للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا لِمَنْ يَحْصُلُ لَهَا مِنْهُ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ وَشَفَقَةٌ عَلَيْهَا، أَمَّا مُجَرَّدُ كَرَاهَتِهَا لَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَلَا تُؤَثِّرُ، لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَالَتِهِ انْتِفَاءُ عَدَاوَتِهِ لِتَنَافِيهِمَا.

لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ لِمَا سَيُعْلَمُ فِي مَبْحَثِهَا أَنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ مُفَسِّقَةً، وَأَلْحَقَ الْخَفَّافُ بِالْمُجْبِرِ وَكِيلَهُ، وَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ظُهُورُهَا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَلِجَوَازِ مُبَاشَرَتِهِ دُونَ صِحَّتِهِ كَوْنُهُ (بِمَهْرِ مِثْلِهَا حَالٌ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) وَسَيَأْتِي فِي مَهْرِ الْمِثْلِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يَعْتَدْنَ الْأَجَلَ، أَوْ غَيْرَ نَقْدِ الْبَلَدِ وَإِلَّا جَازَ بِالْمُؤَجَّلِ وَبِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَاشْتِرَاطُ أَنْ لَا تَتَضَرَّرَ بِهِ لِنَحْوِ هَرَمٍ أَوْ عَمًى وَإِلَّا فُسِخَ وَأَنْ لَا يَلْزَمَهَا الْحَجُّ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ إذْنُهَا.

قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ لِئَلَّا يَمْنَعَهَا الزَّوْجُ مِنْهُ ضَعِيفَانِ، بَلْ الثَّانِي شَاذٌّ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ مَعَ إذْنِهَا (وَيُسْتَحَبُّ) (اسْتِئْذَانُهَا) أَيْ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ وَلَوْ سَكْرَانَةَ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهَا، وَعَلَيْهِ حَمَلُوا خَبَرَ مُسْلِمٍ «وَالْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا» جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ الْمَارِّ، أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا إذْنَ لَهَا، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ نَدْبَهُ فِي الْمُمَيِّزَةِ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ أَوْجَبَهُ، وَيُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ عَدَمُ تَزْوِيجِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ، أَوْ مَصْلَحَةٍ، وَيُنْدَبُ أَنْ يُرْسِلَ ثِقَةً لَا تَحْتَشِمُهَا لِمُوَلِّيَتِهِ وَأُمُّهَا أَوْلَى لِتَعْلَمَ مَا فِي نَفْسِهَا.

(وَلَيْسَ لَهُ) (تَزْوِيجُ ثَيِّبٍ) عَاقِلَةٍ وَإِنْ عَادَتْ بَكَارَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو خَلَفٍ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ (إلَّا بِإِذْنِهَا) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ " الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا " وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا مَارَسَتْ الرِّجَالَ زَالَتْ غَبَاوَتُهَا وَعَرَفَتْ مَا يَضُرُّهَا وَمَا يَنْفَعُهَا مِنْهُمْ بِخِلَافِ الْبِكْرِ (فَإِنْ كَانَتْ) الثَّيِّبُ (صَغِيرَةً) عَاقِلَةً حُرَّةً (لَمْ تُزَوَّجْ حَتَّى تَبْلُغَ) لِوُجُوبِ إذْنِهَا وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ مَعَ صِغَرِهَا، أَمَّا الْمَجْنُونَةُ فَتُزَوَّجُ كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا الْقِنَّةُ فَيُزَوِّجُهَا السَّيِّدُ مُطْلَقًا (وَالْجَدُّ) أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا (كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ) ، أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِأَنَّ لَهُ وِلَادَةَ عُصُوبَةٍ كَالْأَبِ بَلْ أَوْلَى، وَمِنْ ثَمَّ اخْتَصَّ بِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ وَوَكِيلُ كُلٍّ مِثْلُهُ لَكِنَّ الْجَدَّ يُوَكِّلُ فِيهِمَا وَكِيلَيْنِ فَالْوَكِيلُ الْوَاحِدُ يَتَوَلَّى طَرَفًا فَقَطْ (وَسَوَاءٌ) فِي وُجُودِ الثُّيُوبَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِاعْتِبَارِ إذْنِهَا (زَالَتْ الْبَكَارَةُ بِوَطْءٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ أَمَّا مُجَرَّدُ كَرَاهَتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ) أَيْ الْعَدَاوَةُ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ الْخَفَّافُ) أَيْ فِي الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ظُهُورُهَا) أَيْ بَلْ يَكُونُ مُجَرَّدُ الْعَدَاوَةِ مَانِعًا (قَوْلُهُ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ أَنَّ شَفَقَةَ الْوَلِيِّ تَدْعُوهُ لِرِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ وَلَوْ مَعَ الْعَدَاوَةِ الْبَاطِنَةِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا شَفَقَةَ لَهُ فَرُبَّمَا حَمَلَتْهُ الْعَدَاوَةُ عَلَى عَدَمِ رِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: وَلِجَوَازِ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمِ جَوَازِ الْمُبَاشَرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ بِالْمُؤَجَّلِ) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ جَعْلِ بَعْضِ الصَّدَاقِ حَالًّا وَبَعْضِهِ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فُسِخَ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَانَتْ صَغِيرَةً.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ثَيِّبٍ) وَلَوْ كَانَ لَهَا فَرْجَانِ أَصْلِيَّانِ فَوُطِئَتْ فِي أَحَدِهِمَا وَزَالَتْ بَكَارَتُهَا صَارَتْ ثَيِّبًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ فَلَا تَصِيرُ ثَيِّبًا لِلشَّكِّ فِي زَوَالِ الْوِلَايَةِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ فِي الزَّائِدِ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: لَمَّا مَارَسْت الرِّجَالَ) أَيْ بِقُبُلِهَا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِجْبَارِ، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِمَا يَأْتِي أَيْضًا فِي وَطْءِ الْقِرْدِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَيُزَوِّجُهَا السَّيِّدُ مُطْلَقًا) أَيْ ثَيِّبًا، أَوْ غَيْرَهَا صَغِيرَةً، أَوْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَقِبَ مَا مَرَّ عَنْ الْعِرَاقِيِّ: وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرُوا ظُهُورَ الْعَدَاوَةِ هُنَا كَمَا اُعْتُبِرَ ثَمَّ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ، بَلْ قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى مَا قَالَهُ: يَعْنِي الْعِرَاقِيَّ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّرْحِ: أَيْ فَاشْتِرَاطُ انْتِفَاءِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلِيِّ مُغَنٍّ عَنْ اشْتِرَاطِ انْتِفَائِهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ فَانْظُرْ مَا فِي الشَّرْحِ مَعَ هَذَا (قَوْلُهُ: وَلِجَوَازِ مُبَاشَرَتِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِصِحَّةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: ثِقَةً لَا تَحْتَشِمُهَا لِمُوَلِّيَتِهِ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُ لِمُوَلِّيَتِهِ عَلَى لَا تَحْتَشِمُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>