الزَّوْجَةِ لِمَنْ وَكَّلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ لَهُ هُنَا يَرْجِعُ إلَيْهِ وَثَمَّ يَتَقَيَّدُ بِالْكُفْءِ وَيَكْفِي تَزَوَّجْ لِي مَنْ شِئْت وَإِحْدَى هَؤُلَاءِ لِأَنَّ عُمُومَهُ الشَّامِلَ لِأَفْرَادِهِ مُطَابَقَةٌ يَنْفِي الْغَرَرَ بِخِلَافِ امْرَأَةٍ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْأَزْوَاجِ، وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ شَفَقَةٌ تَدْعُوهُ إلَى حُسْنِ اخْتِبَارِهِ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ (وَيُحْتَاطُ الْوَكِيلُ) حَتْمًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَلَا يُزَوِّجُ) بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَثَمَّ مَنْ يَبْذُلُ أَكْثَرَ مِنْهُ: أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ صَحَّ الْعَقْدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَتَأَثَّرُ بِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ، وَلَا يُزَوِّجُ أَيْضًا (غَيْرَ كُفْءٍ) فَلَوْ خَطَبَهَا أَكْفَاءٌ مُتَفَاوِتُونَ لَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهَا وَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ الْأَكْفَاءِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ بِالْمَصْلَحَةِ وَهِيَ مُنْحَصِرَةٌ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْوَلِيَّ ذَلِكَ لِأَنَّ نَظَرَهُ أَوْسَعُ مِنْ نَظَرِ الْوَكِيلِ فَفُوِّضَ الْأَمْرُ إلَى مَا يَرَاهُ أَصْلَحَ، وَلَوْ اسْتَوَيَا كَفَاءَةً وَأَحَدُهُمَا مُتَوَسِّطٌ وَالْآخَرُ مُوسِرٌ تَعَيَّنَ الثَّانِي فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت جَازَ لَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ كَمَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ زَوِّجْهَا مَنْ شَاءَتْ فَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا (وَغَيْرُ الْمُجْبِرِ) كَالْأَبِ فِي الثَّيِّبِ (إنْ قَالَتْ لَهُ وَكِّلْ وَكَّلَ) وَلَهُ التَّزْوِيجُ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ قَالَتْ لَهُ وَكِّلْ وَلَا تُزَوِّجْنِي بِنَفْسِك فَسَدَ الْإِذْنُ لِأَنَّهُ صَارَ لِلْأَجْنَبِيِّ ابْتِدَاءً، نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا قَصَدَتْ إجْلَالَهُ صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ جَعَلْت إلَيْك أَنْ تُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِك فِي بَيْعِ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَلَا تَبِعْهَا بِنَفْسِك أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَلَا الْإِذْنُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ غَيْرَهُ (وَإِنْ نَهَتْهُ) عَنْ التَّوْكِيلِ (فَلَا) يُوَكِّلُ عَمَلًا بِإِذْنِهَا كَمَا يُرَاعِي إذْنَهَا فِي أَصْلِ التَّزْوِيجِ (وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (زَوِّجْنِي) وَأَطْلَقَتْ فَلَمْ تَأْمُرْهُ بِتَوْكِيلٍ وَلَا نَهَتْهُ عَنْهُ (فَلَهُ التَّوْكِيلُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ بِالْإِذْنِ صَارَ وَلِيًّا شَرْعًا: أَيْ مُتَصَرِّفًا بِالْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَمَلَكَ التَّوْكِيلَ عَنْهُ وَبِهِ فَارَقَ كَوْنُ الْوَكِيلِ لَا يُوَكِّلُ إلَّا لِحَاجَةٍ وَيَلْزَمُ الِاحْتِيَاطُ هُنَا نَظِيرُ مَا مَرَّ وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِالْإِذْنِ فَلَا يُوَكِّلُ إلَّا بِإِذْنٍ كَالْوَكِيلِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ لَهُ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ لَهُ (قَوْلُهُ: يَنْفِي الْغَرَرَ) أَيْ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي نِكَاحِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَرَادَهَا الْوَكِيلُ، بِخِلَافِ امْرَأَةٍ فَإِنَّ مُسَمَّاهُ وَاحِدَةٌ لَا بِعَيْنِهَا، فَلَا يُنَافِي إرَادَةَ الزَّوْجِ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِحَيْثُ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ وُفُورَ شَفَقَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَحَّ الْعَقْدُ) أَيْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ الَّذِي زُوِّجَ بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَأَثَّرُ بِفَسَادِ الْمُسَمَّى) أَيْ فَأَثَّرَتْ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُسَمَّى يَفْسُدُ هُنَا مَعَ صِحَّةِ النِّكَاحِ بَلْ الْوَاجِبُ عَلَى الزَّوْجِ مَا سَمَّاهُ فَقَطْ حَيْثُ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ الْأَكْفَاءِ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْأَكْفَاءِ أَصْلَحَ مِنْ حَيْثُ الْيَسَارِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ وَنَحْوِهِمَا، وَلَوْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْوَلِيَّ ذَلِكَ) أَيْ التَّزْوِيجُ مِنْ الْأَكْفَاءِ (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ مُوسِرٌ) قَالَ حَجّ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَمَحَلُّهُ إنْ سَلِمَ مَا لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ أَصْلَحَ لِحُمْقِ الثَّانِي وَشِدَّةِ بُخْلِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الثَّانِي) أَيْ فَإِنْ زُوِّجَ مِنْ الْأَوَّلِ لَمْ يَصِحَّ، وَقَدْ يُشْكَلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَثُمَّ لَمْ يَبْذُلْ أَكْثَرَ مِنْهُ صَحَّ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الضَّرَرَ هُنَا يَفُوتُ الْأَيْسَرَ أَشَدَّ مِنْ فَوَاتِ الزِّيَادَةِ فِي الْمَهْرِ لِدَوَامِ النِّكَاحِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَتْ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) هِيَ قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَتْ لَهُ وَكِّلْ وَلَا تُزَوِّجْنِي بِنَفْسِك (قَوْلُهُ: جَعَلْت إلَيْك أَنْ تُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِك) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ جَعَلْت لَك أَنْ تُوَكِّلَ عَنِّي، أَوْ أَطْلَقَ وَنَهَاهُ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ فَلَا يَبْطُلُ تَوْكِيلُهُ (قَوْلُهُ: يُوَكِّلَ عَنْهُ غَيْرَهُ) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُوَكَّلُ إلَّا لِحَاجَةٍ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُوَكِّلُ فِي التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الِاحْتِيَاطُ) أَيْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ) أَيْ فِي تَوْكِيلِ الْمُجْبِرِ
[حاشية الرشيدي]
الْعِلْمِ فَقَطْ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِي الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ
(قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الثَّانِي) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute