للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَا الْمَمْسُوحُ كَمَا مَرَّ، وَمَا ذَكَرَ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ مِنْ مُمَيِّزٍ لَمْ يُرَاهِقْ فَيَحِلُّ نَظَرُهُ لَا مَسُّهُ مَرْدُودٌ، وَقَدْ يَحْرُمُ مَسُّ مَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحْرَمِ كَبَطْنِهَا وَرِجْلِهَا وَتَقْبِيلِهَا بِلَا حَائِلٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا شَفَقَةٍ بَلْ وَكَيْدِهَا عَلَى مُقْتَضَى عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ خِلَافُ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَسَبَبُهُ أَنَّ الرَّافِعِيَّ عَبَّرَ بِسَلْبِ الْعُمُومِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ تَقْدِيمُ النَّفْيِ عَلَى كُلٍّ وَهُوَ وَلَا مَسَّ كُلَّ مَا يَحِلُّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحَارِمِ: أَيْ بَلْ بَعْضُهُ كَمَا تَقُولُ لَا يَحِلُّ لِزَيْدٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ كُلَّ امْرَأَةٍ، فَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِعُمُومِ السَّلْبِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ تَقَدُّمِ الْإِثْبَاتِ عَلَى كُلٍّ فَقَالَ: يَحْرُمُ مَسُّ كُلِّ مَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحْرَمِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَحِلُّ مَسُّ رَأْسِ الْمَحْرَمِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ إجْمَاعًا: أَيْ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ وَلَا خَوْفَ فِتْنَةٍ بِوَجْهٍ سَوَاءٌ أَمَسَّ لِحَاجَةٍ أَمْ شَفَقَةٍ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ عَدَمُ جَوَازِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَصْدِ مَعَ انْتِفَائِهِمَا، وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ حِينَئِذٍ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَ فَاطِمَةَ وَقَبَّلَ الصِّدِّيقُ الصِّدِّيقَةَ» .

لَا يُقَالُ: إنَّ ذَلِكَ كَانَ لِلشَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ إنَّمَا هُوَ انْتِفَاءُ الشَّهْوَةِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ صَادِقٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَعَبَّرَ أَصْلُهُ وَغَيْرُهُ بِحَيْثُ بَدَلَ مَتَى، وَاسْتَحْسَنَهُ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ حَيْثُ اسْمُ مَكَان، وَالْقَصْدُ أَنَّ كُلَّ مَكَان حَرُمَ نَظَرُهُ حَرُمَ مَسُّهُ، وَمَتَى اسْمُ زَمَانٍ وَلَيْسَ مَقْصُودًا هُنَا، وَرُدَّ بِمَنْعِ عَدَمِ قَصْدِهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ مَقْصُودًا، إذْ الْأَجْنَبِيَّةُ يَحْرُمُ مَسُّهَا وَيَحِلُّ بَعْدَ نِكَاحِهَا وَيَحْرُمُ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَقَبْلَ زَمَنٍ نَحْوَ مُعَامَلَةٍ يَحْرُمُ وَمَعَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) أَيْ فَيَحِلُّ نَظَرُهُ وَمَسُّهُ أَيْضًا، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَضِيَّةُ كَوْنِهِ كَالْمَحْرَمِ أَنْ يَأْتِيَ فِي مَسِّهِ تَفْصِيلُ الْمَحْرَمِ إلَى آخَرِ مَا ذَكَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْرُمُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحْرَمِ) وَكَذَا مِنْ غَيْرِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُهَا الْحِلَّ مَعَهُمَا بِالْمُصَافَحَةِ حُرْمَةَ مَسِّ غَيْرِ وَجْهِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ) وَمِنْ الْحَاجَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ حَكِّ رِجْلَيْ الْمَحْرَمِ وَنَحْوُ الْحَكِّ كَغَسْلِهِمَا وَتَكْبِيسِ ظَهْرِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَسَبَبُهُ) أَيْ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَسَّ) أَيْ وَلَا يَحِلُّ (قَوْلُهُ: الْمُشْتَرَطُ فِيهِ تَقَدُّمُ الْإِثْبَاتِ عَلَى كُلٍّ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُشْتَرَطَ فِي عُمُومِ السَّلْبِ تَقَدُّمِ كُلٍّ عَلَى النَّفْيِ لَا تَقَدُّمِ الْإِثْبَاتِ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ: فَقَالَ يَحْرُمُ مَسُّ كُلِّ مَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحْرَمِ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا التَّرْكِيبَ لَيْسَ فِيهِ نَفْيٌ.

وَأَجَابَ حَجّ عَنْ الْإِيرَادَيْنِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ الْمَحْرَمِ أَيْ كُلِّ مَا لَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ مِنْهُ حَتَّى يُطَابِقَ مَا ذَكَرَ أَوَّلًا مِنْ شَرْطِ سَلْبِ الْعُمُومِ، فَقَوْلُهُ: الْمُشْتَرَطُ فِيهِ إلَخْ يَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَقَدُّمِ الْإِثْبَاتِ عَلَى كُلٍّ تَأْخِيرُ النَّفْيِ عَنْهَا اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَحِلُّ مَسُّ) أَيْ بِحَائِلٍ وَبِدُونِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ الْقَصْدِ) أَيْ لِلْمَشَقَّةِ وَالْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ انْتِفَائِهِمَا) أَيْ الشَّهْوَةِ وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْحَاجَةِ وَالشَّفَقَةِ، وَمَا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ الصِّدِّيقِ مَحْمُولٌ عَلَى الشَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: صَادِقٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَصْدِ الشَّفَقَةِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَنْعِ عَدَمِ قَصْدِهِ إلَخْ) وَانْظُرْ مَا لَوْ انْفَصَلَ مِنْهَا شَعْرٌ قَبْلَ نِكَاحِهَا هَلْ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا نَظَرُهُ الْآنَ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ اتِّصَالِهِ كَانَ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ أَوْ يَحْرُمُ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ انْفِصَالِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ انْفَصَلَ مِنْهَا حَالَ الزَّوْجِيَّةِ هَلْ يَجُوزُ نَظَرُهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الِانْفِصَالِ أَوْ لَا اعْتِبَارًا بِوَقْتِ النَّظَرِ، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي شَعْرِ الزَّوْجِ بِالنِّسْبَةِ لِنَظَرِهَا، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِوَقْتِ النَّظَرِ، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ وَعَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ.

ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ التَّرَدُّدِ فِيمَا انْفَصَلَ مِنْهَا بَعْدَ بُلُوغِ حَدِّ الشَّهْوَةِ.

أَمَّا مَا انْفَصَلَ مِنْ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَيْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَرَدُّدَ فِي حِلِّ نَظَرِهِ، وَإِنْ بَلَغَتْ حَدَّ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ) أَيْ النَّظَرُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْرُمُ مَسُّ مَا حَلَّ نَظَرُهُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ قَطْعِ هَذَا عَمَّا يُنَاسِبُهُ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَخْ) أَيْ وَمَا اقْتَضَاهُ عُمُومُ قَوْلِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مُقَيَّدٌ بِمَا قَدَّمَهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِتَقْيِيدِهِ بِهِ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ زَمَنِ نَحْوِ مُعَامَلَةٍ يَحْرُمُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>