أَبِي الْمُعْتِقِ لِأَنَّ التَّعْصِيبَ لَهُ، وَلَوْ تَزَوَّجَ عَتِيقٌ بِحُرَّةِ الْأَصْلِ فَأَتَتْ بِبِنْتٍ زَوَّجَهَا مَوَالِي أَبِيهَا كَمَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو طَاهِرٍ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ لِتَصْرِيحِهِمْ كَمَا يَأْتِي بِأَنَّ الْوَلَاءَ لِمَوَالِي الْأَبِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا الْحَاكِمُ (وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ) بَعْدَ فَقْدِ عَصَبَةِ الْعَتِيقَةِ مِنْ النَّسَبِ (مَنْ يُزَوِّجُ الْمُعْتَقَةَ) (مَا دَامَتْ حَيَّةً) لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا كَأَبِي الْمُعْتِقَةِ فَجَدُّهَا بِتَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ، وَيَكْفِي سُكُوتُهَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي تَكْمِلَتِهِ وَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ فِي دِيبَاجِهِ.
لَا يُقَالُ: كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُسْلِمَةً وَالْمُعْتِقَةُ وَوَلِيُّهَا كَافِرَيْنِ زَوَّجَهَا، أَوْ كَافِرَةً وَالْمُعْتِقَةُ مُسْلِمَةً وَوَلِيُّهَا كَافِرٌ لَا يُزَوِّجُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي اخْتِلَافِ الدِّينِ (وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُعْتِقَةِ فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهَا وَلَا إجْبَارَ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ.
وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَهَا وَالْعَصَبَةُ إنَّمَا يُزَوِّجُونَ بِإِدْلَائِهِمْ فَلَا أَقَلَّ مِنْ مُرَاجَعَتِهَا، وَأَمَةُ الْمَرْأَةِ كَعَتِيقَتِهَا فِيمَا ذُكِرَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ إذْنُ السَّيِّدَةِ الْكَامِلَةِ نُطْقًا وَلَوْ بِكْرًا إذْ لَا تَسْتَحِي، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً ثَيِّبًا امْتَنَعَ عَلَى الْأَبِ تَزْوِيجُ أَمَتِهَا إلَّا إذَا كَانَتْ مَجْنُونَةً، وَلَيْسَ لِلْأَبِ إجْبَارُ أَمَةِ الْبِكْرِ الْبَالِغِ (فَإِذَا مَاتَتْ) الْمُعْتِقَةُ (زَوَّجَ) الْعَتِيقَةَ (مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ) عَلَى الْمُعْتِقَةِ مِنْ عَصَبَاتِهَا فَيُقَدَّمُ ابْنُهَا وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ أَبُوهَا عَلَى تَرْتِيبِ عَصَبَةِ الْوَلَاءِ، وَإِنْ أَعْتَقَهَا اثْنَانِ اُعْتُبِرَ رِضَاهُمَا فَيُوَكَّلَانِ، أَوْ يُوَكِّلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، أَوْ يُبَاشِرَانِ مَعًا وَيُزَوِّجُهَا مِنْ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ مَعَ السُّلْطَانِ، فَإِنْ مَاتَا اُشْتُرِطَ فِي تَزْوِيجِهَا اثْنَانِ مِنْ عَصَبَتِهِمَا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ، أَوْ أَحَدِهِمَا كَفَى مُوَافَقَةُ أَحَدِ عَصَبَتِهِ لِلْآخَرِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَوَرِثَهُ الْآخَرُ اسْتَقَلَّ بِتَزْوِيجِهَا، وَعَتِيقَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ يُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهِ وُجُوبًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْحَاوِي وَالْبَهْجَةِ مَنْ يُزَوِّجُهُ بِفَرْضِ أُنُوثَتِهِ لِيَكُونَ وَكِيلًا، أَوْ وَلِيًّا وَالْمُبَعَّضَةُ يُزَوِّجُهَا مَالِكُ بَعْضِهَا مَعَ قَرِيبِهَا وَإِلَّا فَمَعَ مُعْتِقِ بَعْضِهَا وَإِلَّا فَمَعَ عَصَبَتِهِ وَإِلَّا فَمَعَ السُّلْطَانِ، وَيُزَوِّجُ الْحَاكِمُ أَمَةَ كَافِرٍ أَسْلَمَتْ بِإِذْنِهِ، وَكَذَا الْمَوْقُوفَةُ لَكِنْ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ: أَيْ إنْ انْحَصَرُوا وَإِلَّا فَبِإِذْنِ النَّاظِرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِلْمُعْتِقِ بِدَرَجَةٍ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْ فَوْقَهُ مِنْ الْأُصُولِ (قَوْلُهُ: مَوَالِي أَبِيهَا) أَيْ بَعْدَ فَقْدِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ بَعْدَ فَقْدِ عَصَبَةِ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: مَا دَامَتْ حَيَّةً) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ جَنَتْ الْمُعْتِقَةُ وَلَيْسَ لَهَا أَبٌ وَلَا جَدٌّ فَيُزَوِّجُ عَتِيقَتَهَا السُّلْطَانُ لِأَنَّهُ الْوَلِيُّ لِلْمَجْنُونَةِ الْآنَ دُونَ عَصَبَةِ الْمُعْتِقَةِ مِنْ النَّسَبِ كَأَخِيهَا وَابْنِ عَمِّهَا إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُمْ عَلَى الْمُعْتِقَةِ الْآنَ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُشْكِلٌ بِأَنَّ الْعَتِيقَةَ إذَا كَانَتْ مُعْتِقَتُهَا وَوَلِيُّهَا كَافِرَيْنِ لَا يُزَوِّجُهَا الْوَلِيُّ الْكَافِرُ، وَإِذَا كَانَتْ كَافِرَةً وَمُعْتِقَتُهَا مُسْلِمَةٌ زَوَّجَهَا الْكَافِرُ لِاتِّحَادِهِ مَعَهَا دِينًا وَلَا يُزَوِّجُ مُعْتِقَتَهَا لِإِسْلَامِهَا، وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ الْمَرْأَةَ حَيْثُ جَنَتْ فَلَيْسَ لِأَخِيهَا تَزْوِيجُهَا، وَقِيَاسُ كَوْنِ الْكَافِرِ، يُزَوِّجُ عَتِيقَةَ أُخْتِهِ الْكَافِرَةَ عِنْدَ إسْلَامِ الْعَتِيقَةِ أَنْ يُزَوِّجَ أَخُو الْمَجْنُونَةِ عَتِيقَتَهَا وَلَا يَنْتَقِلُ لِلسُّلْطَانِ قُلْت: يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَجْنُونَةَ إذَا زُوِّجَتْ إنَّمَا تُزَوَّجُ بِالْإِجْبَارِ، وَوِلَايَةُ الْإِجْبَارِ لَمْ تَثْبُتْ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ الْأَقَارِبِ، وَإِنَّمَا تَثْبُتُ ابْتِدَاءً لِلسُّلْطَانِ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ مَعَ الْمُسْلِمَةِ فَإِنَّ وِلَايَتَهُ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ النَّسَبِ بَاقِيَةً فَاسْتَتْبَعَتْ الْوِلَايَةَ عَلَى عَتِيقَتِهَا، وَاخْتِلَافُ الدِّينِ وَإِنْ صَلُحَ مَانِعًا مِنْ تَزْوِيجِ أُخْتِهِ الْمُسْلِمَةِ لَمْ يَصْلُحْ مَانِعًا مِنْ تَزْوِيجِ عَتِيقَتِهَا الْكَافِرَةِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي سُكُوتُهَا) أَيْ الْعَتِيقَةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْأَبِ إجْبَارُ أَمَةٍ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ مِنْهَا إنْ كَانَتْ بَالِغَةً وَإِلَّا فَلَا يُزَوَّجُ (قَوْلُهُ يُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهِ) أَيْ مَعَ إذْنِ الْعَتِيقَةِ أَيْضًا لِمَنْ تَزَوَّجَ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْإِذْنَيْنِ، وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ إذْنِهَا لِلْخُنْثَى إذْ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ لِمَنْ يَلِيهِ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ إلَّا إذَا أَذِنَتْ لَهُ الْعَتِيقَةُ فِي التَّزْوِيجِ لِيَصِحَّ تَوْكِيلُهُ
[حاشية الرشيدي]
وَمَنْ يَلِيهِ وَإِذْنُ الْخُنْثَى لِمَنْ يَلِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي سُكُوتُهَا) أَيْ الْعَتِيقَةِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ عَلَى الْأَبِ تَزْوِيجُ أَمَتِهَا) أَيْ كَمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ تَزْوِيجُهَا، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِالثَّيِّبِ أَنَّهُ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ الْبِكْرَ الْقَاصِرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: اثْنَانِ مِنْ عَصَبَتِهِمَا) أَيْ وَهُمَا أَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: وَعَتِيقَةُ الْخُنْثَى إلَخْ) مُكَرَّرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute