للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا يَظْهَرُ، كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ تَزْوِيجَهَا، أَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يُزَوِّجُ بِحَالٍ إذْ الْحَاكِمُ وَوَلِيُّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَنَاظِرُ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ لَا يَتَصَرَّفُونَ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ، وَلَا مَصْلَحَةَ فِي تَزْوِيجِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعَلُّقِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ بِأَكْسَابِهِ (فَإِنَّ فَقْدَ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَتِهِ زَوَّجَ السُّلْطَانُ) وَهُوَ هُنَا فِيمَا مَرَّ وَيَأْتِي مِنْ شَمْلِهَا وِلَايَتُهُ عَامًّا كَانَ، أَوْ خَاصًّا كَالْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي لِعُقُودِ الْأَنْكِحَةِ، أَوْ هَذَا النِّكَاحُ بِخُصُوصِهِ مَنْ هِيَ حَالَةَ الْعَقْدِ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَلَوْ مُجْتَازَةً وَأَذِنَتْ لَهُ وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، ثُمَّ زَوَّجَهَا بَعْدَ عَوْدِهَا لَهُ كَمَا يَأْتِي لَا قَبْلَ وُصُولِهَا لَهُ، بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ بِتَزْوِيجِهَا، وَلَا يُنَافِيه أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَكْتُبَ بِمَا حُكِمَ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِالْخَاطِبِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ حُضُورُهُ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالْمُدَّعِي فَكَفَى حُضُورُهُ.

(وَكَذَا يُزَوِّجُ) السُّلْطَانُ (إذَا عَضَلَ الْقَرِيبُ) وَلَوْ مُجْبِرًا (، أَوْ الْمُعْتِقُ) أَيْ امْتَنَعَ، أَوْ عَصَبَتُهُ إجْمَاعًا لَكِنْ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَضَلِ عِنْدَهُ بِامْتِنَاعٍ مِنْهُ، أَوْ سُكُوتِهِ بِحَضْرَتِهِ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهِ وَالْمَرْأَةُ وَالْخَاطِبُ حَاضِرَانِ أَوْ وَكِيلُهُمَا، أَوْ بَيِّنَةٌ بَعْدَ تَعَزُّزِهِ أَوْ تَوَارِيهِ.

نَعَمْ إنْ فَسَقَ بِعَضْلِهِ لِتَكَرُّرِهِ مِنْهُ عَدَمُ غَلَبَةِ طَاعَاتِهِ مَعَاصِيَهُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الشَّهَادَاتِ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْعَضْلَ صَغِيرَةٌ، وَإِفْتَاءُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مُرَادُهُ أَنَّهُ مَعَ عَدَمِ تِلْكَ الْغَلَبَةِ فِي حُكْمِهَا لِتَصْرِيحِهِ هُوَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ وَحِكَايَتُهُمْ لِذَلِكَ وَجْهًا ضَعِيفًا، وَلِلْجَوَازِ كَذَلِكَ لِلِاغْتِنَاءِ عَنْهُ بِالسُّلْطَانِ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ يُزَوِّجُ أَيْضًا عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ وَإِحْرَامِهِ وَنِكَاحِهِ لِمَنْ هُوَ وَلِيُّهَا فَقَطْ وَجُنُونُ بَالِغَةٍ فَقَدَتْ الْمُجْبِرَ وَتَعَزَّزَ الْوَلِيُّ، أَوْ تَوَارِيهِ أَوْ حَبْسُهُ وَمُنِعَ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ أَمَّا الْعَبْدُ) أَيْ الْمَوْقُوفُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: مِنْ تَعَلُّقِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكْتُبَ بِتَزْوِيجِهَا) أَيْ وَالْحَالَةُ أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا تَتَعَلَّقُ بِالْخَاطِبِ) أَيْ الزَّوْجِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا يُزَوِّجُ السُّلْطَانُ) وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ الْمَسَائِلَ الَّتِي يُزَوِّجُ فِيهَا الْحَاكِمُ فَقَالَ:

خَمْسٌ مُحَرَّرَةٌ تَقَرَّرَ حُكْمُهَا ... فِيهَا يُرَدُّ الْأَمْرُ لِلْحُكَّامِ

فَقْدُ الْوَلِيِّ وَعَضَلُهُ وَنِكَاحُهُ ... وَكَذَاك غَيْبَتُهُ مَعَ الْإِحْرَامِ

وَزَادَ السُّيُوطِيّ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلَ نَظَمَهَا بِقَوْلِهِ:

عِشْرُونَ زَوَّجَ حَاكِمٌ عَدَمُ الْوَلِيِّ ... وَالْفَقْدُ وَالْإِحْرَامُ وَالْعَضْلُ السَّفَرْ

حَبْسٌ تَوَارَ عِزُّهُ وَنِكَاحُهُ ... أَوْ طِفْلُهُ أَوْ حَافِدٌ إذْ مَا قُهِرْ

وَفَتَاةُ مَحْجُورٍ وَمَنْ جُنَّتْ وَلَا ... أَبٌ وَجَدٌّ لِاحْتِيَاجٍ قَدْ ظَهَرْ

أَمَةُ الرَّشِيدَةِ لَا وَلِيَّ لَهَا وَبَيْتِ ... الْمَالِ مَعَ مَوْقُوفَةٍ إذْ لَا ضَرَرْ

مَعَ مُسْلِمَاتٍ عُلِّقَتْ أَوْ دُبِّرَتْ ... أَوْ كُوتِبَتْ أَوْ كَانَ أَوْلَدَ مَنْ كَفَرْ

(قَوْلُهُ: لِتَكَرُّرِهِ) أَيْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ: أَيْ الْعَضْلَ (قَوْلُهُ: وَلِلْجَوَازِ كَذَلِكَ) أَيْ وَجْهًا ضَعِيفًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْحَاكِمَ، وَقَوْلُهُ وَإِحْرَامُهُ وَنِكَاحُهُ: أَيْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ حَبْسُهُ) أَيْ وَلَوْ فِي الْبَلَدِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِأَنَّهَا بِمَثَابَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَعَ مَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ مَنْ هِيَ حَالَةُ الْعَقْدِ إلَخْ) مِنْ مَفْعُولِ زَوْجِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) فِي بِمَعْنَى إلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: وَلِلْجَوَازِ) أَيْ وَلِحِكَايَتِهِمْ جَوَازَ الْعَضْلِ وَجْهًا ضَعِيفًا أَيْضًا لِلِاغْتِنَاءِ عَنْهُ بِالسُّلْطَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>