بِهِ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ فِي كَلَامِهِ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ إذْ مِنْ لَازِمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِأَجْلِ اسْتِغْرَاقِهِ (أَوْ مُؤْنَةِ سَفَرِهِ) مُبَاحًا كَانَ أَوْ طَاعَةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ لِلسَّفَرِ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يُرِيدَهُ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ مَمْلُوكٍ وَزَوْجَةٍ وَرَفِيقٍ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَخَافُ انْقِطَاعَهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْحَجِّ، وَيَظْهَرُ فِي الْمُقِيمِ اعْتِبَارُ الْفَضْلِ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَالْفِطْرَةِ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ يَحْتَاجُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاءُ دَيْنِ الْغَيْرِ بِخِلَافِ حَمْلِهِ عِنْدَ الِانْقِطَاعِ (أَوْ نَفَقَةِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَالشَّارِحُ تَبِعَ فِي قَوْلِهِ مَعَهُ الرَّوْضَةَ، وَهُوَ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ آدَمِيًّا أَمْ غَيْرَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ احْتِيَاجِهِ لِذَلِكَ حَالًا أَوْ مَآلًا، وَلَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ رَفِيقِهِ وَرُفْقَتِهِ وَزَوْجَتِهِ سَوَاءٌ فِيهِ الْكُفَّارُ وَالْمُسْلِمُونَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا أَيْضًا عَنْ مَسْكَنِهِ وَخَادِمِهِ، فَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ فِي كَلَامِهِ الْمُؤْنَةُ، وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْعَقُورِ فَمُحْتَرَمٌ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي مَوْضِعِ جَوَازِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَحْتَاجُهُ لِلْعَطَشِ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ثَمَنِهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَوْ وَجَدَ ثَوْبًا وَقَدَرَ عَلَى شَدِّهِ فِي الدَّلْوِ أَوْ عَلَى إدْلَائِهِ فِي الْبِئْرِ وَعَصْرِهِ أَوْ عَلَى شَقِّهِ وَإِيصَالِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ لِيَصِلَ وَجَبَ إنْ لَمْ يَزِدْ نُقْصَانُهُ عَلَى أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ وَأُجْرَةِ مِثْلِ الْحَبْلِ، وَلَوْ وَجَدَ ثَمَنَ الْمَاءِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى سُتْرَةِ صَلَاةٍ قَدَّمَهَا لِدَوَامِ النَّفْعِ بِهَا، وَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ مَحَلَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ بِحَفْرٍ يَسِيرٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَهَلْ تُذْبَحُ شَاةُ الْغَيْرِ الَّتِي لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا لِكَلْبِهِ الْمُحْتَرَمِ الْمُحْتَاجِ إلَى طَعَامٍ وَجْهَانِ فِي الْمَجْمُوعِ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ كَالْمَاءِ فَيَلْزَمُ مَالِكَهَا بَذْلُهَا لَهُ وَعَلَى نَقْلِهِ عَنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: صِفَةٌ كَاشِفَةٌ) الصَّوَابُ لَازِمَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْكَاشِفَةَ هِيَ الْمُبَيِّنَةُ لِحَقِيقَةِ مَتْبُوعِهَا كَقَوْلِهِمْ الْجِسْمُ الطَّوِيلُ الْعَرِيضُ الْعَمِيقُ يَحْتَاجُ إلَى فَرَاغٍ يَشْغَلُهُ، وَاللَّازِمَةُ هِيَ الَّتِي لَا تَنْفُك عَنْ مَتْبُوعِهَا وَلَيْسَتْ مُبَيِّنَةً لِمَفْهُومِهِ كَالضَّاحِكِ بِالْقُوَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِنْسَانِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ يُرِيدَهُ) أَيْ السَّفَرَ، وَالْمُرَادُ بِالْإِرَادَةِ هُنَا الِاحْتِيَاجُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَرَفِيقٌ) هُوَ بِالْفَاءِ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَخَافُ انْقِطَاعُهُمْ) أَيْ فَيَجِبُ حَمْلُهُمْ مُقَدَّمًا عَلَى طَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: كَالْفِطْرَةِ) يُؤْخَذُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِهَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فَضْلُهُ عَنْ مَسْكَنِهِ وَخَادِمِهِ الَّذِي يَحْتَاجُهُ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الدَّيْنِ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ: وَلَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الْغَيْرُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَصْلًا لَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ حَمْلِهِ) أَيْ حَمْلِ غَيْرِهِ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَهُ وَهُوَ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ أَوْ كَانَ لِبَعْضِ رُفْقَتِهِ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ الْمُؤْنَةُ) وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ هُنَا: وَلَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ إلَخْ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَلَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ مَمْلُوكٍ وَزَوْجَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَارِكُ الصَّلَاةِ) أَيْ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهَا وَامْتِنَاعِهِ مِنْهَا.
وَعِبَارَةُ حَجّ: وَمِنْهُ أَنْ يُؤْمَرَ بِهَا فِي الْوَقْتِ وَأَنْ يُسْتَتَابَ بَعْدَهُ فَلَا يَتُوبَ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ اسْتِتَابَتِهِ وَمِثْلُهُ فِي هَذَا كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ اسْتِتَابَتُهُ، وَزَانٍ مُحْصَنٌ (قَوْلُهُ: وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ) أَيْ فَلَا يَكُونُ احْتِيَاجُهُ عُذْرًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ.
بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَدُوٌّ فَيَجِبُ، كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي السِّيَرِ قُبَيْلَ فَصْلِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانِهِمْ إلَخْ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْخِنْزِيرَ إذَا كَانَ فِيهِ عَدُوٌّ يَجِبُ قَتْلُهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الْعُبَابِ فِي الْبَيْعِ مِنْ وُجُوبِ قَتْلِهِ عَلَى مَا فِيهِ عَدُوٌّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْعَقُورِ إلَخْ) مِنْهُ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ (قَوْلُهُ: قَدَّمَهَا) أَيْ السُّتْرَةَ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفْسِهِ إنْ لَاقَ بِهِ أَوْ بِمَنْ يَسْتَأْجِرُهُ إنْ لَمْ تَزِدْهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ كَالْمَاءِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَجِبُ لِمَالِكِهَا قِيمَتُهَا وَإِنْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ بَذْلِهَا جَازَ
[حاشية الرشيدي]
الْآتِي، بِخِلَافِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي فَكِّ عَيْنِهِ هُنَا فَلَيْسَ مَحْضَ أَدَاءِ دَيْنِ الْغَيْرِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ كَاشِفَةٌ) الصَّوَابُ لَازِمَةٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يُرِيدَهُ) ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلسَّفَرِ، وَرَجَعَهُ شَيْخُنَا لِلْمُؤْنَةِ بِتَضْمِينٍ يُرِيدُهُ مَعْنَى يَحْتَاجُهُ (قَوْلُهُ: بِحَفْرٍ يَسِيرٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مَشَقَّةٌ لَهَا وَقْعٌ فَلْيُرَاجَعْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute