يُعْتَبَرُ مَعَ تَصْدِيقِهِ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ وَبَحَثَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ السَّفِيهِ مِنْ تَصْدِيقِ وَلِيِّهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ
وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ هَذِهِ زَوْجَتِي فَسَكَتَتْ، أَوْ امْرَأَةٌ هَذَا زَوْجِي فَسَكَتَ وَمَاتَ الْمُقِرُّ وَرِثَهُ السَّاكِتُ دُونَ عَكْسِهِ، وَفِي الْأُولَى لَوْ أَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ يُقْبَلُ رُجُوعُهَا وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الرَّجْعَةِ لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِحَقٍّ عَلَيْهَا وَقَدْ مَاتَ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى الْمُطَالَبَةِ، وَفِي التَّتِمَّةِ لَوْ أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ سَقَطَ حُكْمُ الْإِقْرَارِ فِي حَقِّهِ حَتَّى لَوْ عَادَ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى نِكَاحًا لَمْ يُسْمَعْ مَا لَمْ يَدَّعِ نِكَاحًا جَدِيدًا، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيمَنْ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ فِي مَنْزِلِهِ فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَقَرَّ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّهَا فِي عَقْدِ نِكَاحِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ دَعْوَاهَا وَبَيِّنَتُهَا إلَّا إنْ ادَّعَتْ نِكَاحًا مُفَصَّلًا، وَمِنْهُ أَنْ تَذْكُرَ أَنَّهَا تَحَلَّلَتْ تَحْلِيلًا بِشُرُوطِهِ ثُمَّ تُقِيمُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ، بِخِلَافِ دَعْوَاهَا مُجَرَّدَ إقْرَارِهِ لِأَنَّ دَعْوَاهُ مُجَرَّدَةً عَنْ دَعْوَى نَفْسِ الْحَقِّ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِخِلَافِ دَعْوَاهَا النِّكَاحَ، وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَعَقْدِ نِكَاحِهِ وَلَمْ يُفَصَّلْ بِذِكْرِ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْعِدَّتَانِ وَالتَّحْلِيلُ وَغَيْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَمْ تَدَّعِ إقْرَارَهُ بِمَا يُبِيحُ لَهُ نِكَاحَهَا وَإِقْرَارُهُ بِأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَعَقْدُ نِكَاحِهِ لَا يَقْتَضِي إرْثَهَا مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ أَمْرَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ لِلنِّكَاحِ السَّابِقِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ تَكْذِيبُ الْبَيِّنَةِ بِإِقْرَارِهِ بِالثَّلَاثِ وَنِكَاحٌ آخَرُ أَحْدَثَاهُ بَعْدَ إمْكَانِ التَّحْلِيلِ وَالْإِرْثُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا حَيْثُ ادَّعَتْ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهَا فِي نِكَاحِهِ بَعْدَ مُضِيِّ إمْكَانِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا لَوْ عَلِمَ عَيْنَ السَّابِقِ ثُمَّ نَسِيَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَفِيمَا إذَا اُحْتُمِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ مَعَ تَصْدِيقِهِ) أَيْ فِي قَبُولِ إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ السَّفِيهَةِ حَيْثُ قُبِلَ إقْرَارُهَا لِمَنْ صَدَّقَهَا، وَإِنْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ إقْرَارَ السَّفِيهَةِ يُغَرِّمُهُ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ فَكَأَنَّ إقْرَارَهُ يَتَعَلَّقُ بِأَمْرٍ مَالِيٍّ وَالنَّظَرُ فِيهِ لِلْوَلِيِّ فَاعْتُبِرَ تَصْدِيقُهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ إقْرَارَهَا لَا يُغَرِّمُهَا شَيْئًا فَبِمَحْضِ إقْرَارِهَا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهَا لَمْ يُعْتَبَرْ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: دُونَ عَكْسِهِ) أَيْ بِأَنْ مَاتَ السَّاكِتُ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ يُقْبَلُ رُجُوعُهَا) أَيْ فَتَثْبُتُ فِي حَقِّهَا أَحْكَامُ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ وَقِسْمَةُ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُطَالَبَةِ) أَيْ بِقَوْلِهِ هَذِهِ زَوْجَتِي (قَوْلُهُ لَوْ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ) أَيْ لِشَخْصٍ (قَوْلُهُ: ادَّعَى نِكَاحًا لَمْ يُسْمَعْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَبُولِ رُجُوعِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِحَقٍّ عَلَيْهَا وَقَدْ مَاتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ دَعْوَاهُ مُجَرَّدَةٌ) كَأَنَّ مَرْجِعَ الْهَاءِ مُجَرَّدُ إقْرَارِهِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ، وَالْمَعْنَى دَعْوَاهُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ، وَقَوْلُهُ عَنْ نَفْسِ الْحَقِّ أَيْ النِّكَاحِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِلنِّكَاحِ السَّابِقِ) أَيْ لِأَجْلِ النِّكَاحِ وَالْأَمْرَانِ هُمَا نِكَاحُهُ السَّابِقُ عَلَى الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَالنِّكَاحُ الْحَاصِلُ بَعْدَ التَّحْلِيلِ (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِهِ بِالثَّلَاثِ) أَيْ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ فَلَا إرْثَ كَذَا يَنْبَغِي بِدَلِيلٍ قَوْلُهُ وَالْإِرْثُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا الْحَاصِلُ فَإِنَّهُ لَا يُطَابِقُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً: أَيْ مُفَصَّلَةً لِإِقْرَارِهِ وَتُرِكَ هَذَا
[حاشية الرشيدي]
الظُّهُورُ وَإِلَّا بَطَلَ إلَخْ، وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي إلَخْ إنَّمَا بِتَأَتِّي عَلَى نُسْخَةِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ) هَلْ الْمُرَادُ تَصْدِيقُهُ فِي النِّكَاحِ أَوْ فِي الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ يُرَاجَعُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي وَلِيِّ السَّفِيهِ (قَوْلُهُ: سَقَطَ حُكْمُ الْإِقْرَارِ فِي حَقِّهِ) أَيْ أَمَّا فِي حَقِّهَا فَلَا يَسْقُطُ فَتُطَالِبُهُ بِالْمَهْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ) قَالَ سم كَأَنَّ مَرْجِعَ الْهَاءِ مُجَرَّدُ إقْرَارِهِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ، وَالْمَعْنَى دَعْوَاهَا مُجَرَّدَ إقْرَارِهِ، وَقَوْلُهُ عَنْ نَفْسِ الْحَقِّ: أَيْ النِّكَاحِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا حَيْثُ ادَّعَتْ إلَخْ) تَوَقَّفَ الشِّهَابُ سم فِي مُطَابَقَةِ هَذَا الْحَاصِلِ لِمَا مَرَّ عَنْ إفْتَاءِ بَعْضِهِمْ مِنْ اعْتِبَارِ دَعْوَى نِكَاحٍ مُفَصَّلٍ، وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا أُورِدَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute