حِلِّ نَظَرِ الشَّاهِدِ مُفَرَّعًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِتَعْرِيفِ عَدْلٍ.
أَمَّا مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ فَلَا شَكَّ فِي امْتِنَاعِهِ فِيهِ نَظَرٌ.
لِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا بِهِ النَّظَرُ أَحْوَطُ وَأَوْلَى، وَكَفَى بِذَلِكَ حَاجَةً مُجَوِّزَةً لَهُ (وَتَعْلِيمٌ) لِأَمْرَدَ وَأُنْثَى وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ أَيْ التَّعْلِيمُ لِلْأَمْرَدِ خَاصَّةً تَبِعَ فِيهِ السُّبْكِيَّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ جَوَازَهُ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ كَمَا مَرَّ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا صَرَّحَ بِهِ فِي الصَّدَاقِ، وَمَحَلُّ جَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَ فَقْدِ جِنْسٍ وَمَحْرَمٍ صَالِحٍ وَتَعَذُّرِهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَوُجُودِ مَانِعِ خَلْوَةٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْعِلَاجِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ مِنْ تَعَذُّرِ تَعْلِيمِهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ تَعْلِيمَ الْمُطَلَّقِ يَمْتَدُّ مَعَهُ الطَّمَعُ لِسَبْقِ مُقَرِّبِ الْأُلْفَةِ فَاشْتَدَّتْ الْوَحْشَةُ بَيْنَهُمَا لِتَعَلُّقِ آمَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ هُنَا أَيْضًا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِهَا فِي الْأَمْرَدِ كَمَا عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ، وَيَتَّجِهُ اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِيهِمَا كَالْمَمْلُوكِ بَلْ أَوْلَى (وَنَحْوُهَا) كَأَمَةٍ يُرِيدُ شِرَاءَهَا فَيَنْظُرُ مَا عَدَا عَوْرَتَهَا وَحَاكِمٌ يَحْكُمُ لَهَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ عَلَيْهَا أَوْ بِحَلِفِهَا كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ النَّظَرُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ (بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) .
فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجَاوِزَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا حَلَّ لِضَرُورَةٍ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ عَرَفَهَا الشَّاهِدُ بِنَظْرَةٍ لَمْ تَجُزْ ثَانِيَةً أَوْ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ وَجْهِهَا لَمْ تَجُزْ رُؤْيَةُ كُلِّهِ، وَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَسْتَوْعِبُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ نَظَرِ وَجْهِهَا حَيْثُ لَا فِتْنَةَ وَلَا شَهْوَةَ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ، وَكُلُّ مَا حَلَّ لَهُ نَظَرُهُ مِنْهَا لِلْحَاجَةِ يَحِلُّ لَهَا مِنْهُ نَظَرُهُ لِلْحَاجَةِ أَيْضًا كَالْمُعَامَلَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ.
(وَلِلزَّوْجِ النَّظَرُ إلَى كُلِّ بَدَنِهَا) حَالَ حَيَاتِهَا: أَيْ الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ الَّتِي تَحِلُّ، وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَإِنَّ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْفَرْجَ ظَاهِرًا مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَبَاطِنًا أَشَدُّ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ وَعَكْسُهُ لِلْخَبَرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
نِسَائِهِ مَحْذُورٌ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْمَيْلِ فِي حَقِّهِ الْمَيْلُ الْمُؤَدِّي إلَى الْجَوْرِ فِي الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ: مُفَرَّعًا عَلَى الْمَذْهَبِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ) أَيْ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِتَعْرِيفِ الْعَدْلِ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) مُعْتَمَدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا بِهِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ، وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ لِجَوَازِ التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: مَقْصُورٍ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَمْرَدِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ فَقْدِ جِنْسٍ) وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِهَذِهِ الشُّرُوطِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غَيْرُ مَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ أَمْهَرَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: فَاشْتَدَّتْ الْوَحْشَةُ) أَيْ طَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِهَا) أَيْ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَيَتَّجِهُ اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَمْرَدِ وَمُعَلِّمِهِ
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا) أَيْ فَإِنْ مَنَعَهَا حَرُمَ عَلَيْهَا النَّظَرُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ لِغَيْرِ الْعَوْرَةِ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ حُرْمَةَ نَظَرِهَا لِعَوْرَةِ زَوْجِهَا إذَا مَنَعَهَا مِنْهُ م ر اهـ.
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ كَمَا مَرَّ) اُنْظُرْ أَيْنَ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يُصَرِّحُ بِهِ فِي الصَّدَاقِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ فَالضَّمِيرُ فِي سَيَعْلَمُ لِمَا اعْتَمَدَهُ مِنْ عَدَمِ الْقَصْرِ عَلَى مَا ذَكَرَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي التُّحْفَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَاشْتَدَّتْ الْوَحْشَةُ بَيْنَهُمَا) تُتَأَمَّلُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ أَيْضًا) هَذَا لَا مَوْقِعَ لَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِلتُّحْفَةِ لَكِنْ فِيهَا ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْمُخْتَارَ فِيهَا خِلَافُ مَوْقِعِ مَا اخْتَارَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ قَصْرِ جَوَازِ النَّظَرِ لِلتَّعْلِيمِ عَلَى مَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ فَالْمُخْتَارُ فِيهَا ذَلِكَ الْقَصْرُ، ثُمَّ نُقِلَ فِيهَا عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّدَاقِ أَنَّ مَا لَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَعَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَأَمَةٍ يُرِيدُ شِرَاءَهَا فَيَنْظُرُ مَا عَدَا عَوْرَتَهَا إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ قَطَعَ فِيهِ النَّظَرَ عَمَّا قَيَّدَ بِهِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُبَاحُ النَّظَرُ مِنْ قَوْلِهِ لِلْوَجْهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ نَظَرِ وَجْهِهَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا تَقَيَّدَ بِالْمُعَامَلَةِ وَنَحْوِهَا
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ) أَيْ بَدَنُهَا فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ وَاوٌ مِنْ الْكَتَبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute