الْفِتْنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ بِلَا خِلَافٍ، وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ لِلشَّافِعِيِّ مَا يَخْرِقُ الْإِجْمَاعَ اهـ.
وَقَالَ الشَّارِحُ: لَمْ يُصَرِّحْ هُوَ أَعْنِي الْمُصَنِّفَ وَلَا غَيْرَهُ بِحِكَايَتِهَا فِي الْمَذْهَبِ اهـ.
فَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اخْتِيَارَاتِهِ لَا مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ، وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَشَرْطُ الْحُرْمَةِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يَكُونَ النَّاظِرُ مَحْرَمًا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ وَلَا سَيِّدًا، وَأَنْ لَا تَدْعُوَ إلَى نَظَرِهِ حَاجَةٌ، فَإِنْ دَعَتْ كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَخْطُوبَةِ نَحْوَ وَلَدٍ أَمْرَدَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ رُؤْيَتُهَا وَسَمَاعُ وَصْفِهَا جَازَ لَهُ نَظَرُهُ إنْ بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُسْنِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَالْأَوْجَهُ حِلُّ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ وَمَمْسُوحٍ بِشَرْطِهِمَا الْمَارِّ وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ الْمَسُّ فَيَحْرُمُ وَإِنْ حَلَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ وَالْخَلْوَةُ بِهِ فَتَحْرُمُ لَكِنْ إنْ حَرُمَ النَّظَرُ فِيمَا يَظْهَرُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسِّ ظَاهِرٌ (وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْأُنُوثَةِ وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ، بَلْ جَمَالٌ كَثِيرٍ مِنْ الْإِمَاءِ أَكْثَرُ مِنْ جَمَالِ كَثِيرٍ مِنْ الْحَرَائِرِ فَخَوْفُهَا فِيهِنَّ أَعْظَمُ.
وَأَمَّا ضَرْبُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَةً اسْتَتَرَتْ كَالْحُرَّةِ وَقَوْلُهُ لَهَا أَتَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عِنْدَ حُصُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) خِلَافًا لحج.
وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِعَدَالَةِ النَّاظِرِ وَالْمَنْظُورِ إلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لَهُ فِي نَظَرِ عَبْدِ الْمَرْأَةِ لَهَا وَنَظَرِ الْمَمْسُوحِ وَمِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَالْأَوْجَهُ حِلُّ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَحْوَ وَلَدٍ أَمْرَدَ) لَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشَابَهَةَ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا تَقَعُ بَيْنَ نَحْوِ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا، وَإِلَّا فَلَوْ بَلَغَهُ اسْتِوَاءُ الْمَرْأَةِ وَشَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ عَنْهَا وَتَعَذَّرَتْ رُؤْيَتُهَا فَيَنْبَغِي جَوَازُ النَّظَرِ إلَيْهِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَجُوزُ نَظَرُ نَحْوِ أُخْتِهَا لَكِنْ إنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُ نَظَرِهَا بِغَيْرِ رِضَا زَوْجِهَا أَوْ ظَنِّ رِضَاهُ، وَكَذَا بِغَيْرِ رِضَاهَا إذَا كَانَتْ عَزَبًا؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهَا وَمَصْلَحَةَ زَوْجِهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَصْلَحَةِ هَذَا الْخَاطِبِ اهـ.
وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِأَمْنِ الْفِتْنَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِي الْمَخْطُوبَةِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَسَمَاعُ وَصْفِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ إرْسَالُ امْرَأَةٍ تَنْظُرُهَا لَهُ وَتَصِفُهَا لَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ.
وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فَإِنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْمُعَايَنَةِ، فَقَدْ يُدْرِكُ النَّاظِرُ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ مَا تَقْصُرُ الْعِبَارَةُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ نَظَرُهُ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ رُؤْيَةِ الْأَمْرَدِ رِضَاهُ وَلَا رِضَا وَلِيِّهِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظَرِ أُخْت الزَّوْجَةِ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهِ فِي نَظَرِ الْأَمْرَدِ مَا لَا يُتَسَامَحُ بِهِ فِي نَظَرِ الْمَرْأَةِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمُعْتَمَدُ جَوَازَ نَظَرِ الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ) وَلَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةِ النَّظَرِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَخْطُوبَةَ مَحَلُّ التَّمَتُّعِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ خَطِيبٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حِلُّ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ) أَيْ مَمْلُوكِ الْأَمْرَدِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ الْمَسُّ) أَيْ وَلَوْ بِحَائِلٍ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ فِي قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُلْحَقُ بِهَا الْأَمْرَدُ فِي ذَلِكَ، وَقَدَّمْنَا عَنْ سم تَقْيِيدُ الْحَائِلِ بِالرَّقِيقِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ فِي السِّيَرِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ: أَيْ السَّلَامِ مَا نَصُّهُ: وَيَحْرُمُ تَقْبِيلُ أَمْرَدَ حَسَنٍ لَا مَحْرَمِيَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَنَحْوَهَا وَمَسُّ شَيْءٍ بَدَنَهُ بِلَا حَائِلٍ كَمَا مَرَّ اهـ.
فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ بِمَا مَرَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا سَوَّى فِيهِ بَيْنَ الْحَائِلِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهُ فَلْيَنْظُرْ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ وَإِنْ حَلَّ) أَيْ النَّظَرُ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَالْخَلْوَةُ بِهِ أَوْ مَسُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ حَرَامٌ حَتَّى عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا أَفْحَشُ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَسِّ ظَاهِرٌ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِحِكَايَتِهَا) يَعْنِي الْحُرْمَةَ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ لَكِنَّ الشَّارِحَ: أَعْنِي الْمَحَلِّيَّ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي مَقَامِ الرَّدِّ عَلَى الْمُصَنِّفِ كَمَا يُوهِمُهُ سِبَاقُ الشَّارِحِ هُنَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي مَقَامِ الِاعْتِذَارِ عَمَّنْ نَسَبَ إلَى الْمُصَنِّفِ الْحُرْمَةَ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حِلُّ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ إلَخْ) أَيْ إذَا قُلْنَا بِطَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ: أَيْ إلَيْهِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ حَرُمَ النَّظَرُ) نَظَرَ فِيهِ الشِّهَابُ سم، وَفِي