للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَقْدِ تَبَيُّنُهُ قَبْلَهُ.

نَعَمْ تَبَيُّنُهُ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ كَتَبَيُّنِهِ عِنْدَهُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي هُوَ صَحِيحٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْنِ اكْتِفَاءً بِالسَّتْرِ يَوْمَئِذٍ (وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ) الْفِسْقُ، أَوْ غَيْرُهُ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ حَيْثُ سَاغَ لَهُ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ فَيَلْزَمُهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ لَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْهِ مَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ يَرَاهُ بِصِحَّتِهِ، أَوْ (بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ بِهِ مُفَسِّرًا سَوَاءٌ أَكَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا أَوْ مَسْتُورًا، وَكَوْنُ السَّتْرِ يَزُولُ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ بِالْفِسْقِ وَلَوْ غَيْرَ مُفَسِّرٍ مَحَلَّهُ فِيمَا قَبْلَ الْعَقْدِ، بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ لِانْعِقَادِهِ ظَاهِرًا فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ مُبْطِلِهِ (أَوْ اتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ) عَلَى فِسْقِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ سَوَاءٌ أَعَلِمَا بِهِ عِنْدَهُ أَمْ بَعْدَهُ مَا لَمْ يُقِرَّا قَبْلُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَنَّهُ بِعَدْلَيْنِ وَيَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَلْتَفِتْ لِاتِّفَاقِهِمَا: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ لَا لِتَقْرِيرِ النِّكَاحِ.

وَذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ بَحْثًا عَدَمُ قَبُولِ إقْرَارِ السَّفِيهِ فِي إبْطَالِ مَا ثَبَتَ لَهَا مِنْ الْمَالِ وَمِثْلُهَا الْأَمَةُ، ثُمَّ مَحَلُّ بُطْلَانِهِ بِاتِّفَاقِهِمَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِمَا دُونَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَوَافَقَا وَأَقَامَا أَوْ الزَّوْجُ بَيِّنَةً بِفَسَادِ النِّكَاحِ بِذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِهِ لَمْ يُلْتَفَتْ لِذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ التَّحْلِيلِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَرْتَفِعُ بِذَلِكَ.

قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَلِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْعَقْدِ يَقْتَضِي اعْتِرَافَهُ بِاسْتِجْمَاعِ مُعْتَبَرَاتِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ وَالْحَوَالَةِ، وَقَضِيَّتُهُ سَمَاعُهَا مِمَّنْ زَوَّجَهُ وَلِيُّهُ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ، وَبِهِمَا عُلِمَ ضَعْفُ قَوْلِ الزَّبِيلِيِّ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إنْ بَيَّنَتْ السَّبَبَ وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهِ.

نَعَمْ إنْ عَلِمَا الْمُفْسِدَ جَازَ لَهُمَا الْعَمَلُ بِقَضِيَّتِهِ بَاطِنًا، لَكِنْ إذَا عَلِمَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ: تَبَيَّنَهُ قَبْلَهُ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: كَتَبَيُّنِهِ عِنْدَهُ) فَيَضُرُّ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الشَّاهِدِ دُونَ الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ عَقْدِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ مُضِيُّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ سَاغَ لَهُ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ: تَشْهَدُ بِهِ مُفَسَّرًا) أَيْ وَقْتَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لَا لِتَقْرِيرِ النِّكَاحِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَوْلُهُ وَلِأَنَّ إقْدَامَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَلِمَا الْمُفْسِدَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهِ) وَبَيِّنَتُهَا إذَا أَرَادَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ مَهْرَ الْمِثْلِ وَكَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى حَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا إقْرَارٌ بِصِحَّتِهِ، وَبِهَذَا يُرَدُّ بَحْثُ الْغَزِّيِّ إطْلَاقَ قَبُولِ بَيِّنَتِهَا، وَعَلَيْهِ لَوْ أُقِيمَتْ لِذَلِكَ وَحُكِمَ بِفَسَادِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ مَا وَجَبَ مِنْ التَّحْلِيلِ لِمَا عُلِمَ مِنْ تَبْعِيضِ الْأَحْكَامِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَتَبَيُّنِهِ عِنْدَهُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي الْوَلِيِّ الَّذِي زَادَهْ عَلَى الْمَتْنِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا تَابَ زُوِّجَ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: هُوَ شَامِلٌ لِمَا مَثَّلَ بِهِ فِيمَا سَبَقَ لِلْغَيْرِ بِقَوْلِهِ كَصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ فَانْظُرْ مَا أَفَادَهُ الْحَصْرُ هُنَا مَعَ قَوْلِهِ هُنَاكَ وَقَدْ عُهِدَ أَوْ أَثْبَتَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقِرَّ قَبْلُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَنَّهُ بِعَدْلَيْنِ إلَخْ) هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْقُوتِ لِلْأَذْرَعِيِّ، لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ بِالنِّسْبَةِ لِاتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ وَبِالنِّسْبَةِ لِاعْتِرَافِ الزَّوْجِ الْآتِي فِي الْمَتْنِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الشِّقِّ الثَّانِي خِلَافًا لِمَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ كَابْنِ حَجّ مِنْ تَأَتِّيهِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ بَلْ قَصَرَهُ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ اسْتَشْكَلَهُ الْمُحَقِّقُ سم بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَةَ مُعْتَرِفَةٌ بِسُقُوطِ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ فَكَيْفَ تَثْبُتُ لَهَا، وَعِبَارَةُ الْقُوتِ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بِبُطْلَانِهِ بِتَصَادُقِهِمَا عَلَى فِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بَيْنَ أَنَّهُ سَبَقَ مِنْهُمَا إقْرَارٌ بِعَدَالَتِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ أَمْ لَا حُكِمَ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ أَمْ لَا. ثُمَّ سَاقَ كَلَامًا لِلْمَاوَرْدِيِّ صَرِيحًا فِي خِلَافِ ذَلِكَ وَقَالَ عَقِبه: وَقَدْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ: يَعْنِي الْمَاوَرْدِيَّ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَوَّلًا بِصِحَّتِهِ ثُمَّ ادَّعَى سَفَهَ الْوَلِيِّ وَفِسْقَ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ يُلْزَمُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ حَتَّى يُقِرَّ عَلَيْهِ لَوْ أَرَادَهُ وَيَلْغُو اعْتِرَافُهُ اللَّاحِقُ لِأَجْلِ إقْرَارِهِ السَّابِقِ

وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِمَا تَضْمَنَّهُ إقْرَارُهُ السَّابِقُ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ نَفَقَةٍ وَمَهْرٍ وَغَيْرِهِمَا لَا أَنَّا نُقِرُّهُمَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَالضَّمَائِرُ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ يُلْزَمُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ حَتَّى يُقِرَّ عَلَيْهِ إلَخْ إنَّمَا هِيَ لِلزَّوْجِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَأَقَامَا أَوْ الزَّوْجُ بَيِّنَةً إلَخْ) أَيْ وَاتَّفَقَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>