كَابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ الْحَاكِمَ اُعْتُبِرَتْ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ قَطْعًا لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهَا عَلَيْهِ بِمُرَاجَعَةِ الْمُزَكِّينَ، وَصَحَّحَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ عَدَمَ الْفَرْقِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، إذْ مَا طَرِيقُهُ الْمُعَامَلَةُ يَسْتَوِي فِيهِ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَأَى مَالًا بِيَدِ مُتَصَرِّفٍ فِيهِ بِلَا مُنَازِعٍ جَازَ لَهُ كَغَيْرِهِ شِرَاؤُهُ مِنْهُ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ، وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ طَلَبُ الْحُجَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ طَلَبَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ بِأَيْدِيهِمْ مَالٌ لَا مُنَازِعَ لَهُمْ فِيهِ قِسْمَتَهُ بَيْنَهُمْ لَمْ يُجِبْهُمْ إلَّا إنْ أَثْبَتُوا عِنْدَهُ أَنَّهُ مِلْكُهُمْ لِئَلَّا يَحْتَجُّوا بَعْدَ قِسْمَتِهِ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُمْ أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى الْعَقْدَ إلَّا بِحَضْرَةِ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ عَدَالَتُهُمَا وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ بَلْ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ، فَلَوْ عَقَدَ بِمَسْتُورَيْنِ فَبَانَا عَدْلَيْنِ صَحَّ، أَوْ عَقَدَ غَيْرُهُ بِهِمَا فَبَانَا فَاسِقَيْنِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَوْ اخْتَصَمَ زَوْجَانِ أَقَرَّا عِنْدَهُ بِنِكَاحٍ بَيْنَهُمَا بِمَسْتُورَيْنِ فِي نَفَقَةٍ حَكَمَ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَعْلَمْ فِسْقَ الشَّاهِدِ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا فِي تَابِعٍ بِخِلَافِهِ فِيمَا قَبْلَهُمَا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ، وَصَرِيحُ كَلَامِ الْحَنَّاطِيِّ يُفِيدُ عَدَمَ لُزُومِ الزَّوْجِ الْبَحْثَ عَنْ حَالِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ، وَإِيجَابُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ ذَلِكَ لِامْتِنَاعِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ مَعَ الشَّكِّ فِي شَرْحِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مَا عُلِّلَ بِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الشَّكِّ فِي الزَّوْجَيْنِ فَقَطْ لِمَا مَرَّ أَنَّهُمَا الْمَقْصُودَانِ بِالذَّاتِ فَاحْتِيطَ لَهُمَا أَكْثَرُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا فَجَازَ الْإِقْدَامُ عَلَى الْعَقْدِ حَيْثُ ظُنَّ وُجُودُ شُرُوطِهِ، ثُمَّ إنْ بَانَ خِلَافُ مَا ظُنَّ بَانَ فَسَادُ النِّكَاحِ وَإِلَّا فَلَا، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا يَنْعَقِدُ بِحُضُورِهِمَا لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِهِ بِهِمَا (لَا مَسْتُورَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَلَوْ مَعَ ظُهُورِهِمَا بِالدَّارِ بِأَنْ يَكُونَا بِمَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ وَالْأَحْرَارُ بِالْعَبِيدِ وَلَا غَالِبَ، أَوْ يَكُونَا ظَاهِرَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ بِالدَّارِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِهِ فِيهِمَا بَاطِنًا لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى الْبَاطِنِ فِيهِمَا، وَكَذَا الْبُلُوغُ وَنَحْوُهُ مِمَّا مَرَّ.
نَعَمْ إنْ بَانَ مُسْلِمًا، أَوْ حُرًّا، أَوْ بَالِغًا مَثَلًا بَانَ انْعِقَادُهُ كَمَا لَوْ بَانَ الْخُنْثَى ذَكَرًا.
(وَلَوْ) (بَانَ فِسْقُ) الْوَلِيِّ، أَوْ (الشَّاهِدِ) أَوْ غَيْرُهُ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ كَجُنُونٍ، أَوْ إغْمَاءٍ، أَوْ صِغَرٍ ادَّعَاهُ وَارِثُهُ، أَوْ وَارِثُهَا وَقَدْ عُهِدَ، أَوْ أَثْبَتَهُ (عِنْدَ الْعَقْدِ) (فَبَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ بَانَا كَافِرَيْنِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَخَرَجَ بِعِنْدَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: إذْ مَا طَرِيقُهُ الْمُعَامَلَةُ) أَيْ مُعَامَلَتُهُ مُعَامَلَةَ غَيْرِهِ كَمَا هُنَا فَإِنَّهُ عُومِلَ فِيهِ الْمَسْتُورُ مُعَامَلَةَ مَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ إذْ مَا طَرِيقُهُ الْمُعَامَلَةُ: أَيْ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْمَسْتُورَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَأَى) أَيْ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ لَوْ طَلَبَ مِنْهُ: أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى الْعَقْدَ) أَيْ عَقْدَ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ إلَّا بِحَضْرَةِ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ: أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْلَمْ فِسْقَ الشَّاهِدِ) أَيْ فَإِنْ عَلِمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ ظُهُورِهِمَا) أَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ:، أَوْ وَارِثُهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لَا تُسْمَعُ
[حاشية الرشيدي]
بِالْمَسْتُورِ كَمَا قَدَّمَهُ قَبْلَهُ، وَلَعَلَّهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ ظَاهِرِ الْفِسْقِ وَغَيْرِ ظَاهِرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَصَمَ زَوْجَانِ إلَخْ) هَذَا لَا مَوْقِعَ لَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي إيرَادِهِ لِلشِّهَابِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا أَوْرَدَهُ لِاخْتِيَارِهِ قَبْلَهُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ مَحَلُّ اعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاكِمِ فِي الْحُكْمِ الْوَاقِعِ قَصْدًا بِخِلَافِ الْوَاقِعِ تَبَعًا، وَأَمَّا الشَّارِحُ فَحَيْثُ اخْتَارَ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ وَأَنَّهُ يَكْفِي الْمَسْتُورُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ الْحَاكِمَ فَلَا يَبْقَى لِإِيرَادِ هَذَا فِي كَلَامِهِ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْمَسْتُورَ إذَا كَفَى فِيمَا وَقَعَ قَصْدًا فَفِيمَا وَقَعَ تَبَعًا أَوْلَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَا بِمَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِمَا قَبْلَ الْغَايَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَكُونَا ظَاهِرَيْ الْإِسْلَامِ إلَخْ مِثَالٌ لِلْغَايَةِ
(قَوْلُهُ: كَجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ صِغَرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ ادَّعَاهُ، فَقَدَّمَ الشَّارِحُ الْجُنُونَ مَعَ أَنَّ ضَمِيرَ عُهِدَ إنَّمَا يَرْجِعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُقَالُ فِيهِ عُهِدَ، وَأَمَّا الصِّغَرُ فَإِنَّمَا يُقَالُ فِيهِ أَمْكَنَ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي عِبَارَاتِهِمْ، وَيَجُوزُ أَنَّهُ جَعَلَ عُهِدَ وَصْفًا لَهُمَا تَغْلِيبًا وَمَعْنَاهُ فِي الصِّغَرِ أَمْكَنُ (قَوْلُهُ: ادَّعَاهُ وَارِثُهُ أَوْ وَارِثُهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute