للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِفَتْحِ أَوَّلِهِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ أَيْ وَانْتَفَى قَصْدُهُمَا، وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ ضَمَّ وَبَنَى لِلْفَاعِلِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ فَوْقِيَّةً أَوْهَمَ اشْتِرَاطَ فِعْلِهَا، أَوْ تَحْتِيَّةً أَوْهَمَ اشْتِرَاطَ فِعْلِهِ (بِقُبُلِهَا حَشَفَتُهُ) وَلَوْ مَعَ نَوْمٍ وَلَوْ مِنْهُمَا مَعَ زَوَالِ بَكَارَتِهَا وَلَوْ غَوْرَاءَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ لَفَّ عَلَى الْحَشَفَةِ خِرْقَةً خَشِنَةً وَلَمْ يُنْزِلْ، أَوْ قَارَنَهَا نَحْوُ صَوْمٍ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ عِدَّةِ شُبْهَةٍ عَرَضَتْ بَعْدَ نِكَاحِهِ (أَوْ قَدْرُهَا) مِنْ فَاقِدِهَا فَالْعِبْرَةُ بِقَدْرِ حَشَفَتِهِ الَّتِي كَانَتْ دُونَ حَشَفَةِ غَيْرِهِ وَيُطَلِّقَهَا وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] أَيْ وَيَطَأَهَا لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك» وَهِيَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ الْجِمَاعُ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَّرَهَا بِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا بِالْعَسَلِ بِجَامِعِ اللَّذَّةِ: أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَظِنَّةِ، وَاكْتَفَى بِالْحَشَفَةِ لِإِنَاطَةِ أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ بِهَا لِأَنَّهَا الْآلَةُ الْحَسَّاسَةُ وَلَيْسَ الِالْتِذَاذُ إلَّا بِهَا، وَقِيسَ بِالْحُرِّ غَيْرُهُ وَشُرِعَ تَنْفِيرًا عَنْ الثَّلَاثِ، وَخَرَجَ بِتَنْكِحَ وَطْءُ السَّيِّدِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، بَلْ لَوْ اشْتَرَاهَا الْمُطَلِّقُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ وَبِقُبُلِهَا وَطْءُ الدُّبُرِ وَبِقَدْرِهَا أَقَلُّ مِنْهُ كَبَعْضِ حَشَفَةِ السَّلِيمِ وَكَإِدْخَالِ الْمَنِيِّ (بِشَرْطِ الِانْتِشَارِ) بِالْفِعْلِ وَإِنْ قَلَّ، أَوْ أُعِينَ بِنَحْوِ أُصْبُعٍ، وَقَوْلُ السُّبْكِيّ: لَمْ يَشْتَرِطْهُ بِالْفِعْلِ أَحَدٌ بَلْ الشَّرْطُ سَلَامَتُهُ مِنْ نَحْوِ عُنَّةٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ الْمُصَحَّحُ مَذْهَبًا وَدَلِيلًا، وَلَيْسَ لَنَا وَطْءٌ يَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُهُ عَلَى الِانْتِشَارِ سِوَى هَذَا (وَصِحَّةُ النِّكَاحِ) فَلَا يُؤَثِّرُ فَاسِدٌ وَإِنْ وَقَعَ وَطْءٌ فِيهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي الْآيَةِ لَا يَتَنَاوَلُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ لَمْ يَحْنَثْ بِهِ وَإِنْ لَحِقَ بِالْوَطْءِ مِنْهُ النَّسَبُ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِمَا عَلَى مُجَرَّدِ الشُّبْهَةِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نِكَاحٌ أَصْلًا وَعَدَمُ اخْتِلَالِهِ فَلَا يَكْفِي وَطْءٌ مَعَ رِدَّةِ أَحَدِهِمَا، أَوْ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ وَإِنْ رَاجَعَ، أَوْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ

(وَكَوْنُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ) أَيْ يُتَشَوَّفُ إلَيْهِ مِنْهُ عَادَةً لِمَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْمُرَاهِقِ (لَا طِفْلًا) وَإِنْ انْتَشَرَ ذَكَرُهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ الْمَتْنُ وَغَيْرُهُ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِ لِذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَكُنْ فِيهِ مُفْسِدٌ مُقَارِنٌ لِلتَّرَافُعِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ قَدَّرَهَا) أَيْ وَتَعْتَرِفُ بِذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَقَدَ لَهَا عَلَى آخَرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَمْ تَعْتَرِفْ بِإِصَابَةٍ وَلَا عَدَمِهَا وَأَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ ادَّعَتْ عَدَمَ إصَابَةِ الثَّانِي فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهَا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ عَقْدِ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي عَنْ الْقَمُولِيِّ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْإِنْكَارِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ أَخْبَرَتْ أَوَّلًا بِالتَّحْلِيلِ ثُمَّ أَنْكَرَتْهُ، وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ لَمْ يَسْبِقْ إقْرَارٌ وَإِذْنُهَا فِي التَّزْوِيجِ مِنْ الْأَوَّلِ جَازَ أَنَّهَا بَنَتْهُ عَلَى ظَنِّهَا أَنَّ الْعَقْدَ بِمُجَرَّدِهِ يُبِيحُ حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِفَرْضِ عِلْمِهَا يُحْتَمَلُ نِسْيَانُهَا (قَوْلُهُ: فَسَّرَهَا بِهِ) أَيْ وَبِهَذَا اتَّضَحَ وَجْهُ الِاكْتِفَاءِ بِدُخُولِ الْحَشَفَةِ مَعَ نَوْمِهَا (قَوْلُهُ: وَصِحَّةُ النِّكَاحِ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الطِّفْلَ لَا يَحْصُلُ التَّحْلِيلُ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُزَوِّجُ لَهُ أَبًا، أَوْ جَدًّا وَكَانَ عَدْلًا وَفِي تَزْوِيجِهِ مَصْلَحَةٌ لِلطِّفْلِ وَكَانَ الْمُزَوِّجُ لِلْمَرْأَةِ وَلِيُّهَا الْعَدْلُ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ، فَمَتَى اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ التَّحْلِيلُ لِفَسَادِ النِّكَاحِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا يَقَعُ فِي زَمَنِنَا مِنْ تَعَاطِي ذَلِكَ وَالِاكْتِفَاءِ بِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ الْغَالِبَ أَوَ الْمُحَقَّقَ أَنَّ الَّذِينَ يُزَوِّجُونَ أَوْلَادَهُمْ لِإِرَادَةِ ذَلِكَ إنَّمَا هُمْ السَّفَلَةُ الْمُوَاظِبُونَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَوَاتِ وَارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَنَّ تَزْوِيجَهُمْ لِأَوْلَادِهِمْ لِذَلِكَ الْغَرَضِ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلطِّفْلِ بَلْ هُوَ مَفْسَدَةٌ أَيُّ مَفْسَدَةٍ: وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ فِيهِ أَنَّ الْمُزَوِّجَ لِلْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ أَوْلِيَائِهَا بِأَنْ تُوَكِّلَ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا.

(قَوْلُهُ: لَا يَتَنَاوَلُهُ) أَيْ الْفَاسِدَ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ اخْتِلَالِهِ) أَيْ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ) أَيْ مَاءَ الثَّانِي، وَهُوَ تَصْوِيرٌ لِكَوْنِ الزَّوْجِ الثَّانِي طَلَّقَ رَجْعِيًّا قَبْلَ الْوَطْءِ ثُمَّ وَطِئَ بَعْدَهُ، أَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ وَطِئَ بَعْدَهَا مَعَ أَنَّ الرِّدَّةَ قَبْلَ الدُّخُولِ تُنَجِّزُ الْفُرْقَةَ (قَوْلُهُ: مِنْهُ عَادَةً) أَيْ مِنْ ذَوَاتِ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِ لِذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ) .

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ كَمَا مَرَّ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>