للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَقْوَى مِنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ فَأُبِيحَ لِلْمَالِكِ مَا لَا يُبَاحُ لِلْمَمْلُوكِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ حِلُّ نَظَرِهَا لِمُكَاتَبِهَا وَلِلْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا، وَقَدْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ، فَالْأَوْجَهُ فِي الْفَرْقِ أَنَّ مَلْحَظِ نَظَرِ السَّيِّدَةِ الْحَاجَةُ وَهِيَ مَنْفِيَّةٌ مَعَ الْكِتَابَةِ أَوْ الِاشْتِرَاكِ وَلَا كَذَلِكَ فِي السَّيِّدِ، وَيُؤَيِّدُهُ نَقْلُ الْمَاوَرْدِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْذَانُ إلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَعَلَّلُوهُ بِكَثْرَةِ حَاجَتِهِ إلَى الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالْمُخَالَطَةِ وَالْمَحْرَمُ الْبَالِغُ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْذَانُ إلَّا فِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ كَالْمُرَاهِقِ الْأَجْنَبِيِّ بَلْ أَوْلَى، وَأَطَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مُسَوَّدَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَكَثِيرُونَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ فِي الِانْتِصَارِ لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي الْعَبْدِ، وَأَجَابُوا عَنْ الْآيَةِ بِأَنَّهَا فِي الْإِمَاءِ الْمُشْرِكَاتِ، وَعَنْ خَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - اسْتَتَرَتْ مِنْ عَبْدٍ وَهَبَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا وَقَدْ أَتَاهَا بِهِ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْك بَأْسٌ إنَّمَا هُوَ أَبُوك وَغُلَامُك» بِأَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا إذْ الْغُلَامُ يَخْتَصُّ حَقِيقَةً بِهِ، وَبِأَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ مُحْتَمَلَةٍ وَبِعِزَّةِ الْعَدَالَةِ فِي الْأَحْرَارِ فَبِالْمَمَالِيكِ أَوْلَى مَعَ مَا غَلَبَ بَلْ اطَّرَدَ فِيهِمْ مِنْ الْفِسْقِ وَالْفُجُورِ لَكِنْ بِتَأَمُّلِ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَالَتِهِمَا يَنْدَفِعُ كُلُّ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُرَاهِقَ) بِكَسْرِ الْهَاءِ مَنْ قَارَبَ الِاحْتِلَامَ: أَيْ بِاعْتِبَارِ غَالِبِ سِنِّهِ وَهُوَ قُرْبُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فِيمَا يَظْهَرُ (كَالْبَالِغِ) فَيَلْزَمُهَا الِاحْتِجَابُ مِنْهُ كَالْمَجْنُونِ لِظُهُورِهِ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ.

وَالثَّانِي لَهُ النَّظَرُ كَالْمَحْرَمِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ وَلِيَّهُ مَنْعُهُ النَّظَرَ كَمَا يَلْزَمُهُ مَنْعُهُ سَائِرَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُ تَشَوُّفٌ لِلنِّسَاءِ فَكَالْبَالِغِ قَطْعًا، وَالْمُرَاهِقَةُ كَالْبَالِغَةِ، أَمَّا الْمُرَاهِقُ الْمَجْنُونُ فَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ إلْحَاقُ الْمُرَاهِقِ بِالْبَالِغِ بِظُهُورِهِ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَحِكَايَتُهُ لَهَا أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ وَخَرَجَ بِالْمُرَاهِقِ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُحْسِنُ حِكَايَةَ مَا يَرَاهُ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ فَكَالْمَحْرَمِ أَوْ بِشَهْوَةٍ فَكَالْبَالِغِ أَوْ لَا يُحْسِنُ ذَلِكَ فَكَالْعَدِمِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ (وَيَحِلُّ نَظَرُ رَجُلٍ إلَى رَجُلٍ) مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ بِلَا شَهْوَةٍ اتِّفَاقًا (إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ مِنْ مَحْرَمٍ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ، وَالْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ نَاظِرًا كَانَ أَوْ مَنْظُورًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ دَلْكُ فَخْذِ الرَّجُلِ بِشَرْطِ حَائِلٍ وَأَمْنِ فِتْنَةٍ وَأُخِذَ مِنْهُ حِلُّ مُصَافَحَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ مَعَ ذَيْنِك؛ وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُهُ الْحِلَّ مَعَهُمَا بِالْمُصَافَحَةِ حُرْمَةُ مَسِّ غَيْرِ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ وَلَوْ مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِأَحَدِهِمَا كَالنَّظَرِ وَحِينَئِذٍ فَيُلْحَقُ بِهَا الْأَمْرَدُ فِي ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُهُمْ حُرْمَةَ مُعَانَقَتِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الِاشْتِرَاكُ) هُوَ وَاضِحٌ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَنَظَرَتْ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهَا، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ أَوْ كَانَتْ فَنَظَرَتْ فِي نَوْبَتِهَا فَالْحَاجَةُ مَوْجُودَةٌ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُشْتَرَكِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْمُبَعَّضِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِيهَا) أَيْ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ أَبُوك: أَيْ الدَّاخِلُ، وَقَوْلُهُ: كَالْمَجْنُونِ: أَيْ الْبَالِغِ كَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا الْمُرَاهِقُ الْمَجْنُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُ) أَيْ الْمُرَاهِقِ بِقَرِينَةٍ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: دَلْكُ فَخْذِ الرَّجُلِ) أَيْ وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْعَوْرَةِ حَتَّى الْفَرْجَ (قَوْلُهُ: مَعَ ذَيْنِك) أَيْ الْحَائِلِ وَأَمْنِ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَتِفٍ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: لَا يَبْعُدُ تَقْيِيدُهُ بِالْحَائِلِ الرَّقِيقِ بِخِلَافِ الْغَلِيظِ م ر اهـ (قَوْلُهُ: فَيُلْحَقُ بِهَا) أَيْ فِي حُرْمَةِ مَسِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُهُمْ حُرْمَةَ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ التَّأْيِيدُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُعَانَقَةَ كَالْمُحَقِّقَةِ لِلشَّهْوَةِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ اللَّمْسِ بِالْيَدِ مَعَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

تَقْيِيدِهِ الْعَبْدَ بِغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ مُنَافَاتِهِ لِحِلِّ نَظَرِ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَلْحَظَ نَظَرِ السَّيِّدَةِ) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا كَذَلِكَ السَّيِّدُ: أَيْ فِي نَظَرِهِ إلَى مَمْلُوكَتِهِ (قَوْلُهُ: وَأُخِذَ مِنْهُ حِلُّ مُصَافَحَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ الْمُصَافَحَةِ مِثَالٌ وَآثَرَهُ؛ لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ بِهِ غَالِبٌ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُ الشَّارِحِ وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُهُ إلَخْ وَقَدْ نَقَلَ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ كُلٍّ مِنْ الْمَأْخُوذِ وَالْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِالْحَاجَةِ، ثُمَّ قَالَ: قُلْت وَحِينَئِذٍ يُحْتَمَلُ أَنَّ غَيْرَ الْمُصَافَحَةِ كَالْمُصَافَحَةِ (قَوْلُهُ: غَيْرِ وَجْهِهَا) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَاَلَّذِي أَفْهَمَهُ التَّخْصِيصُ حُرْمَةُ مَسِّ الْوَجْهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَيُلْحَقُ بِهَا الْأَمْرَدُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي حُرْمَةِ مَسِّ مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَلَوْ بِحَائِلٍ (قَوْله مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ) بَحَثَ الشِّهَابُ سم

<<  <  ج: ص:  >  >>