للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» إمَّا وَهْمٌ مِنْ مَعْمَرٍ كَمَا قَالَهُ النَّيْسَابُورِيُّ لِأَنَّ رِوَايَةَ الْجُمْهُورِ زَوَّجْتُكهَا وَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ الْوَاحِدِ أَوْ رِوَايَةٌ بِالْمَعْنَى لِظَنِّ التَّرَادُفِ، أَوْ جُمِعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ إشَارَةً إلَى قُوَّةِ حَقِّ الزَّوْجِ وَأَنَّهُ كَالْمَالِكِ وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْأَخْرَسِ بِإِشَارَتِهِ الَّتِي لَا يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ، وَكَذَا بِكِتَابَتِهِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَتَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ لِاضْطِرَارِهِ حِينَئِذٍ، وَيُلْحَقُ بِكِتَابَتِهِ فِي ذَلِكَ إشَارَتُهُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ.

(وَيَصِحُّ) عَقْدُ النِّكَاحِ (بِالْعَجَمِيَّةِ) (فِي الْأَصَحِّ) وَهِيَ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ مِنْ سَائِرِ اللُّغَاتِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَإِنْ أَحْسَنَ قَائِلُهَا الْعَرَبِيَّةَ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إعْجَازٌ فَاكْتَفَى بِتَرْجَمَتِهِ.

وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ الْوَارِدِ.

وَالثَّالِثُ إنْ عَجَزَ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَعُدُّهُ أَهْلُ تِلْكَ اللُّغَةِ صَرِيحًا، هَذَا إنْ فَهِمَ كُلٌّ كَلَامَ نَفْسِهِ وَالْآخَرِ.

فَإِنْ فَهِمَهَا ثِقَةٌ دُونَهُمَا فَأَخْبَرَهُمَا بِمَعْنَاهَا فَوَجْهَانِ، رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَنْعَ كَمَا فِي الْعَجَمِيِّ الَّذِي ذَكَرَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَأَرَادَ مَعْنَاهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، قَالَ: وَصُورَتُهُ: أَنْ لَا يَعْرِفَهَا إلَّا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا، فَلَوْ أَخْبَرَهُ بِمَعْنَاهَا قَبْلُ صَحَّ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، وَيُشْتَرَطُ فَهْمُ الشَّاهِدَيْنِ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي.

(لَا بِكِنَايَةٍ) فِي الصِّيغَةِ كَأَحْلَلْتُكَ بِنْتِي فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ (قَطْعًا) وَإِنْ نَوَى بِهَا النِّكَاحَ وَتَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا مَطْلَعَ لِلشُّهُودِ الْمُشْتَرَطِ حُضُورُهُمْ لِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ مِنْهُ عَلَى النِّيَّةِ، وَبِهِ فَارَقَ الْبَيْعَ وَإِنْ شُرِطَ فِيهِ الْإِشْهَادُ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى اقْتِرَانِهَا بِالْعَقْدِ لَا عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ، وَلَوْ اسْتَخْلَفَ قَاضٍ فَقِيهًا فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ اُشْتُرِطَ اللَّفْظُ الصَّرِيحُ، وَلَوْ قَالَ زَوَّجَك اللَّهُ بِنْتِي لَمْ يَصِحَّ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ وَهُوَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَنْعُ الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ بِتَعْلِيمِك إيَّاهَا مَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ وَقَدْ كَانَ مَعْلُومًا لَهُمَا: أَيْ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِكِتَابَتِهِ) ظَاهِره وَلَوْ لِغَائِبٍ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ، قَالَ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ: وَلَا بِكِتَابَةٍ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: فِي غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورٍ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ، قَالَ: بَلْ لَوْ قَالَ لِغَائِبٍ زَوَّجْتُك ابْنَتِي، أَوْ قَالَ زَوَّجْتهَا مِنْ فُلَانٍ ثُمًّ كَتَبَ فَبَلَغَهُ الْكِتَابُ، أَوْ الْخَبَرُ فَقَالَ قَبِلْت لَمْ يَصِحَّ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْأُولَى، وَسَكَتَ عَنْ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْ كَلَامِهِ، إلَى أَنْ فَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْبَيْعِ بِأَنَّهُ أَوْسَعُ بِدَلِيلِ انْعِقَادِهِ بِالْكِنَايَةِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ انْتَهَى.

وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ بِالْكِتَابَةِ لِكَوْنِهَا كِنَايَةً، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْأَخْرَسِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ حَيْثُ صَحَّ عَقْدُ الْأَخْرَسِ بِالْكِتَابَةِ لِلضَّرُورَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِالْحَاضِرِ لِتَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ التَّعْمِيمُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ هَذَا، وَقَدْ يُقَالُ: مَا الْمَانِع مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ يُزَوِّجُهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ إشَارَةٌ صَرِيحَةٌ كَمَا يَتَصَرَّفُ فِي أَمْوَالِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ) أَيْ صِحَّةُ نِكَاحِهِ بِالْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ) أَيْ لِكُلِّ أَحَدٍ، أَمَّا إذَا فَهِمَهَا الْفَطِنُ دُونَ غَيْرِهِ سَاوَتْ الْكِتَابَةَ فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَتَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ التَّوْكِيلُ بِالْكِتَابَةِ، أَوْ الْإِشَارَةِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ تَعَيَّنَ لِصِحَّةِ نِكَاحِهِ تَوْكِيلُهُ، وَهُوَ قَرِيبٌ لِأَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً أَيْضًا فَهِيَ فِي التَّوْكِيلِ وَهُوَ يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: إشَارَتُهُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا إلَخْ) أَيْ فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ بِهَا لِلضَّرُورَةِ حَيْثُ تَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ النِّكَاحَ لَفْظٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) أَيْ عُرْفًا بِالْإِخْبَارِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (قَوْلُهُ فَهْمُ الشَّاهِدَيْنِ ذَلِكَ) أَيْ مَا أَتَى بِهِ الْعَاقِدَانِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا مَطْلَعَ) أَيْ اطِّلَاعَ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ نَوَيْت (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ اللَّفْظُ الصَّرِيحُ) أَيْ فِي الِاسْتِخْلَافِ بِأَنْ يَقُولَ اسْتَخْلَفْتُك أَوْ أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِ فُلَانَةَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ زَوَّجَك اللَّهُ بِنْتِي لَمْ يَصِحَّ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلَى فَتْحِ تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا فِيمَا إذَا لَمْ يَقُلْ لِلْمُتَأَخِّرِ إلَّا بَعْدَ لَفْظِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ قَالَ بَعْدَ الْعَقْدِ بِالْكِنَايَةِ نَوَيْت بِمَا قُلْته النِّكَاحَ

(قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ اللَّفْظُ الصَّرِيحُ) أَيْ فِي الِاسْتِخْلَافِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>