مَرْدُودٌ، أَمَّا الْإِسْرَائِيلِيَّة يَقِينًا بِالتَّوَاتُرِ، أَوْ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ لَا الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَمَا مَرَّ فَتَحِلُّ مُطْلَقًا لِشَرَفِ نَسَبِهَا مَا لَمْ يُتَيَقَّنْ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ بَعْثَةٍ تَنْسَخُهُ لِسُقُوطِ فَضِيلَتِهِ بِنَسْخِهِ، وَهِيَ بَعْثَةُ عِيسَى أَوْ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا بَعْثَةُ مَنْ بَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ أُرْسِلُوا بِالتَّوْرَاةِ وَالزَّبُورِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ، وَلَا يُؤَثِّرُ تَمَسُّكُهُمْ هُنَا بِالْمُحَرَّفِ قَبْلَ النَّسْخِ لِمَا ذُكِرَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: أَمَّا بَعْدَ النَّسْخِ بِبَعْثَةِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَلَا تُفَارِقُ فِيهِ الْإِسْرَائِيلِيَّة غَيْرَهَا يُفْهَمُ أَنَّ الْإِسْرَائِيلِيَّة لَوْ تَهَوَّدَ أَوَّلُ آبَائِهَا بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِأَوَّلِ آبَائِهَا أَوَّلُ جَدٍّ يُمْكِنُ انْتِسَابُهَا لَهُ وَلَا نَظَرَ لِمَنْ بَعْدَهُ، وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ حُرْمَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ وَبَيْنَ مَنْ لَا تَحِلُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ هُنَا فِي الْإِسْرَائِيلِيَّة وَغَيْرِهَا أَوَّلُ آبَائِهَا: أَيْ أَوَّلُ الْمُنْتَقِلِينَ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُ يَكْفِي فِي تَحْرِيمِهَا دُخُولُ وَاحِدٍ مِنْ آبَائِهَا بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّحْرِيفِ عَلَى مَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَا أَنَّهَا حِينَئِذٍ صَارَتْ مُتَوَلِّدَةً بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ وَتَحْرُمُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَكْفِي هُنَا بَعْضُ آبَائِهَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ نَظِيرُ مَا يَأْتِي ثَمَّ.
(وَالْكِتَابِيَّةُ الْمَنْكُوحَةُ) الْإِسْرَائِيلِيَّة وَغَيْرُهَا (كَمُسْلِمَةٍ) مَنْكُوحَةٍ (فِي نَفَقَةٍ) وَكِسْوَةٍ وَسَكَنٍ (وَقَسْمٍ وَطَلَاقٍ) وَغَيْرِهَا مَا عَدَا نَحْوَ التَّوَارُثِ وَالْحَدَّ بِقَذْفِهَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الزَّوْجِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِذَلِكَ (وَتُجْبَرُ) كَحَلِيلَةٍ مُسْلِمَةٍ أَيْ لَهُ إجْبَارُهَا (عَلَى غُسْلِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) عَقِبَ الِانْقِطَاعِ لِتَوَقُّفِ الْحِلِّ لِلْوَطْءِ عَلَيْهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحَنَفِيَّ لَا يُجْبِرُهَا لَكِنْ الْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ احْتِيَاطٌ عِنْدَهُ فَغَايَتُهُ أَنَّهُ كَالْجَنَابَةِ فَإِنْ أَبَتْ غَسَّلَهَا، وَيُشْتَرَطُ نِيَّتُهَا إذَا اغْتَسَلَتْ اخْتِيَارًا كَمُغَسِّلِ الْمَجْنُونَةِ وَالْمُمْتَنِعَةِ اسْتِبَاحَةَ التَّمَتُّعِ وَإِنْ خَالَفَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَوْضِعٍ فَجَزَمَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْأُولَى لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا فِي الطَّهَارَةِ بِقَوْلِ الشَّيْخِ وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي الْمُسْلِمَةِ الْمَجْنُونَةِ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ مِنْهَا فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ (وَكَذَا جَنَابَةٌ) أَيْ غُسْلُهَا وَلَوْ فَوْرًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُكَلَّفَةً (وَتَرْكُ أَكْلِ خِنْزِيرٍ) وَشُرْبِ مَا لَا يُسْكِرُ وَإِنْ اعْتَقَدَتْ حِلَّهُ وَنَحْوُ بَصَلٍ نِيءٍ وَإِزَالَةِ وَسَخٍ وَشَعْرٍ وَلَوْ بِنَحْوِ إبْطٍ وَظُفُرٍ وَكُلِّ مُنَفِّرٍ عَنْ كَمَالِ التَّمَتُّعِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا فِي مُخَالَفَةِ كُلِّ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِقْذَارِ.
وَالثَّانِي لَا إجْبَارَ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِهِمْ بَحْثًا مَمْسُوحًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلأُحِلَّ لَكُمْ} [آل عمران: ٥٠] (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ تَمَسُّكُهُمْ هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَمَّا الْإِسْرَائِيلِيَّة يَقِينًا (قَوْلُهُ وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ حُرْمَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ إلَخْ) وَفِي نُسَخٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ لِمَنْ بَعْدَهُ: وَظَاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي إلَخْ وَهِيَ الْأُولَى.
(قَوْلُهُ: لِاشْتِرَاكِهِمَا) أَيْ الْكِتَابِيَّةِ وَالْمُسْلِمَةِ (قَوْلُهُ: فَجَزَمَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْأُولَى) أَيْ الْكِتَابِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ) أَيْ الِاخْتِيَارِ إنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْغُسْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ حَجّ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مُكْرَهَةٍ عَلَى نَفْسِهَا لِلضَّرُورَةِ مَعَ عَدَمِ مُبَاشَرَتِهَا لِلْغُسْلِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا إذَا اغْتَسَلَتْ مُخْتَارَةً لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهَا
[حاشية الرشيدي]
الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِخِطَابٍ إذْ هُوَ الْمُتَحَقِّقُ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَوَجَّهُ قَوْلُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِلشِّهَابِ حَجّ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوَّلُ الْمُنْتَقِلِينَ مِنْهُمْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: أَيْ فَاعْتِبَارُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ تَبَعِيَّةُ أَبْنَائِهِ لَهُ وَلِلِاحْتِرَازِ عَنْ دُخُولِ مَا عَدَا الْأَوَّلَ مَثَلًا قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّحْرِيفِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ فَيَكُونُ الْحَاصِلُ أَنَّ شَرْطَ الْحِلِّ دُخُولُ الْأَوَّلِ بِشَرْطِهِ يَقِينًا مُطْلَقًا أَوْ احْتِمَالًا فِي الْإِسْرَائِيلِيَّة وَتَبَعِيَّةً مَنْ بَيْنَهُمَا أَيْ الْمَنْكُوحَةِ وَبَيَّنَهُ أَيْ أَبِي الْمَنْكُوحَةِ الْمَذْكُورِ لَهُ أَوْ جُهِلَ الْحَالُ فِيهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّة.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ عِلْمِ عَدَمِ التَّبَعِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ) أَيْ غَيْرُهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ
(قَوْلُهُ: اخْتِيَارًا) كَذَا فِي النُّسَخِ بِالْخَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ إجْبَارًا بِالْجِيمِ وَهِيَ الْأَصْوَبُ، وَعَلَيْهَا يَدُلُّ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيُغْتَفَرُ إلَخْ كَمَا لَا يَخْفَى، وَمِنْهَا يُعْلَمُ وُجُوبُ النِّيَّةِ عَلَى مَنْ اغْتَسَلَتْ اخْتِيَارًا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَوْرًا) هُوَ غَايَةٌ فِي الْإِجْبَارِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِيهِ.
وَالثَّانِي أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute