للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُبَاحَةِ أَيْضًا التَّظَلُّمُ لِذِي قُدْرَةٍ عَلَى إنْصَافِهِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ عَلَى تَغْيِيرِ مُنْكَرٍ وَدَفْعِ مَعْصِيَةٍ، وَالِاسْتِفْتَاءُ بِأَنْ يَذْكُرَ وَحَالَ خَصْمِهِ مَعَ تَعْيِينِهِ لِلْمُفْتِي وَإِنْ أَغْنَى إجْمَالُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي التَّعْيِينِ فَائِدَةٌ، وَمُجَاهَرَةٌ بِفِسْقٍ، أَوْ بِدْعَةٍ بِأَنْ لَمْ يُبَالِ بِمَا يُقَالُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ ذَلِكَ لِخَلْعِهِ جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فَسَقَطَتْ حُرْمَتُهُ لَكِنْ لَا يَذْكُرُ بِغَيْرِ مَا تَجَاهَرَ بِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مُجَاهَرَتَهُ بِصَغِيرَةٍ كَذَلِكَ فَيَذْكُرُهَا فَقَطْ وَشُهْرَتُهُ بِوَصْفٍ يَكْرَهُهُ فَيُذْكَرُ لِلتَّعْرِيفِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَعْرِيفُهُ بِغَيْرِهِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّنْقِيصِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، وَلَوْ اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ وَفِيهِ مُسَاوٍ فَالْأَوْجَهُ مَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ، وَاقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمَا وُجُوبٌ نَحْوُ لَا أَصْلُحُ لَكُمْ إنْ لَمْ يَسْمَحْ بِالْإِعْرَاضِ فَإِنْ رَضَوْا بِهِ مَعَ ذَلِكَ وَإِلَّا لَزِمَهُ التَّرْكُ أَوْ الْإِخْبَارُ بِمَا فِيهِ مِنْ كُلِّ مَذْمُومٍ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ نَظِيرُ مَا مَرَّ.

وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ تَحْرِيمِ ذِكْرِ مَا فِيهِ حَرَجٌ كَزِنًا بَعِيدٍ وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ لَهُ مَنْدُوحَةً عَنْهُ بِتَرْكِ الْخِطْبَةِ بَلْ يَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الزِّنَا بِاسْتِحْبَابِ سَتْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ لَا وُجُوبِهِ.

وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ عَلِمَ رِضَاهُمْ بِعَيْبِهِ فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ اسْتِشَارَتَهُمْ لَهُ فِي نَفْسِهِ دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُمْ فَتَعَيَّنَ الْإِخْبَارُ، أَوْ التَّرْكُ كَمَا تَقَرَّرَ.

وَمُقْتَضَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّ فَرْضَهُمْ التَّرَدُّدَ السَّابِقَ فِيمَا لَوْ اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ فَيَلْزَمُهُ ذِكْرُ مَا فِيهِ بِتَرْتِيبِهِ السَّابِقِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَشَرْ وَهُوَ قِيَاسُ مَنْ عَلِمَ بِمَبِيعِهِ عَيْبًا يَلْزَمُهُ ذِكْرُهُ مُطْلَقًا.

(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْخَاطِبِ أَوْ نَائِبِهِ إنْ جَازَتْ الْخِطْبَةُ بِالتَّصْرِيحِ لَا بِالتَّعْرِيضِ كَمَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَوْ سُنَّتْ فِيمَا فِيهِ تَعْرِيضٌ صَارَ تَصْرِيحًا (تَقْدِيمُ خُطْبَةٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ (قَبْلَ الْخِطْبَةِ) بِكَسْرِهَا لِخَبَرِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لِذِي قُدْرَةٍ عَلَى إنْصَافِهِ) مَفْهُومُهُ الْحُرْمَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمُجَاهِرَةٌ بِفِسْقٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ زَجْرَهُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ ذَلِكَ) أَيْ فَذَاكَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَهُ) أَيْ وَإِلَّا يَرْضَوْا بِالْأَصْلَحِ (قَوْلُهُ: مِنْ تَحْرِيمِ ذِكْرِ) أَيْ فِيمَا لَوْ اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْخَاطِبِ أَوْ نَائِبِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرَةِ: وَتَبَرَّكَ الْأَئِمَّةُ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا قَالَ «إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَخْطُبَ لِحَاجَةٍ مِنْ نِكَاحٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلْيَقُلْ: إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: ١] إلَى قَوْلِهِ: رَقِيبًا، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: ٧٠] ، إلَى قَوْلِهِ: عَظِيمًا» وَتُسَمَّى هَذِهِ الْخُطْبَةُ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ، وَكَانَ الْقَفَّالُ يَقُولُ بَعْدَهَا: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ يَقْضِي فِيهَا مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، لَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ وَلَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ، وَلَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ وَلَا يَفْتَرِقَانِ إلَّا بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ وَكِتَابٍ قَدْ سَبَقَ، وَإِنَّ مِمَّا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى وَقَدَّرَ أَنْ خَطَبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ عَلَى صَدَاقِ كَذَا أَقُولُ: قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ أَجْمَعِينَ.

(قَوْلُهُ: إنْ جَازَتْ الْخِطْبَةُ بِالتَّصْرِيحِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ خَلِيَّةً مِنْ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: فِيمَا فِيهِ تَعْرِيضٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ فِي عِدَّتِهَا شُبْهَةٌ، أَوْ فِرَاقٌ بَائِنٌ (قَوْلُهُ: صَارَ تَصْرِيحًا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِذَكَرِهِ ذِكْرُ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِذِكْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ غِيبَةً لَهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: وَمُجَاهِرَةٌ بِفِسْقٍ) هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ لِيَصِحَّ الْعَطْفُ: أَيْ وَمِنْ أَنْوَاعِهَا الْمُبَاحَةِ غِيبَةُ ذِي مُجَاهِرَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْمَحْ بِالْإِعْرَاضِ) هُوَ بِكَسْرِ هَمْزَةِ الْإِعْرَاضِ: أَيْ مَحَلِّ وُجُوبِ الذِّكْرِ إنْ لَمْ يَسْمَحْ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْخِطْبَةِ: أَيْ أَمَّا إذَا سَمَحَ بِهِ فَيُعْرِضُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الذِّكْرُ

(قَوْلُهُ: إنْ جَازَتْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ خَالِيَةً مِنْ الْمَوَانِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>