لِرِضَاهُ بِهِ فَشَمِلَ مَا لَوْ عُذِرَ بِالتَّأْخِيرِ فَيَبْطُلُ خِيَارُهُ فِيمَا يَظْهَرُ
(وَ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ
(الْمُسَمَّى إنْ) فَسَخَ بَعْدَ وَطْءٍ وَقَدْ
(حَدَثَ) الْعَيْبُ
(بَعْدَ وَطْءٍ) لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَمْتَعَ بِسَلِيمَةٍ اسْتَقَرَّ وَلَمْ يُغَيِّرْ وَإِنَّمَا ضُمِنَ الْوَطْءُ هُنَا بِالْمُسَمَّى أَوْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، بِخِلَافِهِ فِي أَمَةٍ اشْتَرَاهَا ثُمَّ وَطِئَهَا ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهَا، لِأَنَّهُ هُنَا مُقَابِلٌ بِالْمَهْرِ وَثَمَّ غَيْرُ مُقَابِلٍ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الرَّقَبَةِ فَقَطْ.
الثَّانِي وَهُوَ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ يَجِبُ الْمُسَمَّى مُطْلَقًا فَيُتَصَوَّر بِالدُّخُولِ.
وَالثَّالِثُ مَهْرُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا وَقِيلَ فِي الْمُقَارَنِ إنْ فُسِخَ بِعَيْبِهَا فَمَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ فُسِخَتْ بِعَيْبِهِ فَالْمُسَمَّى.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَطْءَ مَضْمُونٌ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ مُقَابِلٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يَجِبُ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ التَّفْصِيلُ بِأَنَّ الْفَسْخَ إنْ رَفَعَ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ فَلْيَجِبْ مَهْرُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ حِينِهِ فَالْمُسَمَّى مُطْلَقًا.
أَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ هُنَا وَفِي الْإِجَارَةِ إنَّمَا يَرْفَعُهُ مِنْ حِينِ وُجُودِ سَبَبِ الْفَسْخِ لَا مِنْ أَصْلِ الْعَقْدِ وَلَا مِنْ حِينِ الْفَسْخِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِيهِمَا الْمَنَافِعُ هِيَ لَا تُقْبَضُ إلَّا بِالِاسْتِيفَاءِ وَحِينَئِذٍ تَعَيَّنَ ذَلِكَ التَّفْصِيلُ، بِخِلَافِهِ فِي الْفَسْخِ بِنَحْوِ رِدَّةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ إعْسَارٍ فَإِنَّهُ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ قَطْعًا انْتَهَى.
وَهُوَ مُشْكِلٌ فِي الْإِعْسَارِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فَاسِخًا بِذَاتِهِ بِخِلَافِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ فَكَانَ الْقِيَاسُ إلْحَاقَهُ بِالْعَيْبِ لَا بِهِمَا، وَقَالَ غَيْرُهُ بِمَنْعِ التَّرَدُّدِ هُنَا لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَنَّهُ لَمَّا تَمَتَّعَ بِمَعِيبَةٍ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ مِنْ السَّلَامَةِ صَارَ الْعَقْدُ كَأَنَّهُ جَرَى بِلَا تَسْمِيَةٍ، وَأَيْضًا فَقَضِيَّةُ الْفَسْخِ رُجُوعُ كُلٍّ إلَى عَيْنِ حَقِّهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَبَدَلُهُ فَتَعَيَّنَ الرُّجُوعُ إلَى حَقِّهِ وَهُوَ الْمُسَمَّى وَرُجُوعُهَا لِبَدَلِ حَقِّهَا وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَوَاتِ حَقِّهَا بِالدُّخُولِ.
(وَلَوْ) (انْفَسَخَ) النِّكَاحُ (بِرِدَّةٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا (بَعْدَ وَطْءٍ) بِأَنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ
(فَالْمُسَمَّى) لِأَنَّ الْوَطْءَ قَبْلَهَا قَرَّرَهُ وَهِيَ لَا تَسْتَنِدُ لِسَبَبٍ سَابِقٍ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَتْ مِنْهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا أَوْ مِنْهُ تَشْطُرُ الْمُسَمَّى، فَإِنْ وَطِئَهَا جَاهِلَةً فِي رِدَّتِهِ أَوْ رِدَّتِهَا: أَيْ وَقَدْ عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ مَعَ شَطْرِ الْمُسَمَّى فِي الثَّانِيَةِ.
(وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ) الْفَاسِخُ (بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْمَهْرِ) الَّذِي غَرِمَهُ سَوَاءٌ الْمُسَمَّى وَمَهْرُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ، فَإِنَّ كُلًّا طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ (قَوْلُهُ: فَشَمِلَ مَا لَوْ عُذِرَ بِالتَّأْخِيرِ) أَيْ ثُمَّ وَطِئَ هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْعُذْرُ نَحْوَ لَيْلٍ أَوْ غَيْبَةِ الْحَاكِمِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْعُذْرُ جَهْلَهُ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ لِأَنَّ وَطْأَهُ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ لَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِالْعَيْبِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: لَوْ عُذِرَ بِالْقَاضِي لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ بِوَطْئِهِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ.
ثُمَّ رَأَيْت مَا ذَكَرْته وَقَدَّمْته فِي مُشْتَرٍ عَلِمَ الْعَيْبَ وَجَهِلَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ فَاسْتَعْمَلَهُ هَلْ يَسْقُطُ رَدُّهُ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ رِضَاهُ مِنْهُ بِهِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَعْمَلَهُ لِظَنِّهِ يَأْسَهُ مِنْ الرَّدِّ فَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي أَمَةٍ اشْتَرَاهَا) أَيْ ثَيِّبًا أَوْ غَيْرَهَا، لَكِنَّ زَوَالَ الْبَكَارَةِ فِي الْبِكْرِ عَيْبٌ حَادِثٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ الْقَهْرِيَّ فَيَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ ثَمَّ. اهـ (قَوْلُهُ: وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ التَّفْصِيلُ) بَيْنَ كَوْنِ الْفَسْخِ بِعَيْبٍ بَعْدَ الْوَطْءِ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ اللَّذَيْنِ) أَيْ الرِّدَّةِ وَالرَّضَاعِ وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ أَيْ الْإِعْسَارِ (قَوْلُهُ: فَكَانَ الْقِيَاسُ إلْحَاقُهُ بِالْعَيْبِ) أَيْ عَلَى أَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ بِعَيْبٍ وَالْإِجَارَةُ تَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِ سَبَبِهِ لَا مِنْ أَصْلِ الْعَقْدِ وَلَا مِنْ حِينِ الْفَسْخِ.
(قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ فَإِنْ مَاتَتْ عَلَى رِدَّتِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا لِإِهْدَارِهَا بِالرِّدَّةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَادَتْ إلَخْ فَإِنْ يَتَبَيَّنُ عِصْمَةُ أَجْزَائِهَا (قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْمُسَمَّى) أَيْ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ السَّابِقِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْأَصَحِّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَكَانَ الْقِيَاسُ إلْحَاقَهُ بِالْعَيْبِ) لَك أَنْ تَقُولَ بَلْ الْقِيَاسُ إلْحَاقُهُ بِهِمَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ مَلْحَظُ الْفَسْخِ فِيهِ حُصُولُهُ فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى كَوْنِهِ مُقَارِنًا أَوْ غَيْرَ مُقَارِنٍ، وَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُهُ بِالْعَيْبِ لِلْفَارِقِ الَّذِي أَشَرْتُ إلَيْهِ.
وَأَمَّا كَوْنُ الْفَسْخِ يَقَعُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفَاعِلٍ فَذَاكَ أَمْرٌ آخَرُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَلْحَظًا فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إنَّمَا تَمَتَّعَ بِمَعِيبَةٍ) هُوَ قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَقَضِيَّةُ الْفَسْخِ إلَخْ) يَقْتَضِي وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ حَتَّى فِي الْعَيْبِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْوَطْءِ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: أَيْ وَقَدْ عَادَتْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ رِدَّتِهَا