للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِإِتْيَانِ الْمُصَنِّفِ بِالْفَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعْقِيبِ فِي قَوْلِهِ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا (إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا) فَقَبِلَ وَبَانَتْ أُنْثَى (أَوْ) (قَالَ) شَخْصٌ لِآخَرَ (إنْ كَانَتْ بِنْتِي طَلُقَتْ وَاعْتَدَّتْ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا) فَقَبِلَ ثُمَّ بَانَ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا وَأَنَّهَا أَذِنَتْ لَهُ، أَوْ قَالَ لِمَنْ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ إنْ كَانَتْ إحْدَاهُنَّ مَاتَتْ زَوَّجْتُك بِنْتِي فَقَبِلَ (فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) لِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِالتَّعْلِيقِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ أَوْ زَوَّجَ أَمَتِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا حِينَ الْبَيْعِ، أَوْ التَّزْوِيجِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بَيْنَهُمَا بِجَزْمِ الصِّيغَةِ هُنَاكَ وَخَرَجَ بِوَلَدٍ مَا لَوْ بُشِّرَ بِأُنْثَى فَقَالَ بَعْدَ تَيَقُّنِهِ أَوْ ظَنِّهِ صِدْقَ الْمُخْبِرِ إنْ صَدَقَ الْمُخْبِرُ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ غَيْرُ تَعْلِيقٍ بَلْ تَحْقِيقٌ لِأَنَّ إنْ هُنَا بِمَعْنَى إذْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥] كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَا: وَيَجِبُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا تَيَقَّنَ صِدْقَ الْمُخْبِرِ وَإِلَّا فَلَفْظُ إنْ لِلتَّعْلِيقِ وَتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ السُّبْكِيُّ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّ كَوْنِ التَّعْلِيقِ مَانِعًا إذَا كَانَ لَيْسَ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَيَنْعَقِدُ، فَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُك ابْنَتِي إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَكَانَتْ غَائِبَةً وَتَحَدَّثَ بِمَرَضِهَا، أَوْ ذَكَرَ مَوْتَهَا، أَوْ قَتْلَهَا وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ يَصِحُّ مَعَهُ الْعَقْدُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إنْ هُنَا لَيْسَتْ بِمَعْنَى إذْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالنَّظَرُ لِأَصْلِ بَقَاءِ الْحَيَاةِ لَا يَلْحَقُهُ بِتَيَقُّنِ الصِّدْقِ فِيمَا مَرَّ، وَبَحَثَ غَيْرُهُ الصِّحَّةَ فِي إنْ كَانَتْ فُلَانَةُ مُوَلِّيَتِي فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا وَفِي زَوَّجْتُك إنْ شِئْت كَالْبَيْعِ إذْ لَا تَعْلِيقَ فِي الْحَقِيقَةِ اهـ.

وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا مُوَلِّيَتُهُ.

وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرِدْ التَّعْلِيقَ وَلَا يُقَاسُ بِالْبَيْعِ كَمَا تَقَرَّرَ.

(وَلَا) (تَوْقِيتُهُ) بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، أَوْ مَجْهُولَةٍ فَيَفْسُدُ لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَجَازَ أَوَّلًا رُخْصَةً لِلْمُضْطَرِّ ثُمَّ حَرُمَ عَامَ خَيْبَرَ ثُمَّ جَازَ عَامَ الْفَتْحِ وَقَبْلَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، ثُمَّ حَرُمَ أَبَدًا بِالنَّصِّ الصَّرِيحِ الَّذِي لَوْ بَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى حِلِّهَا مُخَالِفًا كَافَّةَ الْعُلَمَاءِ، وَمَا حُكِيَ عَنْهُ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ بَلْ صَحَّ عَنْ جَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُمْ وَافَقُوهُ فِي الْحِلِّ لَكِنْ خَالَفُوهُ فَقَالُوا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ النِّكَاحِ، وَبِهَذَا نَازَعَ الزَّرْكَشِيُّ فِي حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ فَقَالَ الْخِلَافُ مُحَقَّقٌ وَإِنْ ادَّعَى جَمْعٌ نَفْيَهُ، وَكَذَا لُحُومُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ حُرِّمَتْ مَرَّتَيْنِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ صِحَّتَهُ عِنْدَ تَوْقِيتِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ) أَيْ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ فَرْضُهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ لِأَنَّ إنْ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ لَيْسَتْ بِمَعْنَى إذْ، بِخِلَافِهَا فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهَا بِمَعْنَاهَا لِتَيَقُّنِ صِدْقِ الْمُخْبِرِ.

أَمَّا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَالشَّكُّ مَنَعَ مِنْ حَمْلِهَا عَلَى مَعْنَى إذْ وَأَوْجَبَ اسْتِعْمَالَهَا لِلتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ فُلَانَةَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ شِئْت (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ مَزِيدِ الِاحْتِيَاطِ هُنَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَوْقِيتُهُ) أَيْ حَيْثُ وَقَعَ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَمَّا لَوْ تَوَافَقَا عَلَيْهِ قَبْلُ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لَهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَضُرَّ لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ) أَيْ التَّوْقِيتُ (قَوْلُهُ: مُخَالِفًا كَافَّةَ الْعُلَمَاءِ) أَيْ وَلَا يُحَدُّ مَنْ نَكَحَ بِهِ لِهَذِهِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: حُرِّمَتْ مَرَّتَيْنِ) وَمِمَّا تَقَرَّرَ نَسْخُهُ أَيْضًا الْقِبْلَةُ وَالْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فَقَالَ:

ــ

[حاشية الرشيدي]

الشَّارِحِ أَنْ يُعَبِّرَ بِمَا هُوَ أَعَمُّ ثُمَّ يَقُولَ: وَإِنَّمَا قَالَ الشَّارِحُ لِجَلِيسِهِ لِإِتْيَانِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا) صَوَابُهُ فِي قَوْلِهِ فَقَالَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَيَقُّنِهِ أَوْ ظَنِّهِ صِدْقَ الْمُخْبِرِ) لَيْسَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَإِنْ أَفَادَهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ، بَلْ هُوَ تَقْيِيدٌ مِنْ الشَّيْخَيْنِ لِهَذَا الْمَنْقُولِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ قَالَا فَيَجِبُ فَرْضُهُ إلَخْ الْمُقَيَّدُ لِنَقِيضِ مَا أَفَادَهُ هَذَا الصَّنِيعُ، فَكَانَ الْأَصْوَبُ حَذْفَ قَوْلِهِ بَعْدَ تَيَقُّنِهِ إلَخْ لِيَتَأَتَّى قَوْله ثُمَّ قَالَا إلَخْ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ حَذْفِ قَوْلِهِ ثُمَّ قَالَا إلَخْ، وَالْإِتْيَانُ بِأَيٍّ التَّفْسِيرِيَّةِ قَبْلَ قَوْلِهِ بَعْدَ تَيَقُّنِهِ إلَخْ لِيُفِيدَ أَنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لَهُ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ الِاحْتِيَاطِ هُنَا

(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ مُوَافَقَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>