وُجُودِ حُرَّةٍ صَالِحَةٍ تَحْتَهُ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَا تَنْدَفِعُ الْأَمَةُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْإِمْسَاكَ كَاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ لَا كَابْتِدَائِهِ.
أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْحُرَّةُ صَالِحَةً فَكَالْعَدِمِ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ فَقَطْ مَعَ الزَّوْجِ تَعَيَّنَتْ أَيْضًا وَانْدَفَعَتْ الْأَمَةُ وَإِنَّمَا لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ تَقَدُّمِ نِكَاحِهَا وَتَأَخُّرِهِ لِمَا مَرَّ آنِفًا فِي الْأُخْتَيْنِ، وَكَذَا تَنْدَفِعُ الْأَمَةُ بِيَسَارٍ، أَوْ إعْفَافٍ طَارِئٍ قَارَنَ إسْلَامَهُمَا مَعًا وَإِنْ فُقِدَ ابْتِدَاءٌ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ وُجِدَ ابْتِدَاءٌ لِأَنَّ وَقْتَ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ هُوَ وَقْتُ جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ إذْ لَوْ سَبَقَ إسْلَامُهُ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأَمَةُ لِكُفْرِهَا أَوْ إسْلَامِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِإِسْلَامِهَا وَإِنَّمَا غَلَّبُوا هُنَا شَائِبَةَ الِابْتِدَاءِ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ خَوْفُ إرْقَاقِ الْوَلَدِ وَهُوَ دَائِمٌ فَأَشْبَهَ الْمَحْرَمِيَّةَ، بِخِلَافِ الْعِدَّةِ وَالْإِحْرَامِ لِزَوَالِهِمَا عَنْ قُرْبٍ.
(وَنِكَاحُ الْكُفَّارِ) الْأَصْلِيِّينَ الَّذِي لَمْ يَسْتَوْفِ شُرُوطَنَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمُوا بِنَاءً عَلَى مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ الْقَطْعِ بِأَنَّ مَنْ نَكَحَ مَحْرَمَهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى نِكَاحِ غَيْرِهَا مِنْ نَحْوِ الْمُسَمَّى تَارَةً وَمَهْرِ الْمِثْلِ أُخْرَى لِأَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَيَّدَهُ بِالنَّصِّ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ لَكِنَّهُمَا نَقَلَا عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَكَلَامُهُمَا يَمِيلُ إلَيْهِ فَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ نِكَاحِهَا وَاسْتِثْنَاؤُهَا إنَّمَا هُوَ مِمَّا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ لَا مِنْ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ (صَحِيحٌ) أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ إذْ الصِّحَّةُ تَسْتَدْعِي تَحَقُّقَ الشُّرُوطِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ بِهَا رُخْصَةٍ وَتَخْفِيفًا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [القصص: ٩] .
{وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: ٤] وَلِحَدِيثِ غَيْلَانَ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ وَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِمْسَاكِ وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ شَرَائِطِ النِّكَاحِ.
أَمَّا مَا اسْتَوْفَى شُرُوطَنَا فَهُوَ صَحِيحٌ جَزْمًا (وَقِيلَ فَاسِدٌ) لِعَدَمِ مُرَاعَاتِهِمْ لِلشُّرُوطِ (وَقِيلَ) لَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ وَلَا بِفَسَادِهِ بَلْ يُتَوَقَّفُ إلَى الْإِسْلَامِ (إنْ أَسْلَمَ وَقُرِّرَ تَبَيُّنُ صِحَّتِهِ وَإِلَّا فَلَا) إذْ لَا يُمْكِنُ إطْلَاقُ صِحَّتِهِ مَعَ اخْتِلَالِ شُرُوطِهِ وَلَا فَسَادِهِ مَعَ أَنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهِ (فَعَلَى الصَّحِيحِ) وَهُوَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ (لَوْ) (طَلَّقَ) كِتَابِيَّةً، أَوْ غَيْرَهَا (ثَلَاثًا) فِي الْكُفْرِ (ثُمَّ أَسْلَمَا) أَوْ أَسْلَمَ هُوَ وَلَمْ تَتَحَلَّلْ فِي الْكُفْرِ.
وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَوْهَمَ إطْبَاقُهُمْ عَنْ التَّعْبِيرِ هُنَا بِثُمَّ أَسْلَمَا خِلَافَهُ، لَكِنْ قَوْلُهُمْ الْمَارُّ وَتَحْتُهُ كِتَابِيَّةٌ حُرَّةٌ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا ابْتِدَاءً يُفْهِمُ هَذَا (لَمْ تَحِلَّ) لَهُ (إلَّا بِمُحَلِّلٍ) بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدُوا وُقُوعَ الطَّلَاقِ إذْ لَا أَثَرَ لِاعْتِقَادِهِمْ مَعَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ الْوُقُوعِ عَلَى قَوْلِ الْفَسَادِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا عَلَى الْوَقْفِ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ فِي كُلِّ عَقْدٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ.
أَمَّا لَوْ تَحَلَّلَتْ فِي الْكُفْرِ كَفَى فِي الْحِلِّ، وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الشِّرْكِ ثَلَاثًا ثُمَّ نَكَحَهَا فِيهِ بِلَا مُحَلِّلٍ ثُمَّ أَسْلَمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَلَوْ طَلَّقَ الْكَافِرُ أُخْتَيْنِ، أَوْ حُرَّةً وَأَمَةً ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمُوا لَمْ يَنْكِحْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ إلَّا بِمُحَلِّلٍ وَإِنْ أَسْلَمُوا مَعًا، أَوْ سَبَقَ إسْلَامُهُ، أَوْ إسْلَامُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ طَلَّقَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا لَمْ يَنْكِحْ مُخْتَارَةَ الْأُخْتَيْنِ، أَوْ الْحُرَّةَ إلَّا بِمُحَلِّلٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ وَانْدَفَعَتْ الْأَمَةُ) أَيْ لِلتَّخَلُّفِ لَا لِمُجَرَّدِ وُجُودِ الْحُرَّةِ (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ نِكَاحُهَا) أَيْ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: وَتَأَخُّرُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى.
(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ الْمُحْرِمُ كَغَيْرِهَا أَيْ فِي اسْتِحْقَاقِ نِصْفِ الْمُسَمَّى، أَوْ كُلِّهِ (قَوْلُهُ أَمَّا مَا اسْتَوْفَى شُرُوطَنَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الَّذِي لَمْ يَسْتَوْفِ شُرُوطَنَا إلَخْ وَمِثَالُهُ مَا لَوْ زَوَّجَهَا قَاضِي الْمُسْلِمِينَ بِحَضْرَةِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ، أَوْ وَلِيِّهَا الْكَافِرِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا عِنْدَهُمْ بِحَضْرَةِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: كَفَى فِي الْحِلِّ) أَيْ إنْ وَجَدَتْ شُرُوطَهُ عِنْدَنَا وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِاعْتِقَادِهِمْ.
وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ كَفَى فِي الْحِلِّ (قَوْلُهُ:، أَوْ إسْلَامُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ) أَيْ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ لَمْ يَنْكِحْ مُخْتَارَةَ الْأُخْتَيْنِ) أَيْ لِلنِّكَاحِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَمَّا مَا اسْتَوْفَى شُرُوطَنَا إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ