للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ الْمَهْرُ فَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ الشِّقِّ الْآخَرِ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ الْمُصَحَّحَةِ وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَصِفَاتِهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي غُنْيَتِهِ بَعْدَ مَا حَكَى عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ: الِاشْتِرَاطَ وَهَذَا الِاشْتِرَاطُ: أَيْ عَدَمُهُ ظَاهِرٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ فِيمَا أَرَاهُ وَهِيَ الْمَذْهَبُ انْتَهَى.

لَكِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ فِي بَابِ الْبَيْعِ بِمُسَاوَاةِ النِّكَاحِ لِلْبَيْعِ فِي ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَعَ تَكَلُّمِ الْمُبْتَدِي لَا يُسَمَّى جَوَابًا فَيَقَعُ لَغْوًا، وَفِيهِ مَا فِيهِ، وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ الْوَلِيِّ قَبْلَ الْعَقْدِ زَوَّجْتُك عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ، وَالدُّعَاءُ لِلزَّوْجِ عَقِبَهُ بِبَارَكَ اللَّهُ لَك وَبَارَكَ عَلَيْك وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِهِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَارَكَ اللَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا فِي صَاحِبِهِ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَذْكَارِ اسْتِحْبَابُ قَوْلِهِ أَيْضًا كَيْفَ وَجَدْت أَهْلَك بَارَكَ اللَّهُ لَك لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ خَرَجَ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَسَلَّمَ فَقَالَتْ: وَعَلَيْك السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، كَيْفَ وَجَدْت أَهْلَك بَارَكَ اللَّهُ لَك، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ كُلِّ نِسَائِهِ، وَكُلٌّ قَالَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ» ، فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُنَّ لَهُ كَيْفَ وَجَدْت أَهْلَك لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نَدْبُهُ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ نَوْعِ اسْتِهْجَانٍ مَعَ الْأَجَانِبِ خُصُوصًا الْعَامَّةَ.

قُلْنَا: هَذَا الِاسْتِفْهَامُ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُجِبْ عَنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ لِلتَّقْرِيرِ: أَيْ وَجَدْتهَا عَلَى مَا تُحِبُّ، وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْدَبَ هَذَا إلَّا لِعَارِفٍ بِالسُّنَّةِ، وَهُوَ بِالرِّفَاءِ بِالْمَدِّ وَالْبَنِينَ مَكْرُوهٌ، وَالْأَخْذُ بِنَاصِيَتِهَا أَوَّلَ لُقْيَاهَا وَيَقُولُ بَارَكَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنَّا فِي صَاحِبِهِ ثُمَّ إذَا أَرَادَ الْجِمَاعَ تَغَطَّيَا بِثَوْبٍ وَقَدَّمَا قَبْلَهُ التَّنْظِيفَ وَالتَّطَيُّبَ وَالتَّقْبِيلَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُنَشِّطُ لَهُ لِلْأَمْرِ بِهِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] أَيْ أُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِزَوْجَتِي كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَقَوْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ أَيِسَ مِنْ الْوَلَدِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقَتْنَا، وَلْيَتَحَرَّ اسْتِحْضَارَ ذَلِكَ بِصِدْقٍ فِي قَلْبِهِ عِنْدَ الْإِنْزَالِ فَإِنَّ لَهُ أَثَرًا بَيِّنًا فِي صَلَاحِ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُكْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَلَوْ بِصَحْرَاءَ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَحَدُهُمَا فِي أَثْنَائِهِ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَيَحْرُمُ ذِكْرُ تَفَاصِيلِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْقَبُولُ قَبْلَ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إلَخْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَاءِ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَصِفَاتِهِ) أَيْ أَوْ قَبْلَ ذِكْرِهِ بِالْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَدَمُهُ) أَيْ لِاشْتِرَاطٍ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ مَا فِيهِ) أَيْ فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ فِي اشْتِرَاطِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ الْوَلِيِّ) أَيْ فَلَا يُطْلَبُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَتَى بِهِ أَجْنَبِيٌّ لَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ وَلَا يَكُونُ جَهْلُ الْوَلِيِّ بِذَلِكَ عُذْرًا فِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ مِنْ الْغَيْرِ بَلْ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ تَعْلِيمُهُ ذَلِكَ حَيْثُ جَهِلَهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْعَقْدِ) أَيْ فَيَقُولُ ذَلِكَ أَوَّلًا ثُمَّ يَذْكُرُ الْإِيجَابَ ثَانِيًا بِالصِّفَةِ السَّابِقَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَخْطُوبَةِ وَالْمَهْرِ مَعَ صِفَتِهِ مِنْ حُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: زَوَّجْتُك) أَيْ أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَك إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَبِلَ الزَّوْجُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ لِلزَّوْجِ) أَيْ مِمَّنْ حَضَرَ سَوَاءٌ الْوَلِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: عَقِبَهُ) أَيْ الْعَقْدِ فَيَطُولُ بِطُولِ الزَّمَنِ عُرْفًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ الْعَقْدَ يُنْدَبُ لَهُ ذَلِكَ إذَا لَقِيَ الزَّوْجَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ لَمْ تَنْتَفِ نِسْبَةُ الْقَوْلِ إلَى التَّهْنِئَةِ عُرْفًا (قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابُ قَوْلِهِ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَيَنْبَغِي لِلزَّوْجِ أَنْ يُجِيبَهُ بِالدُّعَاءِ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ، وَلَا يَنْبَغِي ذِكْرُ أَوْصَافِ الزَّوْجَةِ، بَلْ قَدْ يَحْرُمُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْأَوْصَافُ مِمَّا يُسْتَحَى مِنْ ذِكْرِهَا.

(قَوْلُهُ: كَيْفَ وَجَدْت أَهْلَك) وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّهَا عَلَى ذَلِكَ كَغَيْرِهَا. وَأَمَّا قَوْلُهَا ذَلِكَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهَا، أَوْ أَنَّهَا كَانَتْ فَهِمَتْ اسْتِحْبَابَ ذَلِكَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِطَرِيقٍ مَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ) أَيْ الِاسْتِفْهَامُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالرِّفَاءِ) أَيْ الِالْتِئَامِ: أَيْ أَعْرَسْت بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ كُلٍّ) أَيْ وَيُسْتَحَبُّ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ الْوَلَدِ) أَيْ لِكِبَرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ صِغَرِ السِّنِّ أَوْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَلْيَتَحَرَّ اسْتِحْضَارَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) هَلْ مِنْهُ مَا يُرَغِّبُ الزَّوْجَ فِي الْجِمَاعِ مِمَّا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ حَالَةَ الْوَطْءِ مِنْ الْغُنْجِ مَثَلًا، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْكَرَاهَةُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>