الزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا، وَيَصِحُّ إذْنُهَا لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَا تَوْكِيلَ الْوَلِيِّ لِمَنْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ كَذَلِكَ، لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْوَلِيِّ بِالْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَزْوِيجَ الْوَكِيلِ بِالْوِلَايَةِ الْجَعْلِيَّةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأُولَى أَقْوَى مِنْ الثَّانِيَةِ فَيُكْتَفَى فِيهَا بِمَا لَا يُكْتَفَى بِهِ فِي الْجَعْلِيَّةِ وَلِأَنَّ بَابَ الْإِذْنِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْبَابَيْنِ يَحْمِلُ عَدَمَ الصِّحَّةِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالصِّحَّةِ عَلَى التَّصَرُّفِ إذْ قَدْ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ وَيَصِحُّ تَصَرُّفٌ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ (وَلْيَقُلْ وَكِيلُ الْوَلِيِّ) لِلزَّوْجِ (زَوَّجْتُك بِنْتَ فُلَانٍ) ابْنِ فُلَانٍ وَيَرْفَعُ نَسَبَهُ إلَى أَنْ يَتَمَيَّزَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ ثُمَّ يَقُولُ مُوَكِّلِي، أَوْ وَكَالَةً عَنْهُ مَثَلًا إنْ جَهِلَ الزَّوْجُ، أَوْ الشَّاهِدَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا وَكَالَتَهُ عَنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ، وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ تَصْرِيحِ الْوَكِيلِ بِهَا فِيمَا يَأْتِي إنْ جَهِلَهَا الْوَلِيُّ، أَوْ الشَّاهِدَانِ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ فِي الْعِلْمِ فِي كَوْنِهِ وَكِيلًا بِقَوْلِهِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِإِخْبَارِ الرَّقِيقِ بِأَنَّ سَيِّدَهُ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِإِثْبَاتِ الْوِلَايَةِ لِنَفْسِهِ مَعَ أَنَّ هَذَا بِعَيْنِهِ جَارٍ فِي الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ تَثْبُتْ وَكَالَتُهُ بِقَوْلِهِ بَلْ إنَّ الْعَقْدَ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ الثَّابِتَةِ بِغَيْرِ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ (وَلْيَقُلْ الْوَلِيُّ لِوَكِيلِ الزَّوْجِ: زَوَّجْت بِنْتِي فُلَانًا) ابْنَ فُلَانٍ كَذَلِكَ (فَيَقُولُ وَكِيلُهُ قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ) وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ فِي الْبَيْعِ لِخِطَابِ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ لَهُ وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ هُنَا لَهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا اطِّلَاعَ لَهُمْ عَلَى النِّيَّةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ لِعَدَمِ الْإِذْنِ لَهُ فِي التَّزَوُّجِ مِنْهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَذِنَ الْإِنْسَانُ فِي تَزَوُّجِ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَهُ فَقَبِلَ نِكَاحَهَا لَهُ غَيْرُهُ فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْإِذْنِ لِلْغَيْرِ وَإِنْ عُلِمَتْ رَغْبَةُ الزَّوْجِ فِي تِلْكَ الْمَرْأَةِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْوَلِيِّ بِالْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَزْوِيجَ الْوَكِيلِ بِالْوِلَايَةِ الْجَعْلِيَّةِ) قَدْ يُشْكَلُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ مَا مَرَّ مِنْ الْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ قَالَتْ لِلْقَاضِي أَذِنْت لِأَخِي أَنْ يُزَوِّجَنِي إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: ثُبُوتُ الْوِلَايَةِ لِلْخَاصِّ أَقْوَى مِنْهَا لِغَيْرِهِ، فَأَثَّرَ تَعْلِيقُ الْإِذْنِ لِلْقَاضِي ثَمَّ وَلَمْ يُؤَثِّرْ هُنَا، أَوْ يُقَالُ: الْوِلَايَةُ لِلْأَبِ ثَابِتَةٌ هُنَا حَالَ الْإِذْنِ وَوِلَايَةُ الْقَاضِي لَمْ تَثْبُتْ إلَّا عِنْدَ عَضْلِ الْأَخِ، وَمِنْ ثَمَّ جَرَى الْخِلَافُ فِي أَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ حِينَئِذٍ بِالْوِلَايَةِ، أَوْ الْوَكَالَةِ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ فِي الْبَابَيْنِ) أَيْ بَابِ الْوَكَالَةِ وَبَابِ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَلْيَقُلْ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ تَصْرِيحِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّصْرِيحَ بِالْوَكَالَةِ فِيمَا ذُكِرَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَاسْتَوْجَهَ حَجّ أَنَّهُ شَرْطٌ لِحِلِّ التَّصَرُّفِ لَا غَيْرَ، وَقَوْلُهُ بِهَا: أَيْ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: فِي كَوْنِهِ وَكِيلًا بِقَوْلِهِ) أَيْ ثَمَّ إنْ صَدَقَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ التَّوْكِيلِ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ النِّكَاحِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْكَارُ الْمُوَكِّلِ فِي نِكَاحِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ لَهُ) لَا يُقَالُ كَمَا يُمْكِنُ وُقُوعُ عَقْدِ الْبَيْعِ لِلْوَكِيلِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْبَابَيْنِ) يَعْنِي بَابَيْ النِّكَاحِ وَالْوَكَالَةِ، فَإِنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ مَا إذَا وَكَّلَ الْوَلِيَّ مَنْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ وَجَزَمَ فِيهَا بِالْبُطْلَانِ، وَنَقَلَ فِي بَابِ النِّكَاحِ فِيهَا الصِّحَّةَ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالتَّنَاقُضِ، فَأَفْتَى وَالِدُ الشَّارِحِ بِاعْتِمَادِ مَا فِي بَابِ الْوَكَالَةِ وَتَضْعِيفِ مَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَرَدِّ مَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِمَّا ذُكِرَ، وَلَكِنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُمَهِّدْ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ الْمُرَادُ بِالْبَابَيْنِ (قَوْلُهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِالْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ: وَيُرْفَعُ نَسَبُهُ) لَعَلَّهُ إذَا جَهِلَهُ الزَّوْجُ أَوْ الشَّاهِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَخْذًا مِنْ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ هَذَا بِعَيْنِهِ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُنَافَاةِ الْمَنْفِيَّةِ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إلَخْ هُوَ وَجْهُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يُثْبِتْ وَكَالَتَهُ بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ إلَّا الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ وَمَضْمُونُهُ مَا ذُكِرَ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ إنْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَا وَكِيلُ فُلَانٍ كَمَا قَالَ الرَّقِيقُ قَدْ أَذِنَ لِي سَيِّدِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ لَهُ) أَيْ مَعَ تَسْمِيَةِ الْمُوَكِّلِ فِي الْإِيجَابِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ، وَهَذَا هُوَ مَحَلُّ الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ وَإِنْ نَوَاهُ بِدَلِيلِ الْعِلَّةِ وَصَرَّحَ بِهَذِهِ الْغَايَةِ فِي التُّحْفَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute