للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرْدُودٌ لِبِنَائِهِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمُجَرَّدِ تَزَوَّجْت مِنْ غَيْرِ نَحْوِ ضَمِيرٍ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ، وَحِينَئِذٍ فَمَا فِي التَّعْلِيقِ صَحِيحٌ لَكِنْ لِخُلُوِّهِ عَنْ ذَلِكَ الْمُوجِبِ لِتَمَحُّضِهِ لِلْإِخْبَارِ بِهِ، أَوْ قَرَّبَهُ مِنْهُ لَا لِلتَّرَدُّدِ الَّذِي ذُكِرَ لِأَنَّ هَذَا إنْشَاءٌ شَرْعًا كَبِعْتُ وَلَا يَضُرُّ فَتْحُ تَاءِ مُتَكَلِّمٍ وَلَوْ مِنْ عَارِفٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ عَدَّهُمْ كَمَا مَرَّ فِي أَنْعَمْت بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِهَا مُخِلًّا لِلْمَعْنَى، لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الصِّيغَةِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ فِي مُحَاوَرَاتِ النَّاسِ، وَلَا كَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ وَإِبْدَالُ الزَّايِ جِيمًا وَعَكْسُهُ وَالْكَافِ هَمْزَةً كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي فَتَاوَى بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ يَصِحُّ أُنْكِحُكَ كَمَا هُوَ لُغَةُ قَوْمٍ مِنْ الْيَمَنِ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا يَضُرُّ زَوَّجْت لَك، أَوْ إلَيْك لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الصِّيغَةِ إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْخَطَإِ فِي الْإِعْرَابِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ انْتَهَى.

وَمُرَادُهُ بِالْخَطَإِ فِي الصِّيغَةِ الصِّلَاتُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ اغْتِفَارِ كُلِّ مَا لَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي صِحَّتُهُ مَعَ نَفْيِ الصَّدَاقِ فَيُعْتَبَرُ لِلُزُومِهِ هُنَا ذِكْرُهُ فِي كُلٍّ مِنْ شِقَّيْ الْعَقْدِ مَعَ تَوَافُقِهِمَا فِيهِ كَتَزَوَّجْتُهَا بِهِ وَإِلَّا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَيَصِحُّ تَقَدُّمُ لَفْظِ الزَّوْجِ) ، أَوْ وَكِيلِهِ سَوَاءٌ قَبِلْت وَغَيْرُهَا (عَلَى) لَفْظِ (الْوَلِيِّ) أَوْ وَكِيلِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَلَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ (إلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوْ الْإِنْكَاحِ) أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا، وَلَا تَكْرَارَ فِي هَذَا مَعَ مَا مَرَّ لِإِبْهَامِ حَصْرِ الصِّحَّةِ فِي تِلْكَ الصِّيَغِ فَيَصِحُّ نَحْوُ أَنَا مُزَوِّجُك إلَى آخِرِهِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ» وَكَلِمَتُهُ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِهِ، وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ سِوَاهُمَا، وَالْقِيَاسُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ فِي النِّكَاحِ ضَرْبًا مِنْ التَّعَبُّدِ فَلَمْ يَصِحَّ بِنَحْوِ لَفْظِ إبَاحَةٍ وَتَمْلِيكٍ وَهِبَةٍ وَجَعْلُهُ تَعَالَى النِّكَاحَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِهِ {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠] صَرِيحٌ وَاضِحٌ فِي ذَلِكَ، وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «مَلَّكْتُكهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافًا) أَيْ فَمَا فِي التَّعْلِيقِ صَحِيحٌ لِمَا بَيَّنَهُ مِنْ أَنَّ التَّنْظِيرَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا فَعَدَمُ الصِّحَّةِ بِتَزَوَّجْتُ فَقَطْ ظَاهِرٌ وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ مُنْدَفِعٌ (قَوْلُهُ فَمَا فِي التَّعْلِيقِ) أَيْ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ الْمُوجِبِ) وَهُوَ الضَّمِيرُ، أَوْ نَحْوُهُ (قَوْلُهُ: الَّذِي ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ عَارِفٍ) خِلَافًا لحج فِي الْعَارِفِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ عَدَمَ الضَّرَرِ هُنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الصِّيغَةِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ) فِي كَوْنِ فَتْحِ تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ الْمُتَعَارَفِ فِي مُحَاوَرَاتِ النَّاسِ وَلَوْ مِنْ الْعَارِفِ نَظَرٌ فَالْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ حَجّ أَمْيَلُ (قَوْلُهُ: وَإِبْدَالُ الزَّايِ جِيمًا) أَيْ لَا يَضُرُّ، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ فِي الْمُرَاجَعَةِ رَاجَعْت زَوْجَتِي لِعَقْدِ نِكَاحِي فَلَا يَضُرُّ، أَوْ قَالَ زَوَّزْتُكَ، أَوْ زَوِّزْنِي (قَوْلُهُ: وَالْكَافُ هَمْزَةً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ عَارِفٍ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لُغَتُهُ وَلَا لُثْغَةَ بِلِسَانِهِ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ أُنْكِحُكَ) وَيَصِحُّ أَيْضًا أُزَوِّجْتُكَ وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ الرَّمْلِيِّ مَا يُوَافِقُهُ، وَوَجْهُهُ أَنْ مَعْنَى أُزَوِّجْتُكَ فُلَانَةَ صَيَّرْتُك زَوْجًا لَهَا، وَهُوَ مُسَاوٍ فِي الْمَعْنَى كَزَوَّجْتُكَهَا، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا مَا يُخَالِفُهُ.

(قَوْلُهُ: وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَحِلُّ (قَوْلُهُ: الصِّلَاتُ) أَيْ وَهِيَ لَك، أَوْ إلَيْك إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ نَفْيِ الصَّدَاقِ) أَوْ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ مَا سَمَّاهُ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ) أَيْ مَعَ تَقَدُّمِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ) وَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِمَا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ إبْدَالِ الزَّايِ جِيمًا وَعَكْسُهُ (قَوْله بِأَمَانَةِ اللَّهِ) أَيْ بِجَعْلِهِنَّ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ كَالْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَلِمَتُهُ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِهِ) أَيْ مِنْ نَحْوِ {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] وَ {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: ٣٧] (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ فِي ذَلِكَ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِتَرَدُّدِهِ إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى، فَقَوْلُهُ وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ مَا قِيلَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا إنْشَاءٌ شَرْعًا) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ إنْشَاءً مَعَ نَحْوِ الضَّمِيرِ وَمُتَمَحِّضًا لِلْأَخْبَارِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ مَعَ عَدَمِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِبْدَالُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>