للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُرْفِ بَلَدِهِ (لَيْسَ) هُوَ، أَوْ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ (كُفْءَ أَرْفَعَ مِنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} [النحل: ٧١] أَيْ سَبَبِهِ فَبَعْضُهُمْ يَصِلُهُ بِعِزٍّ وَسُهُولَةٍ وَبَعْضُهُمْ بِضِدِّهِمَا (فَكَنَّاسٌ وَحَجَّامٌ وَحَارِسٌ) وَبَيْطَارٌ وَدَبَّاغٌ (وَرَاعٍ) وَلَا يُنَافِي عَدُّهُ هُنَا مَا وَرَدَ «مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا رَعَى الْغَنَمَ» لِأَنَّ مَا هُنَا بِاعْتِبَارِ مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ وَغَلَبَ عَلَى الرِّعَاءِ بَعْدَ تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ مِنْ التَّسَاهُلِ فِي الدِّينِ وَقِلَّةِ الْمُرُوءَةِ (وَقَيِّمُ حَمَّامٍ) هُوَ وَأَبُوهُ (لَيْسَ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ كُلَّ ذِي حِرْفَةٍ فِيهَا مُبَاشَرَةُ نَجَاسَةٍ كَالْجِزَارَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لَيْسَ كُفْءَ الَّذِي حِرْفَتُهُ لَا مُبَاشَرَةَ فِيهَا لَهَا، وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْحِرَفِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا تَفَاضُلًا مُتَسَاوِيَةٌ إلَّا إنْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِتَفَاوُتِهَا كَمَا مَرَّ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ الْقَصَّابَ لَيْسَ كُفْءً لِبِنْتِ السَّمَّاكِ خِلَافًا لِلْقَمُولِيِّ (وَلَا خَيَّاطٌ) كُفْءَ (بِنْتِ تَاجِرٍ) وَهُوَ مَنْ يَجْلِبُ الْبَضَائِعَ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِجِنْسٍ مِنْهَا لِلْبَيْعِ

وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَعْبِيرَهُمْ بِالْجَلْبِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُمْ لِلتِّجَارَةِ بِأَنَّهَا تَقْلِيبُ الْمَالِ لِغَرَضِ الرِّبْحِ، وَأَنَّ مَنْ لَهُ حِرْفَتَانِ دَنِيَّةٌ وَرَفِيعَةٌ اُعْتُبِرَ مَا اُشْتُهِرَ بِهِ وَالْأَغْلَبُ الدَّنِيَّةُ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِتَغْلِيبِهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَعْبِيرِهِ بِهَا لَمْ يَبْعُدْ (أَوْ بَزَّازٌ) وَهُوَ بَائِعُ الْبَزِّ (وَلَا هُمَا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (بِنْتَ عَالَمٍ، أَوْ قَاضٍ) لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِبِنْتِ الْعَالِمِ وَالْقَاضِي مَنْ فِي آبَائِهَا الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِ أَحَدُهُمَا وَإِنْ عَلَا لِأَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ تَفْتَخِرُ بِهِ، وَالْجَاهِلُ لَا يَكُونُ كُفْءً لِلْعَالِمَةِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافَهُ لِأَنَّ الْعِلْمَ إذَا اُعْتُبِرَ فِي آبَائِهَا فَلَأَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا بِالْأَوْلَى إذْ أَقَلُّ مَرَاتِبِ الْعِلْمِ أَنْ يَكُونَ كَالْحِرْفَةِ وَصَاحِبُ الدَّنِيئَةِ لَا يُكَافِئُ صَاحِبَ الشَّرِيفَةِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْعِلْمَ مَعَ الْفِسْقِ لَا أَثَرَ لَهُ إذْ لَا فَخْرَ لَهُ حِينَئِذٍ فِي الْعُرْفِ فَضْلًا عَنْ الشَّرْعِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْقَاضِي أَهْلًا فَعَالِمٌ وَزِيَادَةٌ، أَوْ غَيْرَ أَهْلٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي قُضَاةِ زَمَنِنَا نَجِدُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ كَقَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ فَفِي النَّظَرِ إلَيْهِ نَظَرٌ، وَيَجِيءُ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي الظَّلَمَةِ الْمُسْتَوْلِينَ عَلَى الرِّقَابِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُمْ بِعَدَمِ الِاعْتِبَارِ لِأَنَّ النِّسْبَةَ إلَيْهِ عَارٌ بِخِلَافِ الْمُلُوكِ وَنَحْوِهَا اهـ.

وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعِلْمَ مَعَ الْفِسْقِ بِمَنْزِلَةِ الْحِرْفَةِ الشَّرِيفَةِ فَيُعْتَبَرُ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّ فِسْقَ أُمِّهِ وَحِرْفَتَهَا الدَّنِيئَةَ تُؤَثِّرُ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْعُرْفِ وَهُوَ قَاضٍ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافَهُ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَوَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ عَلَى عَزْمِ الْعَوْدِ لِبَلَدِهَا فَمُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ} [النحل: ٧١] إلَخْ) وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ فِي الْآيَةِ مَا يُفْهَمُ مِنْ أَنَّ أَسْبَابَ الرِّزْقِ مُخْتَلِفَةٌ وَبَعْضَهَا أَشْرَفُ مِنْ بَعْضٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي عَدُّهُ هُنَا) أَيْ مِنْ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْقَصَّابَ) أَيْ الْجَزَّارَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ يَجْلِبُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَيَجْلُبُ جَلَبًا أَيْضًا بِوَزْنِ يَطْلُبُ طَلَبًا مِثْلُهُ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ مَا اُشْتُهِرَ بِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَنْ فِي آبَائِهَا الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِمْ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْعَالِمُ فِي آبَائِهَا أَقْرَبَ مِنْ الْعَالِمِ فِي آبَائِهِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْمَنْسُوبَيْنِ إلَى مَنْ أَسْلَمَ، أَوْ إلَى الْعَتِيقِ أَنَّهُ لَا يُكَافِئُهَا، وَيُحْتَمَل الْفَرْقُ فَيَكُونُ كُفُؤًا لَهَا كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي الصَّلَاحِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي مَرَاتِبِهِ أَكْفَاءٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقَلَ مَا اسْتَقَرَّ بَنَاهُ عَلَى م ر.

وَعِبَارَةُ حَجّ تَنْبِيهٌ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْعَالِمِ هُنَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

رَأْيِ الرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا هُنَا بِاعْتِبَارِ مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ الْكَلَامُ فِيمَنْ اتَّخَذَ الرَّعْيَ حِرْفَةً (قَوْلُهُ: كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُمْ إلَخْ) وَيَدُلُّ التَّعْرِيفُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِجِنْسٍ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ أَيْضًا فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ مُخَالَفَةُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ) أَيْ فَلَوْ كَانَتْ عَالِمَةً فَاسِقَةً لَا يُكَافِئُهَا فَاسِقٌ غَيْرُ عَالِمٍ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>