدَالَتُهُ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا لِأَجْنَبِيَّةٍ مُتَّصِفَةٌ بِالْعَدَالَةِ أَيْضًا (كَالنَّظَرِ إلَى مَحْرَمٍ) فَيَنْظُرَانِ مِنْهَا مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَتَنْظُرُ مِنْهُمَا ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ} [النور: ٣١] وَيَلْحَقَانِ بِالْمَحْرَمِ أَيْضًا فِي الْخَلْوَةِ وَالسَّفَرِ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: لَا أَحْسَبُ فِي تَحْرِيمِ سَفَرِ الْمَمْسُوحِ مَعَهَا خِلَافًا مَمْنُوعٌ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ دُخُولِهِ عَلَيْهِنَّ بِغَيْرِ حِجَابٍ لَا فِي نَحْوِ حِلِّ الْمَسِّ وَعَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ، بِهِ وَإِنَّمَا حَلَّ نَظَرُهُ لِأَمَتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكِيَّةَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ الْعَجُوزَ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَجُوزَ لَوْ كَانَتْ شَوْهَاءَ مِنْ صِغَرِهَا وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ بِهَا إلَى أَنْ صَارَتْ عَجُوزًا أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ نَظَرُهَا لِعَدَمِ سَبْقِ الشَّهْوَةِ لَهَا، وَوَجْهُ الدَّفْعِ مَا سَبَقَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ الشَّوْهَاءَ إذَا بَلَغَتْ سِنًّا تَشْتَهِي فِيهِ يُفْرَضُ زَوَالُ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا الْفَرْجَ) أَيْ قُبُلًا أَوْ دُبْرًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْفَرْجِ مَحَلُّهُ إذَا خُلِقَ بِلَا فَرْجٍ أَوْ قُطِعَ ذَكَرُهُ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ إعْطَاءً لَهُ حُكْمَ الْفَرْجِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ) إضَافَةٌ بَيَانِيَّةٌ: أَيْ لِلضَّرُورَةِ، وَالتَّعْبِيرُ بِهِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَغَيْرِهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ وَلَيْسَ مِنْ الْحَاجَةِ مُجَرَّدُ مُلَاعَبَةِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَرْضَعُ بِهَا) التَّعْبِيرُ بِالْإِرْضَاعِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى مَنْ يَتَعَهَّدُ الصَّبِيَّ بِالْإِصْلَاحِ وَلَوْ ذَكَرًا كَإِزَالَةِ مَا عَلَى فَرْجِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ مَثَلًا وَكَدَهْنِ الْفَرْجِ بِمَا يُزِيلُ ضَرَرَهُ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَتَعَاطَى إصْلَاحَهُ بَيْنَ كَوْنِ الْأُمِّ قَادِرَةً عَلَى كَفَالَتِهِ وَاسْتِغْنَائِهَا عَنْ مُبَاشَرَةِ غَيْرِهَا وَعَدَمِهِ
(قَوْلُهُ: الْعَفِيفَةِ) أَيْ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الْعَبْدِ وَهُوَ الْعَدَالَةُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ أُولِي الْإِرْبَةِ) أَيْ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَلَّ نَظَرُهُ) أَيْ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ: أَيْ كَمَا تَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي كَلَامِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلزَّوْجِ النَّظَرُ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَنَحْوَ أَمَةٍ
[حاشية الرشيدي]
الصَّوَابُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: لِجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ إلَخْ) يَنْبَغِي ذِكْرُ الْوَاوِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ) أَيْ الصَّغِيرَةُ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ رَدٌّ لِلْحُكْمِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا إذْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا أَرَادَهُ الْمُصَنِّفُ بِالرَّدِّ، فَكَأَنَّهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ الْمَذْكُورُ: إنَّمَا هُوَ رَدٌّ لِدَعْوَى الِاتِّفَاق فَقَطْ لَا أَنَّهُ رَدٌّ لِلْحُكْمِ
(قَوْلُهُ: الْعَفِيفَةِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهَذَا هُنَا وَبِالْعَدَالَةِ فِيهَا فِيمَا يَأْتِي نَظَرًا إلَى حِلِّ نَظَرِهَا إلَيْهِ الْآتِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلتَّقْيِيدِ بِذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِمُجَرَّدِ نَظَرِهِ إلَيْهَا حَيْثُ لَمْ تَنْظُرْ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِسْلَامِهِ) مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ أَنْ لَا يَبْقَى (قَوْلُهُ: لَا فِي نَحْوِ حِلِّ الْمَسِّ) كَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالنَّظَرِ إلَى مَحْرَمٍ لَكِنْ فِي صِحَّةِ هَذَا الْعَطْفِ وَقْفَةٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمَمْسُوحَ كَالْمَحْرَمِ فِي حِلِّ النَّظَرِ فَقَطْ لَا فِي نَحْوِ الْمَسِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَلَّ نَظَرُهُ لِأَمَتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ) جَوَابٌ عَمَّا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute