للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ وَإِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعَبَّادِيِّ مَا يَقْتَضِي صَرَاحَتَهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا فِي الصِّيغَةِ الْكِنَايَةُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَبُو بَنَاتٍ زَوَّجْتُك إحْدَاهُنَّ أَوْ بِنْتِي، أَوْ فَاطِمَةَ وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً وَلَوْ غَيْرَ الْمُسَمَّاةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصِّيغَةَ هِيَ الْمُحَلِّلَةُ فَاحْتِيطَ لَهَا أَكْثَرُ، وَلَا يَكْفِي زَوَّجْت ابْنَتِي أَحَدَكُمَا مُطْلَقًا (وَلَوْ قَالَ) الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُك) إلَى آخِرِهِ (فَقَالَ) الزَّوْجُ (قَبِلْت) مُطْلَقًا، أَوْ قَبِلْته وَلَوْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ عَلَى مَا مَرَّ (لَمْ يَنْعَقِدْ) النِّكَاحُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِانْتِفَاءِ لَفْظِ النِّكَاحِ، أَوْ التَّزْوِيجِ كَمَا مَرَّ، وَفِي قَوْلٍ يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى مَا أَوْجَبَهُ الْوَلِيُّ فَإِنَّهُ كَالْمُعَادِ لَفْظًا كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ، وَفَارَقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْقَبُولَ وَإِنْ انْصَرَفَ إلَى مَا أَوْجَبَهُ الْبَائِعُ إلَّا أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْكِنَايَاتِ وَالنِّكَاحُ لَا يَنْعَقِدُ بِهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَقِيلَ بِالْمَنْعِ قَطْعًا، وَقِيلَ بِالصِّحَّةِ قَطْعًا (وَلَوْ) (قَالَ) الزَّوْجُ لِلْوَلِيِّ (زَوِّجْنِي بِنْتَك فَقَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُك) بِنْتِي إلَى آخِرِهِ (أَوْ) (قَالَ الْوَلِيُّ) لِلزَّوْجِ (تَزَوَّجْتهَا) أَيْ بِنْتِي (فَقَالَ) الزَّوْجُ (تَزَوَّجْت) هَا إلَى آخِرِهِ (صَحَّ) النِّكَاحُ فِيهِمَا بِمَا ذُكِرَ لِلِاسْتِدْعَاءِ الْجَازِمِ الدَّالِّ عَلَى الرِّضَا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ خَاطِبَ الْوَاهِبَةِ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ زَوَّجْتُكهَا» وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ تَزَوَّجْتهَا وَلَا غَيْرَهُ، وَخَرَجَ بِزَوِّجْنِي: تُزَوِّجُنِي أَوْ زَوَّجْتنِي وَتَتَزَوَّجُهَا مِنِّي فَلَا يَصِحُّ لِانْتِفَاءِ الْجَزْمِ، نَعَمْ إنْ قَبِلَ، أَوْ أَوْجَبَ ثَانِيًا صَحَّ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا قُلْ تَزَوَّجْتهَا، أَوْ زَوَّجْتهَا لِأَنَّهُ اسْتِدْعَاءٌ لِلَّفْظِ دُونَ التَّزْوِيجِ، وَلَا زَوَّجْت نَفْسِي، أَوْ ابْنِي مِنْ بِنْتِك لِأَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ وَإِنْ أُعْطِيَ حُكْمَهُ فِي نَحْوِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ مَعَ النِّيَّةِ.

(وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) فَيَفْسُدُ بِهِ كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى لِمَزِيدِ الِاحْتِيَاطِ هُنَا، وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ، أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ، أَوْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى صَحَّ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْوُضُوءِ (وَلَوْ) (بُشِّرَ) شَخْصٌ (بِوَلَدٍ فَقَالَ) لِمَنْ عِنْدَهُ هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ لِجَلِيسِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ طَلَّقَك اللَّهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ، لِأَنَّ مَا لَا يَنْفُذُ مِنْ الشَّخْصِ مُنْفَرِدًا إذَا أَضَافَهُ إلَى اللَّهِ كَانَ كِنَايَةً، وَمَا يَنْفُذُ مِنْهُ مُنْفَرِدًا يَكُونُ صَرِيحًا (قَوْلُهُ: وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبَقِيَ مَا لَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الزَّوْجَةُ مَعَ الزَّوْجِ فِي أَنَّهَا الْمُسَمَّاةُ بِأَنْ قَالَتْ لَسْت الْمُسَمَّاةَ وَقَالَ الشُّهُودُ بَلْ أَنْتِ الْمُسَمَّاةُ فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِقَوْلِهَا أَوْ بِقَوْلِ الشُّهُودِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ قَالَتْ لَسْت الْمُسَمَّاةَ فِي الْعَقْدِ وَقَالَ الشُّهُودُ بَلْ أَنْتِ الْمَقْصُودَةُ بِالتَّسْمِيَةِ، وَإِنَّمَا الْوَلِيُّ سَمَّى غَيْرَك فِي الْعَقْدِ غَلَطًا وَوَافَقَهُمَا الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ، فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِقَوْلِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّكَاحِ أَوْ الْعِبْرَةِ بِقَوْلِ الشُّهُودِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْغَلَطِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي زَوَّجْت ابْنَتِي أَحَدَكُمَا مُطْلَقًا) نَوَى الْوَلِيُّ مُعَيَّنًا مِنْهُمَا أَوْ لَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ زَوَّجْتُك إحْدَى بَنَاتِي وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً حَيْثُ صَحَّ ثُمَّ لَا هُنَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الزَّوْجِ الْقَبُولُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَى قَبُولِهِ الْمُوَافِقِ لِلْإِيجَابِ وَالْمَرْأَةُ لَيْسَ الْعَقْدُ وَالْخِطَابُ مَعَهَا وَالشَّهَادَةُ تَقَعُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْوَلِيُّ فَاغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَيْعِ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّ قَبِلْت كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ فَيَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَقَضِيَّةُ مَا فِي الْبَيْعِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِهِ) أَيْ فُلَانَةَ (قَوْلُهُ:، أَوْ زَوَّجْتهَا) أَيْ فَلَا يُغْنِي وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ أَمَّا الْكِنَايَةُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَخْ وَمِثْلُ الزَّوْجَةِ الزَّوْجُ إذَا نَوَيَا مُعَيَّنًا بِأَنْ قَالَ زَوِّجْ بِنْتَك ابْنِي، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي زَوَّجْت ابْنِي مِنْ بِنْتِك

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَلَا تَكْفِي الْكِنَايَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ

(قَوْلُهُ: لِمَنْ عِنْدَهُ) لَا خَفَاءَ أَنَّهُ مُسَاوٍ لِقَوْلِ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ لِجَلِيسِهِ لَا أَشْمَلَ مِنْهُ وَإِنْ أَفَادَهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ هُنَا وَالْعِبَارَةُ الْأُولَى لِلتُّحْفَةِ، وَقَدْ رَاعَى فِيهَا مَا رَاعَاهُ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ مِمَّا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَا فَكَانَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>