كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ عَلَى مُخَالِفٍ نَقْضُهُ، أَمَّا الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ فَلَا حَدَّ فِيهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَسَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي بَابِ الزِّنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ بِالنِّكَاحِ) عَلَى مُوَلِّيَتِهِ (إنْ اسْتَقَلَّ) حَالَةَ الْإِقْرَارِ (بِالْإِنْشَاءِ) وَهُوَ الْمُجْبِرُ مِنْ أَبٍ، أَوْ جَدٍّ، أَوْ قَاضٍ فِي مَجْنُونَةٍ بِشَرْطِهَا الْآتِي وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ الْبَالِغَةُ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ غَالِبًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِلًّا لِانْتِفَاءِ إجْبَارِهِ حَالَةَ الْإِقْرَارِ، كَأَنْ ادَّعَى وَهِيَ ثَيِّبٌ أَنَّهُ زَوَّجَهَا حِينَ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ لِانْتِفَاءِ كَفَاءَةِ الزَّوْجِ (فَلَا) يُقْبَلُ لِعَجْزِهِ عَنْ الْإِنْشَاءِ دُونَ إذْنِهَا.
(وَيُقْبَلُ) (إقْرَارُ الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ) وَلَوْ سَفِيهَةً فَاسِقَةً سَكْرَانَةَ بِكْرًا، أَوْ ثَيِّبًا (بِالنِّكَاحِ) مِنْ زَوْجٍ صَدَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ غَيْرَ كُفْءٍ (عَلَى الْجَدِيدِ) وَإِنْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ وَشُهُودٌ عَيَّنَتْهُمْ، أَوْ أَنْكَرَ الْوَلِيُّ الرِّضَا بِدُونِ الْكُفْءِ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِمْ وَلِأَنَّهُ حَقُّهُمَا فَلَمْ يُؤَثِّرْ إنْكَارُ الْغَيْرِ لَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِهَا الْإِقْرَارَ فَتَقُولُ زَوَّجَنِي مِنْهُ وَلِيِّي بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ وَرِضَايَ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِإِقْرَارِهَا الْمُطْلَقِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي إقْرَارٍ وَقَعَ فِي جَوَابِ دَعْوَى لِأَنَّ تَفْصِيلَهَا يُغْنِي عَنْ تَفْصِيلِهِ، وَمَا هُنَا فِي إقْرَارٍ مُبْتَدَإٍ، وَلَوْ أَقَرَّ الْمُجْبِرُ لِوَاحِدٍ وَهِيَ لِآخَرَ قُدِّمَ السَّابِقُ، فَإِنْ وَقَعَا مَعًا قُدِّمَ إقْرَارُهَا كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ لِتَعَلُّقِ ذَلِكَ بِبَدَنِهَا وَحَقِّهَا، وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِيمَا إذَا اُحْتُمِلَ الْحَالَانِ احْتِمَالَانِ فِي الْمَطْلَبِ أَوْجَهُهُمَا الْوَقْفُ إنْ رُجِيَ الظُّهُورُ وَإِلَّا بَطَلَ، وَكَذَا لَوْ عُلِمَ السَّبْقُ دُونَ عَيْنِ السَّابِقِ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْقِنُّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَلَا تَعْزِيرَ حَيْثُ حُكِمَ بِصِحَّتِهِ وَيُحَدُّ حَيْثُ حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ) أَيْ بِأَنْ زَوَّجَتْهُ نَفْسَهَا بِدُونِ ذَلِكَ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَكَذَا الْوَطْءُ لِأَنَّ هَذَا مُشَارِكٌ لِمَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قَسِيمًا لَهُ (قَوْلُهُ فَلَا حَدَّ فِيهِ) أَيْ وَيَأْثَمُ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) أَيْ لِقَوْلِ دَاوُد بِصِحَّتِهِ وَإِنْ حَرُمَ تَقْلِيدُهُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِشَرْطِهِ عِنْدَهُ.
(قَوْلُهُ: بِشَرْطِهَا الْآتِي) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُحْتَاجَةً عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ غَالِبًا) أَيْ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: دُونَ إذْنِهَا) أَيْ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ زَوَّجَهَا بِإِذْنِهَا وَأَنْكَرَتْ الْإِذْنَ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ زَوْجٍ) أَيْ وَلَوْ سَفِيهًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَبَحَثَ بَعْضٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ السَّفِيهِ مِنْ تَصْدِيقِ وَلِيِّهِ (قَوْلُهُ: صَدَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ وَإِذَا لَمْ يُصَدِّقْهَا فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ حَالًا، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ، وَقَالَ الْقَفَّالُ لَا، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ آخِرَ الطَّلَاقِ اعْتِبَارًا بِقَوْلِهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا، وَطَرِيقُ حِلِّهَا أَنْ يُطَلِّقَهَا اهـ.
وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ حَجّ. وَهَلْ رُجُوعُهَا عَنْ الْإِقْرَارِ كَالطَّلَاقِ اهـ سم عَلَيْهِ.
أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالطَّلَاقِ فَتُزَوَّجُ حَالًا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِمْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَعُدَ ذَلِكَ عَادَةً بِقُرْبِ الْمُدَّةِ جِدًّا كَأَنْ ادَّعَتْهُ مِنْ أَمْسٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَفْصِيلَهَا) أَيْ الدَّعْوَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ لِآخَرَ قُدِّمَ السَّابِقُ) أَيْ الْآنَ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَإِنْ أَسْنَدَ الْآخَرُ التَّزْوِيجَ إلَى تَارِيخٍ مُتَقَدِّمٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ نِسْبَتَهُ وَإِقْرَارَهُ يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ الْآنَ، فَإِذَا حَضَرَ الثَّانِي وَادَّعَى خِلَافَهُ كَانَ مُرِيدًا لِرَفْعِ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ وَمَا حُكِمَ بِثُبُوتِهِ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: فِي تَدْرِيبِهِ) أَيْ مُخَالِفًا فِيهِ لِمَا صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِهِ مِنْ بُطْلَانِ نِكَاحِهِمَا وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا إذَا اُحْتُمِلَ الْحَالَانِ) أَيْ فِي سَبْقٍ وَعَدَمِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ احْتِمَالَانِ صَحَّ أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ كَالْمَعِيَّةِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي نِكَاحِ اثْنَيْنِ أَنَّهُ مِثْلُهَا اهـ حَجّ.
وَهَذِهِ هِيَ الْأَقْرَبُ لِقُوَّةِ جَانِبِ الْمَرْأَةِ بِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهَا (قَوْلُهُ: دُونَ عَيْنِ السَّابِقِ) بَقِيَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَلَا تَعْزِيرَ. وَأَمَّا إذَا حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ وَكَذَا الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ كَالْمَعِيَّةِ) كَذَا فِي التُّحْفَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الشَّارِحِ: أَوْجَهُهُمَا الْوَقْفُ إنْ رُجِيَ