التَّتِمَّةِ وَلِلْعَجَمِ عُرْفٌ فِي النَّسَبِ فَيُعْتَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرُوهُ مِمَّا مَرَّ كَتَقْدِيمِ بَنِي إسْرَائِيلَ، وَكَذَا مَا قِيسَ بِذَلِكَ مِنْ اعْتِبَارِ عُرْفِهِمْ فِي الْحِرَفِ أَيْضًا يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ مَا يَأْتِي عَنْهُمْ مِنْ أَنَّهُ رَفِيعٌ، أَوْ دَنِيءٌ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ بِعُرْفٍ لَهُمْ وَلَا لِغَيْرِهِمْ، خَالَفَ مَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِالْعُرْفِ وَهُوَ بَعْدَ أَنْ عَرَفُوهُ وَقَرَّرُوهُ لَا نَسْخَ فِيهِ.
وَالثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَنُونَ بِحِفْظِ الْأَنْسَابِ وَلَا يُدَوِّنُونَهَا بِخِلَافِ الْعَرَبِ (وَ) رَابِعُهَا (عِفَّةٌ) عَنْ الْفِسْقِ فِيهِ وَفِي آبَائِهِ (فَلَيْسَ فَاسِقٌ) وَلَوْ ذِمِّيًّا فَاسِقًا فِي دِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، أَوْ مُبْتَدِعٌ وَلَا ابْنُ أَحَدِهِمَا وَإِنْ سَفَلَ (كُفْءَ عَفِيفَةٍ) أَوْ سُنِّيَّةٍ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الرُّويَانِيُّ وَأَقَرَّاهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} [السجدة: ١٨] وَغَيْرُ الْفَاسِقِ وَلَوْ مَسْتُورًا كُفْءٌ لَهُمَا وَغَيْرُ مَشْهُورٍ بِالصَّلَاحِ كُفْءٌ لِلْمَشْهُورَةِ بِهِ وَفَاسِقٌ كُفْءٌ لِفَاسِقَةٍ مُطْلَقًا إلَّا إنْ زَادَ فِسْقُهُ، أَوْ اخْتَلَفَ نَوْعُهُمَا كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَمُنَازَعَةُ الزَّرْكَشِيّ مَرْدُودَةٌ بِظُهُورِ الْفَرْقِ وَيُجْرَى ذَلِكَ فِي كُلِّ مُبْتَدِعٍ وَمُبْتَدِعَةٍ
(وَ) خَامِسُهَا (حِرْفَةٌ) فِيهِ، أَوْ فِي أَحَدٍ مِنْ آبَائِهِ وَهِيَ مَا يُتَحَرَّفُ بِهِ لِطَلَبِ الرِّزْقِ مِنْ الصَّنَائِعِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ بَاشَرَ صَنْعَةً دَنِيئَةً لَا عَلَى جِهَةِ الْحِرْفَةِ بَلْ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ لَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِيهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي أَنَّ مَنْ بَاشَرَ نَحْوَ ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ لَا تَنْخَرِمُ بِهِ مُرُوءَتُهُ (فَصَاحِبُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ) بِالْهَمْزِ وَالْمَدِّ وَهِيَ مَا دَلَّتْ مُلَابَسَتُهُ عَلَى انْحِطَاطِ الْمُرُوءَةِ وَسُقُوطِ النَّفْسِ.
قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَيْسَ مِنْهَا نِجَارَةٌ بِالنُّونِ وَتِجَارَةٌ بِالتَّاءِ.
وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: تُرَاعَى فِيهَا عَادَةُ الْبَلَدِ، فَإِنَّ الزِّرَاعَةَ قَدْ تَفْضُلُ التِّجَارَةَ فِي بَلَدٍ وَفِي بَلَدٍ أُخْرَى بِالْعَكْسِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ بِالْعُرْفِ الْعَامِّ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ بَلَدُ الزَّوْجَةِ لَا بَلَدُ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَارِهَا وَعَدَمِهِ وَذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالنِّسْبَةِ لِعُرْفِ بَلَدِهَا: أَيْ الَّتِي هِيَ بِهَا حَالَةَ الْعَقْدِ، وَذَكَرَ فِي الْأَنْوَارِ تَفَاضُلًا بَيْنَ كَثِيرٍ مِنْ الْحِرَفِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فَبِنْتُ مَنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَا يُكَافِئُهَا ابْنُ مَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهَا مَعَ مُشَارَكَتِهَا لِأَبِيهَا فِي بَقِيَّةِ الْخِصَالِ الْمُعْتَبَرَةِ (قَوْلُهُ: خَالَفَ) أَيْ قَوْلُهُ يُعْرَفُ لَهُمْ (قَوْلُهُ: وَفِي آبَائِهِ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْفِسْقَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْأُمَّهَاتِ وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ فَسَقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذِمِّيًّا فَاسِقًا) أَيْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ مُبْتَدِعٌ) أَيْ لَا نُكَفِّرُهُ بِبِدْعَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كَالشِّيعَةِ وَالرَّافِضَةِ (قَوْلُهُ:، أَوْ سُنِّيَّةٌ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا ابْنُ أَحَدِهِمَا وَإِنْ كَانَ أَبُوهَا فَاسِقًا، أَوْ مُبْتَدِعًا وَالزَّوْجُ عَفِيفًا سُنِّيًّا (قَوْلُهُ: كُفْءٌ لَهُمَا) أَيْ الْعَفِيفَةِ وَالسُّنِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَفَاسِقٌ كُفْءٌ لِفَاسِقَةٍ مُطْلَقًا) أَيْ بِالزِّنَا، أَوْ شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ:، أَوْ اخْتَلَفَ نَوْعُهُمَا) أَيْ نَوْعُ الْفِسْقَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ إلَّا إنْ زَادَ فِسْقُهُ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ بَاشَرَ نَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ (قَوْلُهُ: وَسُقُوطُ النَّفْسِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ بَلَدُ الزَّوْجَةِ) أَيْ فَلَوْ أَوْجَبَ الْوَلِيُّ فِي بَلَدٍ وَمُوَلِّيَتُهُ فِي بَلَدٍ أُخْرَى فَالْعِبْرَةُ بِبَلَدِ الزَّوْجَةِ لَا بَلَدِ الْعَقْدِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ: أَيْ الَّتِي بِهَا حَالَةَ الْعَقْدِ
(قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ بِهَا) قَضِيَّتُهُ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ مَجِيئُهَا لَهَا لِعَارِضٍ كَزِيَارَةٍ وَفِي نِيَّتِهَا الْعَوْدُ إلَى وَطَنِهَا وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ أَيْ الَّتِي هِيَ بِهَا إلَخْ إنْ كَانَ الْمُرَادُ الَّتِي بِهَا عَلَى وَجْهِ التَّوَطُّنِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَانَ أَهْلًا لَهَا. اهـ.
وَيَدُلُّ لَهُ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: خَالَفَ إلَخْ) وَصْفٌ لِعُرْفٍ (قَوْلُهُ: وَعِفَّةٌ عَنْ الْفِسْقِ فِيهِ وَفِي آبَائِهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ ابْنَ الْفَاسِقِ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ عَفِيفًا لَا يُكَافِئُ الْعَفِيفَةَ وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ فَاسِقٍ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كُفْءٌ لَهَا) هُوَ بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثَةِ الرَّاجِعِ إلَى الْعَفِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ كُفْءٌ لَهُمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ، فَجَعَلَ الشَّيْخُ الضَّمِيرَ لِلْعَفِيفَةِ وَالسُّنِّيَّةِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُبْتَدِعَ كُفْءٌ لَهُمَا إذْ هُوَ مِنْ غَيْرِ الْفَاسِقِ بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) هَذَا الْإِطْلَاقُ بِالنِّسْبَةِ لِأَنْوَاعِ الْفِسْقِ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُمَا بِزِنًا أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا بِشَرْطِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ إلَخْ) هَذَا مِنْهُ مَصِيرٌ إلَى