للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ فَقَدْ قَالُوا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ، أَوْ وَثَنِيَّةٌ وَتَخَلَّفَتْ عَنْ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا إلَّا أَنْ تُصِرَّ عَلَى ذَلِكَ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ غَيْرُ مُلَاقٍ لِكَلَامِ السُّبْكِيّ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ هُوَ فِي التَّحْرِيمِ، وَهَذَا فِي عَدَمِ مَنْعِهِمْ لَوْ فَعَلُوهُ بِأَنْفُسِهِمْ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا، أَمَّا لَوْ طَلَبَ نَحْوُ الْمَجُوسِيِّ مِنَّا ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ لَمْ نُجِبْهُ (نِكَاحُ مَنْ لَا كِتَابَ لَهَا كَوَثَنِيَّةٍ) ، أَوْ عَابِدَةِ وَثَنٍ أَيْ صَنَمٍ وَقِيلَ الْوَثَنُ غَيْرُ الْمُصَوَّرِ الصَّنَمُ (وَمَجُوسِيَّةٍ) إذْ لَا كِتَابَ بِأَيْدِي قَوْمِهَا الْآنَ وَلَمْ نَتَيَقَّنْهُ مِنْ قَبْلُ فَنَحْتَاطُ وَوَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: ٢٢١] خَرَجَتْ الْكِتَابِيَّةُ لِمَا يَأْتِي فَيَبْقَى مَنْ عَدَاهَا عَلَى عُمُومِهِ، وَمِثْلُ نَحْوِ الْمَجُوسِيَّةِ عَابِدَةُ شَمْسٍ وَقَمَرٍ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَجُوسِيَّةٍ عَطْفٌ عَلَى مَنْ لَا كِتَابَ لَهَا لَا عَلَى وَثَنِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا كِتَابَ لَهَا أَصْلًا مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ أَنَّ لَهُمْ كِتَابًا يُنْسَبُ إلَى زَرَادُشْتَ فَلَمَّا بَدَّلُوهُ رُفِعَ.

(وَتَحِلُّ كِتَابِيَّةٌ) لِمُسْلِمٍ وَكِتَابِيٍّ وَكَذَا غَيْرُهُمَا عَلَى مَا مَرَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] أَيْ حَلَّ لَكُمْ.

نَعَمْ الْأَصَحُّ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نِكَاحًا لَا تَسَرِّيًا وَتَمَسَّكُوا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَطَأُ صَفِيَّةَ وَرَيْحَانَةَ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَلَامُ أَهْلِ السِّيَرِ يُخَالِفُ ذَلِكَ.

(لَكِنْ يُكْرَهُ) لِلْمُسْلِمِ إنْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ فِيمَا يَظْهَرُ كِتَابِيَّةٌ (حَرْبِيَّةٌ) وَلَوْ تَسَرِّيًا فِي دَارِهِمْ كَمَا يَأْتِي لِئَلَّا يُرَقَّ وَلَدُهَا إذَا سُبِيَتْ حَامِلًا فَإِنَّهَا لَا تُصَدَّقُ أَنَّ حَمْلَهَا مِنْ مُسْلِمٍ، وَلِأَنَّ فِي الْإِقَامَةِ بِدَارِ الْحَرْبِ تَكْثِيرَ سَوَادِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَتْ مُسْلِمَةٌ مُقِيمَةٌ ثَمَّ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأُمِّ (وَكَذَا) تُكْرَهُ (ذِمِّيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِئَلَّا تَفْتِنَهُ بِفَرْطِ مَيْلِهِ إلَيْهَا، أَوْ وَلَدَهُ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ مَيْلَ النِّسَاءِ إلَى دِينِ أَزْوَاجِهِنَّ وَإِيثَارَهُمْ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، نَعَمْ الْكَرَاهَةُ فِيهَا أَخَفُّ مِنْهَا فِي الْحَرْبِيَّةِ.

وَالثَّانِي لَا تُكْرَهُ، لِأَنَّ الِاسْتِفْرَاشَ إهَانَةٌ وَالْكَافِرَةُ جَدِيرَةٌ بِذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَدْبُ نِكَاحِهَا إذَا رُجِيَ إسْلَامُهَا كَمَا وَقَعَ لِعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ نَكَحَ نَصْرَانِيَّةً كَلْبِيَّةً فَأَسْلَمَتْ وَحَسُنَ إسْلَامُهَا، وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الذِّمِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إذَا وَجَدَ مُسْلِمَةً وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (وَالْكِتَابِيَّةُ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: ١٥٦] (لَا مُتَمَسِّكَةٌ بِالزَّبُورِ وَغَيْرِهِ) كَصُحُفِ شِيثٍ وَإِدْرِيسَ وَإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَبِيِّنَا وَسَلَّمَ فَلَا تَحِلُّ لَهُ وَإِنْ أَقَرُّوا بِالْجِزْيَةِ سَوَاءٌ أَثَبَتَ تَمَسُّكُهَا بِذَلِكَ بِقَوْلِهَا أَمْ بِالتَّوَاتُرِ أَمْ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَسْلَمَا لِأَنَّهُ أُوحِيَ إلَيْهِمْ مَعَانِيهَا لَا أَلْفَاظُهَا، أَوْ لِكَوْنِهَا حِكَمًا وَمَوَاعِظَ لَا أَحْكَامًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ إذْ هُوَ) أَيْ كَلَامُ السُّبْكِيّ وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَيْ كَلَامُ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَمَجُوسِيَّةٌ) وَهِيَ عَابِدَةُ النَّارِ (قَوْلُهُ: إلَى زَرَادُشْتَ) قَالَ ابْن قُبْرُسَ فِي حَاشِيَةِ الشِّفَاءِ: زَرَادُشْتُ هُوَ الَّذِي تَدَّعِي الْمَجُوسُ نُبُوَّتَهُ وَكَذَلِكَ الْمُؤَرِّخُونَ، ضَبَطَهُ السُّلْطَانُ عِمَادُ الدِّينِ فِي تَارِيخِهِ زَرَادُشْتُ بِفَتْحِ الزَّايِ الْمَنْقُوطَةِ وَبِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا أَلِفٌ ثُمَّ دَالٌ مَضْمُومَةٌ مُهْمَلَةٌ وَسُكُونُ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ تَاءٌ مُثَنَّاةٌ فَوْقَ وَهُوَ صَاحِبُ كِتَابِ الْمَجُوسِ، وَيُوجَدُ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ بِغَيْرِ هَذَا الضَّبْطِ وَلَعَلَّهُ مِنْ تَحْرِيفِ النُّسَّاخِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا غَيْرُهُمَا) أَيْ مِنْ وَثَنِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ أَهْلِ السِّيَرِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: يُخَالِفُ ذَلِكَ) أَيْ فَلَمْ يَطَأْهُمَا إلَّا بَعْدَ الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُسْلِمَةً (قَوْلُهُ:، أَوْ وَلَدَهُ) أَيْ، أَوْ تَفْتِنَ وَلَدَهُ (قَوْلُهُ: نُدِبَ نِكَاحُهَا) أَيْ الذِّمِّيَّةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَهَا الْحَرْبِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الذِّمِّيَّةِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحَرْبِيَّةَ بَاقِيَةٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُسْلِمَةً أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوْحَى إلَيْهِمْ مَعَانِيَهَا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ:: إذْ هُوَ فِي التَّحْرِيمِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّحْرِيمَ الَّذِي فِي الْمَتْنِ الَّذِي جَعَلَهُ الشَّارِحُ مُتَعَلِّقًا لِلْمُسْلِمِ وَمَنْ بَعْدَهُ وَبَنَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ كَلَامَهُ هُوَ التَّحْرِيمُ بِمَعْنَى عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَحِينَئِذٍ فَادِّعَاءُ عَدَمِ مُلَاقَاةِ كَلَامِ الشَّيْخِ لِكَلَامِ السُّبْكِيّ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ مَوْرِدُهُمَا وَاحِدٌ.

نَعَمْ تَعْلِيلُ السُّبْكِيّ يُوهِمُ مَا فَهِمَهُ وَالِدُ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَثَبَتَ تَمَسُّكُهَا بِذَلِكَ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>