للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْئًا، وَمَنْ خَطَبَ خَمْسًا مَعًا، أَوْ مُرَتِّبًا لَمْ تَجُزْ خِطْبَةُ إحْدَاهُنَّ حَتَّى يَحْصُلَ إعْرَاضٌ، أَوْ يَعْقِدَ عَلَى أَرْبَعٍ.

وَيُسْتَحَبُّ خِطْبَةُ أَهْلِ الْفَضْلِ مِنْ الرِّجَالِ، فَمَنْ خُطِبَ وَأَجَابَ وَالْخَاطِبَةُ مُكَمِّلَةٌ لِلْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ، أَوْ لَمْ يُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً حَرُمَ عَلَى امْرَأَةٍ ثَانِيَةٍ خِطْبَتُهُ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ الْعَدَدُ وَلَا أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَلَا حُرْمَةَ مُطْلَقًا لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ.

(وَمَنْ) (اُسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ) ، أَوْ نَحْوَ عَالِمٍ يُرِيدُ الِاجْتِمَاعَ بِهِ، أَوْ مُعَامَلَتَهُ هَلْ تَصْلُحُ، أَوْ لَا، أَوْ لَمْ يَسْتَشِرْ فِي ذَلِكَ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ مَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهُ مُطْلَقًا فَالِاسْتِشَارَةُ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَعُلِمَ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ، خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَعْرَاضَ أَشَدُّ حُرْمَةً مِنْ الْأَمْوَالِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الضَّرَرَ هُنَا أَشَدُّ لِأَنَّ فِيهِ تَكَشُّفَ بُضْعٍ وَهَتْكَ سَوْأَةٍ وَذُو الْمُرُوءَةِ يَسْمَحُ فِي الْأَمْوَالِ بِمَا لَا يَسْمَحُ بِهِ هُنَا (ذَكَرَ) وُجُوبًا كَمَا فِي الْأَذْكَارِ وَالرِّيَاضِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ كَفَتَاوَى الْقَفَّالِ وَابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَتَعْبِيرُهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالْجَوَازِ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْوُجُوبِ (مَسَاوِيَهُ) الشَّرْعِيَّةَ، وَكَذَا الْعُرْفِيَّةُ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ الْآتِي: «وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ» أَيْ عُيُوبَهُ.

سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُسِيءُ صَاحِبَهَا: أَيْ مَا يَنْزَجِرُ بِهِ مِنْهَا إنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِنَحْوِ مَا يَصْلُحُ لَك كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ كَالْغَزَالِيِّ، وَلَا يُنَافِيهِ الْخَبَرُ الْآتِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ مِنْ مُسْتَشِيرَتِهِ أَنَّهَا وَإِنْ اكْتَفَتْ بِنَحْوٍ لَا يَصْلُحُ لَك تَظُنُّ وَصْفًا أَقْبَحَ مِمَّا هُوَ فِيهِ فَبَيَّنَ دَفْعًا لِهَذَا الْمَحْظُورِ، وَلَا يُقَاسُ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ فَيَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ تُوُهِّمَ نَقْصٌ أَفْحَشُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يُتَعَبَّدُ بِهِ فَلَا مُبَالَاةَ بِإِيهَامِهِ (بِصِدْقٍ) لِيَحْذَرَ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ، وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اُسْتُشِيرَ فِي مُعَاوِيَةَ وَأَبِي جَهْمٍ فَقَالَ: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ الضَّرْبِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ» .

نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّ الذِّكْرَ لَا يُفِيدُ أَمْسَكَ كَالْمُضْطَرِّ لَا يُبَاحُ لَهُ إلَّا مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ.

وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ ذِكْرِ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ مِنْ الْعُيُوبِ، وَهَذَا أَحَدُ أَنْوَاعِ الْغَيْبَةِ الْجَائِزَةِ، وَهِيَ ذِكْرُ الْغَيْرِ بِمَا فِيهِ، أَوْ فِي نَحْوِ وَلَدِهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ مَالِهِ بِمَا يَكْرَهُ: أَيْ عُرْفًا، أَوْ شَرْعًا لَا بِنَحْوِ صَلَاحٍ وَإِنْ كَرِهَهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ، أَوْ إيمَاءٍ وَبِالْقَلْبِ بِأَنْ أَصَرَّ فِيهِ عَلَى اسْتِحْضَارِ ذَلِكَ.

وَمِنْ أَنْوَاعِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْخِطْبَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبًا) أَيْ مَعَ قَصْدِ أَنْ يَنْكِحَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ وَخَطَبَ خَامِسَةً، أَوْ نَحْوَ أُخْتِ زَوْجَتِهِ. وَقَضِيَّتُهُ الْحُرْمَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.

(قَوْلُهُ بَيْنَ الْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ مُعَامَلَتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَعْرَاضَ أَشَدُّ حُرْمَةً) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ فَرَّقَ يَقُولُ الْأَعْرَاضُ أَشَدُّ حُرْمَةً: أَيْ احْتِرَامًا فَيَحْذَرُ مِنْ هَتْكِهَا بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ (قَوْلُهُ: مُسَاوِيهِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِمَا يُرِيدُهُ كَأَنْ أَرَادَ الزَّوْجُ وَكَانَ فَاسِقًا وَحَسَنَ الْعِشْرَةِ مَعَ الزَّوْجَاتِ فَيَذْكُرُ لِلزَّوْجَةِ الْفِسْقَ وَإِنْ لَمْ تَسْأَلْ الزَّوْجَةُ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَفْظٌ) أَيْ قَوْلُ الرَّسُولِ لَا يَصْلُحُ لَك إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ) هُوَ غَيْرُ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ ذِكْرُ الْغَيْرِ بِمَا فِيهِ) أَيْ أَمَّا بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ كَذِبٌ صَرِيحٌ (قَوْلُهُ: لَا بِنَحْوِ صَلَاحٍ) مِنْ الْأَوْصَافِ الْحَمِيدَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْ أَنْوَاعِهَا إلَخْ) وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ:

الْقَدَحُ لَيْسَ بِغِيبَةٍ فِي سِتَّةٍ ... مُتَظَلِّمٍ وَمُعَرِّفٍ وَمُحَذِّرِ

وَلِمُظْهِرٍ فِسْقًا وَمُسْتَفْتٍ وَمَنْ ... طَلَبَ الْإِعَانَةَ فِي إزَالَةِ مُنْكَرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يُصَرِّحَ بِالتَّرْكِ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ مَعَ الْإِعْرَاضِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ خِطْبَةِ أَهْلِ الْفَضْلِ) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الضَّرَرَ هُنَا) أَيْ فِي الْأَعْرَاضِ وَهَذَا مِنْ كَلَامِ الْفَارِقِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ عُيُوبُهُ) تَفْسِيرٌ لِمُسَاوِيهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ ذِكْرُ الْغَيْرِ بِمَا فِيهِ أَوْ فِي نَحْوِ وَلَدِهِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ فُلَانٌ الْفَاسِقُ أَوْ أَبُو الْفَاسِقِ أَوْ زَوْجُ الْفَاسِقَةِ مَثَلًا، وَخَرَجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>