وَقَيَّدَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ مَا بَيْنَ سَبْعِ سِنِينَ، وَاقْتَضَى كَلَامُ غَيْرِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ، وَهُوَ مَنْ لَمْ يُقَارِبْ الْبُلُوغَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُضْبَطْ بِالتَّمْيِيزِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ هُنَا لِأَنَّ الْمَجْنُونَ يُحَلِّلُ مَعَ عَدَمِ تَمْيِيزِهِ فَأُنِيطَ بِمَنْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتَأَهَّلَ لِلْوَطْءِ وَهُوَ الْمُرَاهِقُ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا تَحَلَّلَتْ طِفْلَةٌ لَا يُمْكِنُ جِمَاعُهَا بِجِمَاعِ مَنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ لِأَنَّ التَّنْفِيرَ الَّذِي شُرِعَ التَّحْلِيلُ مِنْ أَجَلِهِ حَاصِلٌ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَانْدَفَعَ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِنَّ) أَيْ الِانْتِشَارِ وَمَا بَعْدَهُ، وَفِي وَجْهٍ قَطَعَ الْجُمْهُورُ بِخِلَافِهِ أَنَّهُ يَحْصُلُ التَّحْلِيلُ بِلَا انْتِشَارٍ لِشَلَلِ، أَوْ غَيْرِهِ لِحُصُولِ صُورَةِ الْوَطْءِ وَأَحْكَامِهِ، وَفِي قَوْلٍ أَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ: يَكْفِي الْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ اسْمَ النِّكَاحِ يَتَنَاوَلُهُ، وَفِي وَجْهٍ نَقَلَ الْإِمَامُ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى خِلَافِهِ أَنَّ الطِّفْلَ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْجِمَاعُ يُحَلِّلُ (وَلَوْ) (نَكَحَ) مَرِيدُ التَّحْلِيلِ (بِشَرْطِ) وَلِيِّهَا وَمُوَافَقَتِهِ هُوَ، أَوْ عَكْسُهُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ (أَنَّهُ إذَا وَطِئَ طَلَّقَ، أَوْ) أَنَّهُ إذَا وَطِئَ (بَانَتْ) مِنْهُ (أَوْ) أَنَّهُ إذَا وَطِئَ (فَلَا نِكَاحَ) بَيْنَهُمَا وَنَحْوُ ذَلِكَ (بَطَلَ) النِّكَاحُ لِمُنَافَاةِ الشَّرْطِ فِيهِنَّ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ.
وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ خَبَرُ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ أَيْضًا مَا وَقَعَ فِي الْأَنْوَارِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحَلِّلِ اسْتِدْعَاءُ التَّحْلِيلِ (وَفِي التَّطْلِيقِ قَوْلٌ) إنَّهُ لَا يَضُرُّ شَرْطُهُ كَمَا لَوْ نَكَحَهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا شَرْطُ شَيْءٍ خَارِجٍ عَنْ النِّكَاحِ لَا يُنَافِي ذَاتَه الْمَوْضُوعَ هُوَ لَهَا فَفَسَدَ دُونَ الْعَقْدِ بِخِلَافِ شَرْطِ الطَّلَاقِ
وَخَرَجَ بِشَرْطِ ذَلِكَ إضْمَارُهُ فَلَا يُؤَثِّرُ وَإِنْ تَوَاطَآ قَبْلَ الْعَقْد عَلَيْهِ، نَعَمْ يُكْرَهُ إذْ كُلُّ مَا لَوْ صُرِّحَ بِهِ أَبْطَلَ يَكُونُ إضْمَارُهُ مَكْرُوهًا نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُكْرَهُ تَزَوُّجُ مَنْ ادَّعَتْ تَحْلِيلَهَا لِزَمَنِ إمْكَانِهِ وَلَمْ يَقَعْ صِدْقُهَا فِي قَلْبِهِ وَإِنْ كَذَّبَهَا زَوْجٌ عَيَّنَتْهُ فِي النِّكَاحِ أَوْ الْوَطْءِ وَإِنْ صَدَّقْنَاهُ فِي نَفْيِهِ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهَا فِي أَصْلِ النِّكَاحِ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالشُّهُودُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ وَإِنْ نَقَلَهُ عَنْ الزَّازِ وَغَيْرِهِ.
نَعَمْ فِي التَّهْذِيبِ لَوْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ وَالشُّهُودُ حَلَّتْ، وَلَا يَرِد ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ لِأَنَّهُ إنَّمَا مُنِعَ عِنْدَ تَكْذِيبِ الثَّلَاثَةِ دُونَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ، وَمَرَّ أَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهَا بِالنِّكَاحِ لِمَنْ صَدَّقَهَا وَإِنْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ، وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ كَذِبَهُ وَإِنَّمَا قُبِلَ قَوْلُهَا فِي التَّحْلِيلِ مَعَ ظَنِّ الزَّوْجِ كَذِبَهَا لِمَا مَرَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ مَنْ اشْتَهَى طَبْعًا حُلِّلَ كَمَا يُنْقَضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّهِ وَمَنْ لَا فَلَا.
وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِ الْبَنْدَنِيجِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ، وَهُوَ مَنْ لَمْ يُقَارِبْ الْبُلُوغَ فَبَعِيدٌ مِنْ عِبَارَةِ الْمَتْنُ وَغَيْرُهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَيْدُهُ) أَيْ مَنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ اسْتَثْنَى فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: بِجِمَاعِ مَنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ ذَكَرُهُ صَغِيرًا جِدًّا (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ (قَوْلُهُ: إذْ كُلُّ مَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ أَبْطَلَ إلَخْ) وَلَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا إلَّا مَرَّةً، فَإِنْ شَرَطَتْهُ الزَّوْجَةُ بَطَلَ النِّكَاحُ، وَإِنْ شَرَطَهُ الزَّوْجُ فَلَا انْتَهَى.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُحِلَّهَا لِلْأَوَّلِ فَفِي الِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارِمِيِّ فِيهِ وَجْهَانِ، وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالصِّحَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ الْفُرْقَةَ بَلْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ شَرْحُ الرَّوْضِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَهَا) غَايَةٌ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ عَنْ الزَّازِ) اسْمُهُ أَبُو الْفَرَجِ (قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا أَنْ يُكَذَّبَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ) أَيْ الْمُحَلِّلُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ صُدِّقَ، وَقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُكَذَّبَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: مَعَ ظَنِّ الزَّوْجِ) أَيْ الْأَوَّلِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: إنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحَلِّلِ اسْتِدْعَاءُ التَّحْلِيلِ) الَّذِي فِي الْأَنْوَارِ عَلَى الْمُحَلَّلِ لَهُ بِزِيَادَةٍ لَهُ بَعْدَ الْمُحَلَّلِ الَّذِي هُوَ مَفْتُوحُ اللَّامِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكْذِبَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالشُّهُودُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute