للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبَلَ، أَوْ لَا كَمَا ذُكِرَ مَعَ التَّصْرِيحِ بِوَكَالَتِهِ إنْ جُهِلَتْ ثُمَّ يُجِيبُهُ الْوَلِيُّ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ هَذَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي الصِّيغَةِ وَلَوْ كَانَا وَكِيلَيْنِ قَالَ وَكِيلُ الْوَلِيِّ زَوَّجْت بِنْتَ فُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ وَقَالَ وَكِيلُ الزَّوْجِ مَا ذُكِرَ، وَإِنْكَارُ الْمُوَكِّلِ فِي نِكَاحِهِ لِلْوَكَالَةِ يُبْطِلُ النِّكَاحَ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِوُقُوعِهِ لِلْوَكِيلِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ أَرَادَ الْأَبُ قَبُولَ نِكَاحٍ لِابْنِهِ مَحْجُورِهِ فَلْيَقُلْ لَهُ الْوَلِيُّ زَوَّجْت فُلَانَةَ بِابْنِك فَيَقُولُ الْأَبُ قَبِلْت نِكَاحَهَا لِابْنِي، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوْكِيلِ بِإِيجَابِ النِّكَاحِ، أَوْ قَبُولِهِ ذِكْرُ الْمَهْرِ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الزَّوْجُ عَقَدَ لَهُ وَكِيلُهُ عَلَى مَنْ تُكَافِئُهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ عَقَدَ بِأَزْيَدَ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَنَظِيرِهِ فِي الْخُلْعِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَإِنْ عَقَدَ وَكِيلُ الْوَلِيِّ بِدُونِ مَا قَدَّرَهُ لَهُ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ وَالْأَنْوَارِ فِي نَفْيِ الصِّحَّةِ عَلَى الْمَهْرِ لَا النِّكَاحِ وَإِنْ عَقَدَ وَكِيلُ الزَّوْجِ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَذِنَ لَهُ فِيهِ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ بِعَبْدِك هَذَا مَثَلًا فَفَعَلَ صَحَّ وَمَلَكَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَكَانَ قَرْضًا لَا هِبَةً فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا اقْتَضَاهُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ فِي اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا.

(وَيَلْزَمُ الْمُجْبِرَ) أَيْ الْأَبَ وَالْجَدَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا الْإِجْبَارُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ الْآتِيَةِ، فَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ شَأْنُهُ الْإِجْبَارُ وَمِثْلُهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدَمِهِ: أَيْ أَصْلًا، أَوْ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ الرُّجُوعُ إلَيْهِ، وَالْمُجْبِرُ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ (تَزْوِيجُ) بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ مُؤَخَّرٌ (مَجْنُونَةٍ) أَطْبَقَ جُنُونُهَا (بَالِغَةٍ) مُحْتَاجَةٍ لِلْوَطْءِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي، أَوْ لِلْمَهْرِ أَوْ لِلنَّفَقَةِ وَلَوْ ثَيِّبًا، وَحَذْفُ الْحَاجَةِ اكْتِفَاءٌ بِالْبُلُوغِ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهَا غَالِبًا (وَمَجْنُونٍ) أَطْبَقَ جُنُونُهُ بَالِغٍ (ظَهَرَتْ حَاجَتُهُ) بِظُهُورِ أَمَارَاتِ تَوَقَانِهِ بِدَوَرَانِهِ حَوْلَ النِّسَاءِ أَوْ بِتَوَقُّعِ الشِّفَاءِ بِقَوْلِ عَدْلٍ طَبِيبٍ أَوْ بِاحْتِيَاجِهِ لِمَنْ يَخْدُمُهُ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ مِنْ نَحْوِ مَحْرَمٍ وَمُؤَنُ النِّكَاحِ أَخَفُّ مِنْ ثَمَنِ سَرِيَّةٍ وَمُؤْنَتِهَا، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا يَلْزَمُهَا خِدْمَتُهُ وَإِنْ وَعَدَتْ فَقَدْ لَا تَفِي اكْتِفَاءً بِدَاعِيَةِ طَبْعِهَا وَمُسَامَحَتِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُمْكِنُ وُقُوعُ النِّكَاحِ لِلْوَكِيلِ بِأَنْ يُعْرِضَ الْوَلِيُّ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَيُزَوِّجَ الْوَكِيلُ فَيَقْبَلُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ إذَا أَوْقَعَهُ الْبَائِعُ لِلْمُوَكِّلِ وَاشْتَرَى لَهُ الْوَكِيلُ يُمْكِنُ إلْغَاءُ تَسْمِيَةِ الْمُوَكِّلِ وَيَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَسَمَّى الْمُوَكِّلُ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ، وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ فَإِنَّهُ حَيْثُ عُلِّقَ الْعَقْدُ بِالْمُوَكِّلِ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ لِلْوَكِيلِ

(قَوْلُهُ: لِابْنِي) أَيْ، أَوْ لَهُ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْت ابْنِي بِنْتَك فَلَا يَصِحُّ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ تُكَافِئُهُ) صَرِيحُ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ امْرَأَةً وَإِلَّا لَمْ تُشْتَرَطْ الْمُكَافَأَةُ، بَلْ يُقْبَلُ نِكَاحُ الْمُعَيَّنَةِ وَإِنْ لَمْ تُكَافِئْ الزَّوْجَ، لَكِنَّهُ يُشْكَلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ أَذِنَ فِي نِكَاحِ امْرَأَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ، فَإِنْ أُجِيبَ عَمَّا هُنَا بِفَرْضِ الْكَلَامِ فِيمَا لَوْ قَالَ لَهُ تَزَوَّجْ لِي مَنْ شِئْت.

قُلْنَا: يُشْكَلُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمَرْأَةِ مُكَافِئَةً لِأَنَّ صَرِيحَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَرْأَةِ كَوْنُهَا مُكَافِئَةً لِلتَّعْمِيمِ بِقَوْلِهِ مَنْ شِئْت، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ هُنَا عَلَى مَنْ تُكَافِئُهُ عَلَى مَنْ تَصْلُحُ لَهُ (قَوْلُهُ: بِدُونِ مَا قَدَّرَهُ لَهُ صَحَّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مَا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ فَوْقَ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مَا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ قَرْضًا) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَرْضًا أَنْ يَلْزَمَهُ رَدُّ مِثْلِهِ الصُّورِيِّ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْقَرْضِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي كَذَا بِثَوْبِك هَذَا فَفَعَلَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَقِيَاسُهُ هُنَا لُزُومُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهَا صُدِّقَ الْغَارِمُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْبُلُوغَ (قَوْلُهُ: وَمَجْنُونٍ) أَيْ مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ لَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ بِقَوْلِ عَدْلٍ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَلَا كَوْنُ الْإِخْبَارِ بِذَلِكَ لِلْقَاضِي، بَلْ يَكْفِي فِي الْوُجُوبِ عَلَى الْأَبِ مُجَرَّدُ إخْبَارِ الْعَدْلِ بِالِاحْتِيَاجِ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَخْدُمُهُ) بِضَمِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِقَوْلِ عَدْلٍ) الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ لِمَا سَيَأْتِي فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمُؤَنُ النِّكَاحِ أَخَفُّ إلَخْ) لَعَلَّ الْحَالَ هُنَا مُقَيَّدَةٌ لِيَخْرُجَ مَا إذَا كَانَ ثَمَنُ السَّرِيَّةِ وَمُؤَنُهَا أَخَفَّ، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ نَصًّا فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>