الْبَدَنِ وَإِنْ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ صَرَفَتْهُ حَالًا، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْحِجَابِ، أَوْ أَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ، وَقَوْلُ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ إنَّ مَا اقْتَضَاهُ الْمَتْنُ مِنْ حُرْمَةِ نَظَرِهَا لِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ بِلَا شَهْوَةٍ وَعِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ رُدَّ بِأَنَّ اسْتِدْلَالَهُمْ بِمَا مَرَّ فِي قَضِيَّةِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ.
وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَيَرُدُّهُ أَيْضًا قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ جَازِمًا بِهِ جَزَمَ الْمَذْهَبُ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ سَدُّ طَاقَةٍ تُشْرِفُ الْمَرْأَةُ مِنْهَا عَلَى الرِّجَالِ إنْ لَمْ تَنْتَهِ بِنَهْيِهِ وَقَدْ عَلِمَ مِنْهَا تَعَمُّدَ النَّظَرِ إلَيْهِمْ، وَمَرَّ نَدْبُ نَظَرِهَا إلَيْهِ لِلْخِطْبَةِ كَهُوَ إلَيْهَا (وَنَظَرُهَا إلَى مَحْرَمِهَا كَعَكْسِهِ) أَيْ كَنَظَرِهِ إلَيْهَا فَتَنْظُرُ مِنْهُ بِلَا شَهْوَةٍ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُمَا مُلْحَقَانِ بِمَا يَحِلُّ نَظَرُهُ.
أَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَيُعَامَلُ بِالْأَشَدِّ فَيَكُونُ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلًا وَمَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةً إذَا كَانَ فِي سِنٍّ يَحْرُمُ فِيهِ نَظَرُ الْوَاضِحِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَلَا يَحِلُّ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَا أَجْنَبِيَّةٍ الْخَلْوَةُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِامْرَأَةٍ فَهُوَ مَعَهَا كَعَبْدِهَا، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُغَسِّلُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ لِضَعْفِ الشَّهْوَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِهَا قَبْلَهُ.
(وَمَتَى حَرُمَ النَّظَرُ حَرُمَ الْمَسُّ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إثَارَةِ الشَّهْوَةِ إذْ لَوْ أَنْزَلَ بِهِ أَفْطَرَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَظَرَ فَأَنْزَلَ فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ، فَيَحْرُمُ مَسُّ الْأَمْرَدِ كَمَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ وَدَلْكُ فَخْذِ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ، وَيَجُوزُ بِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَلَمْ تَكُنْ شَهْوَةً، وَقَدْ يَحْرُمُ النَّظَرُ دُونَ الْمَسِّ كَأَنْ أَمْكَنَ الطَّبِيبَ مَعْرِفَةُ الْعِلَّةِ بِالْمَسِّ فَقَطْ، وَكَعُضْوِ أَجْنَبِيَّةٍ مَبَانٍ فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ فَقَطْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْخَادِمِ وَالْأَصَحُّ حُرْمَةُ مَسِّهِ أَيْضًا، أَمَّا دُبْرُ الْحَلِيلَةِ فَيَحِلُّ نَظَرُهُ وَمَسُّهُ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ، وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ حَلَّ النَّظَرُ حَلَّ الْمَسُّ أَغْلَبِيٌّ أَيْضًا فَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ مَسُّ وَجْهِ أَجْنَبِيَّةٍ وَإِنْ حَلَّ نَظَرُهُ بِنَحْوِ خِطْبَةٍ أَوْ شَهَادَةٍ أَوْ تَعْلِيمٍ، وَلَا لِسَيِّدَةٍ مَسُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِ عَبْدِهَا وَعَكْسِهِ وَإِنْ حَلَّ النَّظَرُ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ وَمِثْلُهَا: أَيْ الْكَافِرَةِ فَاسِقَةٌ بِسِحَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ كَزِنًا أَوْ قِيَادَةٍ فَيَحْرُمُ التَّكَشُّفُ لَهَا اهـ.
وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا عَلَّلُوا بِهِ حُرْمَةَ نَظَرِ الْكَافِرَةِ مَوْجُودٌ فِيهَا، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْأَمْرَدِ التَّكَشُّفُ لِمَنْ هَذِهِ حَالَتُهُ لِمَا ذُكِرَ
(قَوْلُهُ: مِنْ حُرْمَةِ نَظَرِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: تَعَمُّدَ النَّظَرِ إلَيْهِمْ) قَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا تَنْظُرُ مِنْهُمْ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُمَا) أَيْ السُّرَّةُ وَالرُّكْبَةُ (قَوْلُهُ: مُلْحَقَانِ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: أَمَّا الْخُنْثَى) تَقَدَّمَ لَهُ ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحْرُمُ نَظَرُ فَحْلٍ فَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا لِلتَّصْرِيحِ بِالتَّقْيِيدِ بِبُلُوغِ السِّنِّ الْمَذْكُورِ وَعَزُّوهُ لِلْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: الْخَلْوَةُ بِهِ) أَيْ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ) أَيْ حَيْثُ لَا يُوجَدُ لَهُ مَحْرَمٌ يُغَسِّلُهُ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَبْلُغُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ يَلْتَذُّ بِنَظَرِ الشَّعْرِ كَمَسِّهِ غَايَتُهُ أَنَّ الْمَسَّ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ عَلَّلُوا عَدَمَ انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ بِأَنَّهُ لَا لَذَّةَ فِيهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ ثُمَّ اللَّذَّةَ الْقَوِيَّةَ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا تَحْرِيكُ الشَّهْوَةِ وَالْمُثْبَتُ هُنَا مُطْلَقُ اللَّذَّةِ، وَهِيَ كَافِيَةٌ فِي التَّحْرِيمِ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ: كَمَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ) أَيْ بَلْ يَحْرُمُ، وَإِنْ جَازَ النَّظَرُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمَسَّ أَبْلَغُ مِنْ النَّظَرِ فِي إثَارَةِ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: فَخْذِ رَجُلٍ) أَيْ غَيْرٍ الْأَمْرَدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّهُ وَلَوْ بِحَائِلٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تُرَاهِقْ (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّ اسْتِدْلَالَهُمْ إلَخْ) فِي هَذَا الرَّدِّ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَيْمُونَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ لِنَظَرِهِمَا غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَأَنَّ الْوُجُوبَ الَّذِي قَالَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِمَنْعِ النِّسَاءِ مِنْ رُؤْيَةِ غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَعَهَا كَعَبْدِهَا) أَيْ فَيَنْظُرُ إلَيْهَا بِشَرْطِ الْعَدَالَةِ، فَالْمُرَادُ كَعَبْدِهَا الَّذِي تَقَرَّرَ حُكْمُهُ فِيمَا مَرَّ، فَلَا يُقَالُ إنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَشْبِيهَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا عَبَّرَ بِهِ أَصْوَبُ مِنْ قَوْلِهِ جَازَ لَهُ نَظَرُهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَدَلْكُ فَخِذِ رَجُلٍ إلَخْ) قَدْ مَرَّ هَذَا