(وَ) اعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا ثَبَتَتْ الصِّحَّةُ لِلنِّكَاحِ يَثْبُتُ الْمُسَمَّى عَلَى غَيْرِ قَوْلِ الْفَسَادِ فَحِينَئِذٍ (مَنْ قُرِّرَتْ فَلَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ) أَمَّا عَنْ قَوْلِ الْفَسَادِ فَالْأَقْرَبُ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ (وَأَمَّا) الْمُسَمَّى (الْفَاسِدُ كَخَمْرٍ) مُعَيَّنَةٍ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ (فَإِنْ قَبَضَتْهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ، أَوْ قَبَضَهُ وَلِيُّ غَيْرِهَا وَلَوْ بِإِجْبَارٍ مِنْ قَاضِيهِمْ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ ذُكِرَ رَجَعَ إلَى اعْتِقَادِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ (قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَلَا شَيْءَ لَهَا) لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بَيْنَهُمَا قَبْلَ أَنْ يُجْرَى عَلَيْهِ حُكْمُنَا، نَعَمْ إنْ أَصْدَقَهَا حُرًّا مُسْلِمًا اسْتَرَقُّوهُ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّا لَا نُقِرُّهُمْ فِي كُفْرِهِمَا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْخَمْرِ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْخَمْرِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُنَا لِحَقِّ الْمُسْلِمِ فَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَكَالْمُسْلِمِ سَائِرُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ كَأُمِّ وَلَدِهِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْحُرَّ الذِّمِّيَّ الَّذِي بِدَارِنَا وَمَا يَخْتَصُّ بِهِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ، وَلَوْ بَاعَ الْكَافِرُ الْخَمْرَ بِثَمَنٍ هَلْ يَمْلِكُهُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ قَبُولُهُ مِنْ دِينِهِ وَكَانَ أَوَّلًا جَرَى الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجِزْيَةِ الثَّانِيَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ قَبُولُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَقْبِضْهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِأَنْ لَمْ تَقْبِضْهُ أَصْلًا، أَوْ قَبَضَتْهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا، أَوْ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (فَلَهَا مَهْرُ مِثْلٍ) لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ إلَّا بِمَهْرٍ وَتَتَعَذَّرُ الْآنَ مُطَالَبَتُهَا بِالْخَمْرِ فَيَتَعَيَّنُ الْبَدَلُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ (وَإِنْ قَبَضَتْ بَعْضَهُ) فِي الْكُفْرِ (فَلَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ) لِتَعَذُّرِ قَبْضِ الْبَعْضِ الْآخَرِ فِي الْإِسْلَامِ، وَالِاعْتِبَارُ فِي تَقْسِيطِ ذَلِكَ فِي صُورَةِ مِثْلِيٍّ كَخَمْرٍ تَعَدَّدَتْ ظُرُوفُهَا وَاخْتَلَفَ قَدْرُهَا أَمْ لَا بِالْكَيْلِ، وَفِي صُورَةِ مُتَقَوِّمٍ كَخَمْرَيْنِ زَادَتْ إحْدَاهُمَا بِوَصْفٍ يَقْتَضِي زِيَادَةَ قِيمَتِهِمَا وَكَخِنْزِيرَيْنِ وَاجْتِمَاعُهُمَا كَخَمْرٍ وَثَلَاثِ خَنَازِيرَ وَقَبَضَتْ أَحَدَ الْأَجْنَاسِ، أَوْ بَعْضَهُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا.
نَعَمْ لَوْ تَعَدَّدَ الْجِنْسُ وَكَانَ مِثْلِيًّا كَزِقِّ خَمْرٍ وَزِقِّ بَوْلٍ وَقَبَضَتْ بَعْضَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الشَّيْخُ اعْتِبَارُ الْكَيْلِ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ هُنَا مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا كِلَابٌ وَأَوْصَى بِكَلْبٍ مِنْ كِلَابِهِ اُعْتُبِرَ الْعَدَدُ لَا الْقِيمَةُ لِأَنَّ ذَاكَ مَحْضُ تَبَرُّعٍ فَاغْتُفِرَ ثَمَّ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَلَوْ نَكَحَ الْكَافِرُ تَفْوِيضًا وَاعْتَقَدُوا أَنْ لَا مَهْرَ لِمُفَوِّضَةٍ بِحَالٍ ثُمَّ أَسْلَمُوا وَلَوْ بَعْدَ وَطْءٍ فَلَا مَهْرَ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَطْأَهَا بِلَا مَهْرٍ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً تَفْوِيضًا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا حَكَمْنَا لَهَا بِالْمَهْرِ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْحَرْبِيَّيْنِ وَفِيمَا إذَا اعْتَقَدَا أَنْ لَا مَهْرَ بِحَالٍ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فِيهِمَا.
(وَمَنْ انْدَفَعَتْ بِإِسْلَامٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا (بَعْدَ دُخُولٍ) بِأَنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ (فَلَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ إنْ صُحِّحَ نِكَاحُهُمْ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ، وَمَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ أُمًّا وَبِنْتَهَا وَدَخَلَ بِالْأُمِّ ثُمَّ أَسْلَمَ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ مَعَ أَنَّهَا إنَّمَا انْدَفَعَتْ بِإِسْلَامٍ بَعْدَ دُخُولٍ مَرْدُودٍ بِمَنْعِ الْحَصْرِ وَإِنَّمَا الَّذِي دَفَعَهَا فِي الْحَقِيقَةِ صَيْرُورَتُهَا مَحْرَمًا لَهُ بِالْعَقْدِ عَلَى بِنْتِهَا، عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ مَحِلَّ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ فَسَدَ الْمُسَمَّى (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ نُصَحِّحْهُ وَكَانَ زَوْجُهَا قَدْ سَمَّى لَهَا فَاسِدًا (فَمَهْرُ مِثْلٍ) لَهَا فِي مُقَابَلَةِ الْوَطْءِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ سَائِرُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ الْكَافِرُ) أَيْ لِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجِزْيَةِ الثَّانِيَ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ وَطْءٍ) حَتَّى لَوْ أَسْلَمَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَوَطِئَ بَعْدَهُ فِي الْإِسْلَامِ لَا شَيْءَ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَجَبَ لَهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مَحْرَمًا لَهَا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: صَيْرُورَتُهَا مَحْرَمًا لَهُ) لَكِنْ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ لَهُ مِنْ أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي عَدَمِ التَّقْرِيرِ لَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَهْرِ، وَبِمَا سَيَأْتِي أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرَ) أَيْ بَلْ قَبَضَهُ غَيْرُهُ كَغَيْرِ الرَّشِيدَةِ بِقَرِينَةِ الْمُقَابِلِ الْآتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: كَأُمِّ وَلَدِهِ) وَكَذَا قِنُّهُ وَسَائِرُ مَمْلُوكَاتِهِ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ سَائِرُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمَمْلُوكَ لَهُ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) رَاجِعٌ إلَى كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ تَعَدَّدَتْ ظُرُوفُهَا، وَقَوْلُهُ وَاخْتَلَفَ قَدْرُهَا (قَوْلُهُ: وَاجْتِمَاعِهِمَا) هُوَ بِالْجَرِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute