وَإِلَّا فَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ سِوَى وَطْئِهِ (وَلَوْ اختلطت مَحْرَمٌ) بِنَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ مُحَرَّمَةٌ بِسَبَبٍ آخَرَ كَلِعَانٍ أَوْ تَمَجُّسٍ وَتَكَلَّفَ بَعْضُهُمْ ضَبْطَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ ذَلِكَ (بِنِسْوَةِ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ) بِأَنْ كُنَّ غَيْرَ مَحْصُورَاتٍ (نَكَحَ) إنْ أَرَادَ (مِنْهُنَّ) وَلَوْ قَدَرَ بِسُهُولَةٍ عَلَى مُتَيَقِّنَةِ الْحِلِّ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ رُخْصَةً مِنْهُ تَعَالَى، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُبَحْ لَهُ ذَلِكَ رُبَّمَا انْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ سَافَرَ لِبَلَدٍ لَا يَأْمَنُ مُسَافِرَتَهَا إلَيْهِ وَيَنْكِحُ إلَى أَنْ يَبْقَى مَحْصُورًا كَمَا رَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَلَا يُخَالِفُهُ تَرْجِيحُهُمْ فِي الْأَوَانِي الْأَخْذَ إلَى أَنْ يَبْقَى وَاحِدٌ، إذْ النِّكَاحُ يُحْتَاطُ لَهُ فَوْقَ غَيْرِهِ، وَمَا فَرَّقَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ فَيُبَاحُ الْمَظْنُونُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ بِخِلَافِهِ هُنَا مَرْدُودٌ بِمَا تَقَرَّرَ مِنْ حِلِّ الْمَشْكُوكِ فِيهَا مَعَ وُجُودِ مُتَيَقَّنَةِ الْحِلِّ، وَسَيَأْتِي حِلُّ مُخْبِرَتِهِ بِالتَّحْلِيلِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَإِنْ ظَنَّ كَذِبَهَا (لَا بِمَحْصُورَاتٍ) فَلَا يَنْكِحُ مِنْهُنَّ، وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ مَعَ عَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِي اجْتِنَابِهِنَّ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ هُنَا، نَعَمْ لَوْ تَيَقَّنَ صِفَةً بِمَحْرَمِهِ كَسَوَادٍ نَكَحَ غَيْرَ ذَاتِ السَّوَادِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَاجْتَنَبَهَا إنْ انْحَصَرْنَ.
ثُمَّ مَا عَسُرَ عَدُّهُ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ كَأَلْفٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ وَمَا سَهُلَ كَمِائَةٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْأَمَانِ وَذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ هُنَا مَحْصُورٌ وَبَيْنَهُمَا أَوْسَاطٌ تُلْحَقُ بِأَحَدِهِمَا بِالظَّنِّ، وَمَا شَكَّ فِيهِ يَسْتَثْنِي فِيهِ الْقَلْبُ.
قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ التَّحْرِيمُ عِنْدَ الشَّكِّ لِأَنَّ مِنْ الشُّرُوطِ الْعِلْمُ بِحِلِّهَا وَاعْتَرَضَ بِمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُورَثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا أَوْ تَزَوَّجَتْ زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ فَبَانَ مَيِّتًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَمَرَّ مَا فِيهِ فِي فَصْلِ الصِّيغَةِ، وَلَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ امْتَنَعَ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْوَطْءَ إنَّمَا يُبَاحُ بِالْعَقْدِ دُونَ الِاجْتِهَادِ (وَلَوْ طَرَأَ مُؤَبَّدُ تَحْرِيمٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَبِكَسْرِهَا (عَلَى نِكَاحِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِشَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ سِوَى وَطْئِهِ) أَيْ الْمَرْأَةَ عَلَى أَبِي الْوَاطِئِ، أَوْ ابْنِهِ سِوَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَطَتْ مُحَرَّمٌ) وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ وَهُوَ مَا لَوْ اخْتَلَطَ مَحْرَمُهَا بِرِجَالِ قَرْيَةٍ فَيَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ، ثُمَّ رَأَيْته فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ لِتَلَازُمِهِمَا (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) أَيْ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، وَيَجُوزُ أَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ كَلَامِهِ عَلَى مُقَابَلَةِ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي) تَقْوِيَةٌ لِلرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّ كَذِبَهَا) عِبَارَتُهُ فِيمَا يَأْتِي وَلَمْ يَقَعْ صِدْقُهَا فِي قَلْبِهِ اهـ.
وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ ظَنُّ كَذِبِهَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحَاصِلُ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي وَإِنْ كَذَّبَهَا زَوْجٌ عَيَّنَتْهُ فَمَعْنَاهُ أَنْ تَزْعُمَ أَنَّهَا تَحَلَّلَتْ بِزَمَنٍ فَكَذَّبَهَا، وَخَرَجَ بِظَنٍّ كَذِبِهَا مَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ، وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَيَّنْت الْأَمْرَ فَعَلِمْت صِدْقَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ آخِرَ الْفَصْلِ وَلَوْ كَذَّبَهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ (قَوْلِهِ وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ انْحَصَرُوا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَاجْتَنَبَهَا) أَيْ ذَاتَ السَّوَادِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ مَا فِيهِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ هَذَا يَرْجِعُ لِلشَّكِّ فِي وِلَايَةِ الْعَاقِدِ فِي كُلٍّ مِنْ أَمَةِ مُورَثِهِ وَزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَمَا هُنَا يَرْجِعُ لِلشَّكِّ فِي ذَاتِ الْمَرْأَةِ هَلْ تَحِلُّ، أَوْ لَا، وَحَاصِلُ مَا مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِتَيَقُّنِ الْحِلِّ فَلَا يَكْفِي وُجُودُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَفِي غَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ مُطَابِقَتُهُ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَبِالنِّسْبَةِ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ بِظَنِّ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ مُطْلَقًا) أَيْ مَحْصُورَاتٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَبِكَسْرِهَا) أَيْ فَيَكُونُ صِفَةً لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ سَبَبٌ مُؤَبِّدٌ لِلتَّحْرِيمِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَمِائَةٍ) الَّذِي فِي عِبَارَةِ الْغَزَالِيِّ كَعِشْرِينَ.
وَلَمَّا نَقَلَهَا الْعَلَّامَةُ حَجّ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ كَعِشْرِينَ بَلْ كَمِائَةٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ إلَخْ، فَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ بِخِلَافِ مَا فِي الشَّارِحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute