بَالٍ» السَّابِقِ، وَفِي رِوَايَةٍ «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ» أَيْ عَنْ الْبَرَكَةِ، فَيُبْدَأُ بِالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُوصِي بِالتَّقْوَى ثُمَّ يَقُولُ جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا قَالَ: جَاءَكُمْ مُوَكِّلِي خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ أَوْ فَتَاتَكُمْ، فَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ، أَوْ نَائِبُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ: لَسْت بِمَرْغُوبٍ عَنْك، أَوْ نَحْوَهُ (وَ) يُسْتَحَبُّ خُطْبَةٌ (أُخْرَى) كَمَا ذُكِرَ (قَبْلَ الْعَقْدِ) عِنْدَ إرَادَةِ التَّلَفُّظِ بِهِ سَوَاءٌ الْوَلِيُّ، أَوْ نَائِبُهُ وَالزَّوْجُ، أَوْ نَائِبُهُ وَأَجْنَبِيٌّ قَالَ شَارِحٌ: وَهِيَ آكَدُ مِنْ الْأُولَى (وَلَوْ خَطَبَ الْوَلِيُّ) كَمَا ذُكِرَ ثُمَّ قَالَ زَوَّجْتُك إلَى آخِرِهِ (فَقَالَ الزَّوْجُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ) وَالسَّلَامُ (عَلَى رَسُولِ اللَّهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَبِلْت) إلَى آخِرِهِ (صَحَّ النِّكَاحُ) مَعَ تَخَلُّلِ ذَلِكَ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ مُقَدِّمَةُ الْقَبُولِ مَعَ قَصْرِهِ فَلَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ.
وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْفَاصِلَ لَيْسَ مِنْ الْعَقْدِ، وَصَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ أَقْوَى (بَلْ) عَلَى الصِّحَّةِ (يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (قُلْت: الصَّحِيحُ) وَصَحَّحَهُ فِي الْأَذْكَارِ أَيْضًا (لَا يُسْتَحَبُّ) ذَلِكَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بَلْ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ، وَمَا فِي الْكِتَابِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا نَدْبُهُ بِزِيَادَةِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى، وَأَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي تَصْوِيبِهِ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَاسْتُبْعِدَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ عَدَمَ النَّدْبِ مَعَ عَدَمِ الْبُطْلَانِ خَارِجٌ عَنْ كَلَامِهِمْ.
قَالَ فِي الْأَذْكَارِ: وَيُسَنُّ كَوْنُ الَّتِي أَمَامَ الْعَقْدِ أَطْوَلَ مِنْ خُطْبَةِ الْخِطْبَةِ (فَإِنْ طَالَ الذِّكْرُ الْفَاصِلُ) بَيْنَهُمَا: أَيْ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِحَيْثُ يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْقَبُولِ، وَضَبَطَهُ الْقَفَّالُ بِأَنْ يَكُونَ زَمَنُهُ لَوْ سَكَتَا فِيهِ لَخَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ كَوْنِهِ جَوَابًا، وَالْأَوْلَى ضَبْطُهُ بِالْعُرْفِ (لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ جَزْمًا لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ، وَكَوْنُهُ مُقَدِّمَةً لِلْقَبُولِ لَا يَسْتَدْعِي اغْتِفَارَ طُولِهِ لِأَنَّ الْمُقَدِّمَةَ الَّتِي قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ فَقَطْ فَلَمْ يُغْتَفَرْ طُولُهُ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك فَاسْتَوْصِ بِهَا فَقَبِلَ لَمْ يَصِحَّ صَحِيحٌ، وَالْمُنَازَعَةُ فِيهِ بِأَنَّهُ وَهْمٌ مُفَرَّعَةٌ عَلَى أَنَّ الْكَلِمَةَ فِي الْبَيْعِ مِمَّنْ انْقَضَى كَلَامُهُ لَا تَضُرُّ وَقَدْ مَرَّ رَدُّهُ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ ثُمَّ اشْتِرَاطُ وُقُوعِ الْجَوَابِ مِمَّنْ خُوطِبَ دُونَ نَحْوِ وَكِيلِهِ وَأَنْ يَسْمَعَهُ مَنْ بِقُرْبِهِ وَأَنْ يُقْبَلَ عَلَى وَفْقِ الْإِيجَابِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَهْرِ وَأَنْ يُتِمَّ الْمُبْتَدِي كَلَامَهُ حَتَّى ذَكَرَ الْمَهْرَ وَصِفَاتِهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي مَجِيئُهُ هُنَا.
نَعَمْ فِي اشْتِرَاطِ فَرَاغِهِ مِنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَصِفَاتِهِ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ هَذَا ثُمَّ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَنِ لِأَنَّ ذِكْرَهُ مِنْ الْمُبْتَدِي شَرْطٌ فَهُوَ مِنْ تَمَامِ الصِّيغَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فَاشْتُرِطَ الْفَرَاغُ مِنْهُ، وَلَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَمُقْتَضَاهُ حُرْمَتُهُمَا حِينَئِذٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ حَيْثُ وَقَعَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: السَّابِقَ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: جَاءَكُمْ مُوَكِّلِي) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ لِمُوَكِّلِي فِي الْخِطْبَةِ (قَوْلُهُ: فِي فَتَاتِكُمْ) الْفَتَى الشَّابُّ وَالْفَتَاةُ الشَّابَّةُ وَالْفَتَى أَيْضًا السَّخِيُّ الْكَرِيمُ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: فَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ مُجْبَرَةً. أَمَّا غَيْرُهَا فَتَتَوَقَّفُ الْإِجَازَةُ مِنْ الْوَلِيِّ عَلَى إذْنِهَا لَهُ فِيهَا، فَلَوْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي الْإِجَابَةِ لَمْ يَخْطُبْ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَطَبَ مِنْ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا وَأَجَابَتْ فَهَلْ تُخْطَبُ لِإِجَابَتِهَا، أَوْ لَا لِأَنَّ الْخِطْبَةَ لَا تَلِيقُ بِالنِّسَاءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مُجَرَّدُ الذِّكْرِ بَلْ هَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ آكَدُ مِنْ الْأُولَى) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ مُقَدِّمَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْكِتَابِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ قُلْت الصَّحِيحُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى ضَبْطُهُ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْقَفَّالِ بِمَا ذَكَرَهُ ضَبْطَ الْعُرْفِ فَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: فَقِيلَ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ: وَقَوْلُهُ صَحِيحٌ أَيْ خِلَافًا لحج.
(قَوْلُهُ: لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَهْرِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَالتَّخَالُفُ فِيهِ يُفْسِدُ الْمُسَمَّى فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ دُونَ مَا سَمَّاهُ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ الشَّرْعِيُّ دُونَ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي اشْتِرَاطِ فَرَاغِهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ نَظَرٌ: أَيْ فَيَنْفُذُ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى ضَبْطُهُ بِالْعُرْفِ) وَهُوَ مُرَادُ الْقَفَّالِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ حَيْثُ فَسَّرَهُ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute