للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا رُجِّحَ بِهِ الْعَمُّ الشَّقِيقُ فِي الْإِرْثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا دَخْلٌ فِيهِ، إذْ الْعَمُّ لِلْأُمِّ لَا يَرِثُ، وَالْقَدِيمُ هُنَا وَلِيَّانِ لِأَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي النِّكَاحِ فَلَا يُرَجَّحُ بِهَا بِخِلَافِ الْإِرْثِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُمَا عَمَّانِ أَحَدُهُمَا خَالٌ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا لَمْ يَتَمَيَّزْ إلَخْ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا لِأَبَوَيْنِ وَالْآخَرُ لِأَبٍ لَكِنَّهُ أَخُوهَا لِأُمِّهَا فَهُوَ الْوَلِيُّ لِإِدْلَائِهِ بِالْجَدِّ وَالْأُمِّ، وَالْأَوَّلُ إنَّمَا يُدْلِي بِالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُعْتِقًا فَيُقَدَّمُ لَا خَالًا بَلْ هُمَا سَوَاءٌ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ابْنًا وَالْآخَرُ أَخًا لِأُمٍّ قُدِّمَ الِابْنُ (وَلَا يُزَوِّجُ ابْنٌ بِبُنُوَّةٍ) خِلَافًا لِلْمُزَنِيِّ كَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ بَيْنَهُمَا فِي النَّسَبِ، فَلَا يُعْتَنَى بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهُ وَلِهَذَا لَا يُزَوِّجُ الْأَخُ لِلْأُمِّ، وَأَمَّا «قَوْلُ أَمِّ سَلَمَةَ لِابْنِهَا عُمَرَ قُمْ فَزَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ عُمَرُ الْمَعْرُوفُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ سِنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ نَحْوَ ثَلَاثِ سِنِينَ فَهُوَ طِفْلٌ لَا يُزَوِّجُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّاوِيَ وَهَمَ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّهُ مِنْ عَصَبَتِهَا وَاسْمُهُ مُوَافِقٌ لِابْنِهَا فَظَنَّ الرَّاوِي أَنَّهُ هُوَ، وَرِوَايَةُ قُمْ فَزَوِّجْ أُمَّك بَاطِلَةٌ عَلَى أَنَّ نِكَاحَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَفْتَقِرُ لِوَلِيٍّ فَهُوَ اسْتِطَابَةٌ لَهُ، وَبِتَقْدِيرِ أَنَّهُ ابْنُهَا أَنَّهُ بَالِغٌ فَهُوَ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ أَقْرَبُ مِنْهُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِوِلَايَتِهِ، كَمَا قَالَ (فَإِنْ كَانَ) ابْنُهَا (ابْنَ ابْنِ عَمٍّ) لَهَا، أَوْ نَحْوَ أَخٍ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ، أَوْ نِكَاحِ مَجُوسٍ (أَوْ مُعْتِقًا) لَهَا، أَوْ عَصَبَةً لِمُعْتِقِهَا (أَوْ قَاضِيًا زَوَّجَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ السَّبَبِ لَا بِالْبُنُوَّةِ فَهِيَ غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لَا مَانِعَةٍ (وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ زَوَّجَ الْمُعْتِقُ) الرَّجُلُ (ثُمَّ عَصَبَتُهُ) وَلَوْ أُنْثَى لِخَبَرِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَفِي الْخُنْثَى هُنَا وَفِي النَّسَبِ يُزَوِّجُ مَنْ يَلِيهِ بِإِذْنِهِ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ لِيَكُونَ وَكِيلًا عَنْهُ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ (كَالْإِرْثِ) فِي تَرْتِيبِهِمْ فَيُقَدَّمُ بَعْدَ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ وَهَكَذَا.

نَعَمْ أَخٌ الْمُعْتِقِ وَابْنُ أَخِيهِ يُقَدَّمَانِ هُنَا عَلَى جَدِّهِ، وَكَذَا الْعَمُّ يُقَدَّمُ هُنَا عَلَى أَبٍ الْجَدِّ وَابْنُ الْمَرْأَةِ لَا يُزَوِّجُهَا بِالْبُنُوَّةِ، وَابْنُ الْمُعْتِقِ يُزَوِّجُ وَيُقَدَّمُ عَلَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ عَنْ بَقِيَّةِ الْعَصَبَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا رُجِّحَ بِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقَرَابَةِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: بِهَا (قَوْلُهُ: لَا خَالًا) صُورَةُ كَوْنِهِ ابْنَ عَمٍّ وَخَالًا كَأَنْ يَكُونَ لِشَخْصٍ عَمَّانِ لِأَحَدِهِمَا بِنْتٌ وَابْنٌ فَتَزَوَّجَ بِنْتَ عَمِّهِ فَأَتَى مِنْهَا بِبِنْتٍ فَأَخُو أُمِّهَا ابْنُ عَمِّهَا وَخَالُهَا وَابْنُ الْعَمِّ الثَّانِي ابْنُ عَمٍّ فَقَطْ، فَابْنَا الْعَمِّ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا بِالْخُؤُولَةِ.

ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَوَّرَهَا بِأَنْ يَتَزَوَّجَ زَيْدٌ امْرَأَةً لَهَا بِنْتٌ مِنْ غَيْرِهِ فَيَأْتِي مِنْهَا بِوَلَدٍ، وَيَتَزَوَّجُ أَخُوهُ بِنْتَهَا الْمَذْكُورَةَ فَيَأْتِي مِنْهَا بِبِنْتٍ، فَوَلَدُ زَيْدٍ ابْنُ عَمِّ هَذِهِ الْبِنْتِ وَأَخُو أُمِّهَا فَهُوَ خَالُهَا (قَوْلُهُ: فَهِيَ غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ) دُفِعَ بِهِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْبُنُوَّةَ إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ غَيْرِهَا سَلَبَتْ الْوِلَايَةَ عَنْهُ، لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعُ قُدِّمَ الثَّانِي.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْبُنُوَّةَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا مَفْهُومُ الْمَانِعِ، وَهُوَ وَصْفٌ ظَاهِرٌ مُنْضَبِطٌ مُعَرَّفٌ نَقِيضُ الْحُكْمِ، وَغَايَتُهُ أَنَّ الْبُنُوَّةَ لَيْسَتْ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلنِّكَاحِ، إذْ الْأَسْبَابُ الْمُقْتَضِيَةُ لَهَا هِيَ مُشَارَكَتُهَا فِي النَّسَبِ بِحَيْثُ يَعْتَنِي مَنْ قَامَ بِهِ السَّبَبُ بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ ذَلِكَ النَّسَبِ وَلَيْسَتْ مُقْتَضِيَةً لِفِعْلِ مَا تُعَيَّرُ بِهِ الْأُمُّ حَتَّى تَكُونَ مَانِعَةً مِنْ تَزْوِيجِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُنْثَى) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ أُنْثَى (قَوْلُهُ: لُحْمَةٌ) اللُّحْمَةُ بِضَمِّ اللَّامِ الْقَرَابَةُ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَفِي الْخُنْثَى) أَيْ الْعَصَبَةِ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: يُزَوِّجُ مَنْ يَلِيهِ بِإِذْنِهِ) أَيْ مَعَ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِلْأَبْعَدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَا يَكْفِي إذْنُهَا لِلْخُنْثَى وَحْدَهُ لِجَوَازِ كَوْنِهِ أُنْثَى وَالْإِذْنُ لَهُ لَاغٍ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ هُنَا عَلَى أَبِي الْجَدِّ) أَيْ وَعَمُّ أَبِي الْمُعْتِقِ يُقَدَّمُ عَلَى جَدِّ جَدِّهِ، وَهَكَذَا كُلُّ عَمٍّ أَقْرَبُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ هَذَا مَنْسُوبًا لِمَنْ رَوَاهُ لِيَتَأَتَّى رَدُّهُ الْآتِي الَّذِي حَاصِلُهُ أَنَّهَا لَمْ تَقُلْ لِابْنِهَا، وَإِلَّا فَبَعْدَ أَنْ صَدَّرَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ الَّتِي حَاصِلُهَا الْجَزْمُ بِأَنَّهَا قَالَتْ لِابْنِهَا فَلَا يَتَأَتَّى الرَّدُّ بِمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُنْثَى) أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي وَهُوَ غَايَةٌ فِي الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) أَيْ بِإِذْنِ الْخُنْثَى لَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْمَرْأَةِ الْمُزَوِّجَةِ لِمَنْ يَلِي أَيْضًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا: أَيْ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَةِ الْخُنْثَى، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِكُلٍّ مِنْ الْخُنْثَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>