فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْبَعْضِ الَّذِي لَمْ يُغْسَلْ لَا عَنْ الْمَغْسُولِ، وَيَجِبُ أَيْضًا اسْتِعْمَالُ تُرَابٍ نَاقِصٍ (وَيَكُونُ) اسْتِعْمَالُهُ (قَبْلَ التَّيَمُّمِ) عَنْ الْبَاقِي لِئَلَّا يَكُونَ مُتَيَمِّمًا وَمَعَهُ مَاءٌ.
أَمَّا غَيْرُ الصَّالِحِ لِلْغُسْلِ كَثَلْجٍ أَوْ بَرَدٍ لَا يَذُوبُ فَلَا يَجِبُ مَسْحُ الرَّأْسِ بِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ هُنَا تَقْدِيمُ مَسْحِ الرَّأْسِ، فَمَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مَهْمُوزَةٌ مُنَوَّنَةٌ لَا مَوْصُولَةٌ لِئَلَّا يُرَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَوْ وَجَدَ مُحْدِثٌ تَنَجَّسَ بَدَنُهُ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ مَاءً لَا يَكْفِي إلَّا أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ لِلْخَبَثِ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لِإِزَالَتِهِ، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ تَنَجُّسَ الثَّوْبِ إذَا لَمْ يُمْكِنُهُ نَزْعُهُ كَتَنَجُّسِ الْبَدَنِ فِيمَا ذُكِرَ.
وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَبِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إنَّ مَحَلَّ تَعَيُّنِهِ لَهَا فِي الْمُسَافِرِ.
أَمَّا الْمُقِيمُ فَلَا لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَوْلَى، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ وَتَحْقِيقِهِ.
وَشَرْطُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ تَقْدِيمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ قَبْلَهُ، فَلَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ إزَالَتِهَا لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي رَوْضَتِهِ وَتَحْقِيقِهِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ وَلَا إبَاحَةَ مَعَ الْمَانِعِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَإِنْ رَجَّحَا فِي هَذَا الْبَابِ الْجَوَازَ.
(وَيَجِبُ) فِي الْوَقْتِ (شِرَاؤُهُ) أَيْ الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ، وَكَذَا التُّرَابِ وَلَوْ بِمَحَلٍّ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْقَضَاءُ فِيمَا يَظْهَرُ (بِثَمَنِ مِثْلِهِ) إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِنَقْدٍ أَوْ عَرَضٍ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، فَإِنْ بِيعَ بِغَبْنٍ لَمْ يُكَلَّفْ شِرَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ بِيعَ نَسِيئَةً لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَمَالُهُ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ وَالْأَجَلُ مُمْتَدٌّ إلَى وُصُولِهِ لَهُ، وَلَوْ زِيدَ فِي ثَمَنِهِ بِسَبَبِ التَّأْجِيلِ زِيَادَةً لَائِقَةً بِالْأَجَلِ لَمْ يَخْرُجْ بِهَا عَنْ كَوْنِهِ ثَمَنَ مِثْلِهِ.
وَالْمُرَادُ بِهِ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَلَا تُعْتَبَرُ حَالَةُ الِاضْطِرَارِ فَقَدْ تَصِلُ الشَّرْبَةُ دَنَانِيرَ وَيَبْعُدُ فِي الرُّخَصِ إيجَابُ مِثْلِ ذَلِكَ.
نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ شِرَاؤُهُ إذَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ آلَاتِ الِاسْتِقَاءِ كَدَلْوٍ وَرِشَاءٍ عِنْدَ حَاجَتِهِ إلَيْهَا إذَا وَجَدَهَا تُبَاعُ بِثَمَنِ مِثْلِهَا أَوْ تُؤَجَّرُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا (إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ) أَيْ الثَّمَنَ (لِدَيْنٍ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا.
نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حُلُولُهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى وَطَنِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا مَالَ لَهُ فِيهِ وَإِلَّا وَجَبَ شِرَاؤُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ النَّسِيئَةِ السَّابِقَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ، وَلَا بَيْنَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ كَعَيْنٍ أَعَارَهَا فَرَهْنَهَا الْمُسْتَعِيرُ بِإِذْنِهِ (مُسْتَغْرِقٍ) هُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ غَيْرَ أَنَّهُ أَتَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الرَّقَبَةِ يَصُومُ أَيَّامًا تَعْدِلُ الْمَعْجُوزَ عَنْهُ مِنْ الرَّقَبَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا جَمْعَ بَيْنَ الرَّقَبَةِ وَبَدَلِهَا لَكِنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُجْزِئَ فِي الْكَفَّارَةِ الشَّهْرَانِ بِكَمَالِهِمَا وَمَا دُونَهُمَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ أَيْضًا إلَخْ) أَيْ قَطْعًا وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ اهـ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُ الصَّالِحِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يَصْلُحُ لِلْغُسْلِ (قَوْلُهُ: لَا بَدَلَ لَهُ) أَيْ الْخَبَثَ، وَقَوْلُهُ لِإِزَالَتِهَا صِلَةُ تَعَيَّنَ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: تَعَيَّنَ لِلْخَبَثِ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لِإِزَالَتِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ نَزْعُهُ) أَيْ كَأَنْ خَافَ الْهَلَاكَ لَوْ نَزَعَهُ، فَإِنْ أَمْكَنَ بِأَنْ لَمْ يَخْشَ مِنْ نَزْعِهِ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ تَوَضَّأَ وَنَزَعَ الثَّوْبَ وَصَلَّى عَارِيًّا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فَقَدْ السُّتْرَةِ مِمَّا يَكْثُرُ (قَوْلُهُ كَتَنَجُّسِ الْبَدَنِ) أَيْ فَيَغْسِلُهُ وَيَتَيَمَّمُ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَحَا إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ حَجّ.
(قَوْلُهُ أَوْ غَائِبٌ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا وَجَبَ ذَلِكَ مَعَ احْتِمَالِ تَلَفِ الْمَالِ قَبْلَ وُصُولِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ (قَوْلُهُ وَرِشَاءٌ) أَيْ حَبْلٌ.
قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالرِّشَاءُ حَبْلٌ جَمْعُهُ أَرْشِيَةٌ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالرِّشَاءُ الْحَبْلُ وَالْجَمْعُ أَرْشِيَةٌ مِثْلُ كِسَاءٍ وَأَكْسِيَةٍ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةٍ إلَخْ) بَلْ قَدْ يُقَالُ فِي هَذِهِ: إنَّهُ لَيْسَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لِدَيْنِهِ لِوُجُودِ مَا بَقِيَ بِهِ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: لِلَّهِ) كَالزَّكَاةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَعَيْنٍ أَعَارَهَا) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْمُسْتَعِيرِ تَعَذَّرَ، وَأَرَادَ الْمُعِيرُ فَكَّ عَيْنِهِ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِهِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ؛ لِأَنَّ إعَارَةَ الْعَيْنِ لِرَهْنِهَا ضَمَانٌ لِلدَّيْنِ فِيهَا، وَلَا يَصِحُّ بِاحْتِيَاجِهِ لِبَيْعِ تِلْكَ الْعَيْنِ لِلْمَاءِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ غَيْرُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مَرْهُونَةٌ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا صَوَّرْنَا بِهِ قَوْلُ الشَّيْخِ