الْمِثْلِ
(عَلَى مَنْ غَرَّهُ فِي الْجَدِيدِ) مِنْ وَلِيٍّ أَوْ زَوْجَةٍ بِأَنْ سَكَتَ عَنْ عَيْنِهَا لِإِظْهَارِهَا لَهُ مَعْرِفَةَ الْخَاطِبِ بِهِ.
قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ الزَّازُ بِأَنْ تَعْقِدَ بِنَفْسِهَا وَيُحْكَمُ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ لِاسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةَ بُضْعٍ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ، وَبِهِ فَارَقَ الرُّجُوعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الْآتِي وَالْقَدِيمُ يَرْجِعُ بِهِ لِلتَّدْلِيسِ عَلَيْهِ بِإِخْفَاءِ الْعَيْبِ الْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ، وَرَدَّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.
أَمَّا الْعَيْبُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ إذَا فُسِخَ بِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ جَزْمًا لِانْتِفَاءِ التَّدْلِيسِ.
(وَيُشْتَرَطُ فِي) الْفَسْخِ بِعَيْبٍ (الْعُنَّةُ) (رَفَعَ إلَى حَاكِمٍ) جَزْمًا لِتَوَقُّفِ ثُبُوتِهَا عَلَى مَزِيدِ نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَيُغْنِي عَنْهُ الْمُحْكَمُ بِشَرْطِهِ حَيْثُ نَفَذَ حُكْمُهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ
(وَكَذَا سَائِرُ الْعُيُوبِ) أَيْ بَاقِيهَا يُشْتَرَطُ بِالْفَسْخِ بِكُلٍّ مِنْهَا ذَلِكَ
(فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مُعْسَرٌ فِيهِ فَأَشْبَهَ الْفَسْخَ بِالْإِعْسَارِ.
وَالثَّانِي لَا بَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ بِالْفَسْخِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِالْفَسْخِ بِمَا يَجُوزُ بِهِ الْفَسْخُ لَمْ يَصِحَّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ.
نَعَمْ يَأْتِي فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَجِدْ حَاكِمًا وَلَا مُحَكِّمًا نَفَذَ فَسْخُهَا لِلضَّرُورَةِ وَالْقِيَاسُ مَجِيئُهُ هُنَا.
(وَتَثْبُتُ الْعُنَّةُ) إنْ سُمِعَتْ دَعْوَاهَا بِهَا بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا وَهِيَ غَيْرُ رَتْقَاءُ وَلَا قَرْنَاءُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْخِصَالِ وَغَيْرُ أَمَةٍ كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ، وَإِلَّا لَزِمَ بُطْلَانُ نِكَاحِهَا حَيْثُ ادَّعَتْ عُنَّةً مُقَارِنَةً لِلْعَقْدِ، لِأَنَّ شَرْطَهُ خَوْفُ الْعَنَتِ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ عِنِّينٍ إنْ قُلْنَا بِجَوَازِ نِكَاحِهِ الْأَمَةَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ
(بِإِقْرَارِهِ) بِهَا بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ
(أَوْ بَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ) لَا عَلَيْهَا إذْ لَا اطِّلَاعَ لِلشُّهُودِ عَلَى ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى الْمَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِهَا
(وَكَذَا) تَثْبُتُ
(بِيَمِينِهَا بَعْدَ نُكُولِهِ) عَيْنَ الْيَمِينِ الْمَسْبُوقِ بِإِنْكَارِهِ
(فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا تَعْرِفُهَا مِنْهُ بِقَرَائِنِ حَالِهِ فَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ كَرَاهَتِهِ لَهَا أَوْ اسْتِحْيَائِهِ مِنْهَا.
وَالثَّانِي لَا تَرِدُ عَلَيْهَا وَيُقْضَى بِنُكُولِهِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالتَّعْنِينِ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْعُنَّةُ فِي اللُّغَةِ حَظِيرَةُ مُعَدَّةٌ لِلْمَاشِيَةِ مَرْدُودٌ بِتَرَادُفِهِمَا اصْطِلَاحًا فَلَا أَوْلَوِيَّةَ، عَلَى أَنَّ ابْنَ مَالِكٍ جَعَلَ الْعُنَّةَ مُرَادِفَةً لِلتَّعْنِينِ لُغَةً فَتَكُونُ مُشْتَرَكَةً.
(وَإِذَا ثَبَتَتْ) الْعُنَّةُ بِوَجْهٍ مِمَّا مَرَّ (ضَرَبَ الْقَاضِي لَهُ سَنَةً) وَلَوْ قِنًّا كَافِرًا إذْ مَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ يَسْتَوِي فِيهِ الْقِنُّ وَغَيْرُهُ
(بِطَلَبِهَا) لِقَضَاءِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِهَا، وَحُكِيَ فِيهِ الْإِجْمَاعُ، وَحِكْمَتُهُ مُضِيُّ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ إذَا تَعَذَّرَ الْجِمَاعُ إنْ كَانَ لِعَارِضِ حَرَارَةٍ زَالَ شِتَاءً أَوْ بُرُودَةٍ زَالَ صَيْفًا أَوْ يُبُوسَةٍ زَالَ رَبِيعًا أَوْ رُطُوبَةٍ زَالَ خَرِيفًا، فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةِ عُلِمَ أَنَّ عَجْزَهُ خِلْقِيٌّ، وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ الضَّرْبِ لَا الثُّبُوتِ، بِخِلَافِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ فَإِنَّهَا مِنْ وَقْتِ الْحَلِفِ بِالنَّصِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ غَرَّهُ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا عِنْدَهُ جُمْلَةٌ مِنْ الْعَسَلِ فَوَقَعَتْ فِيهِ سِحْلِيَّةٌ فَسَأَلَ مُفْتِيًا فَأَفْتَاهُ بِالنَّجَاسَةِ فَأَرَاقَهُ هَلْ يَضْمَنُهُ الْمُفْتِي أَوْ لَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُفْتِي الْمَذْكُورِ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ وَيُعَزَّرُ فَقَطْ إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَيُغْنِي عَنْهُ الْمُحَكِّمُ بِشَرْطِهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا وَلَا يُوجَدُ قَاضٍ وَلَوْ قَاضَى ضَرُورَةً (قَوْلُهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَجِدْ حَاكِمًا) مِنْهُ مَا لَوْ تَوَقَّفَ فَسْخُ الْحَاكِمِ لَهَا عَلَى دَرَاهِمَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا وَقْعٌ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِ الْمَرْأَةِ.
(قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْخِصَالِ) هُوَ الْخَفَّافُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَثْبُتُ بِيَمِينِهَا) أَيْ وَبِإِخْبَارِ مَعْصُومٍ (قَوْلُهُ: حَظِيرَةٌ) وَهِيَ مَا تُحَوَّطُ لِلْمَاشِيَةِ كَالزَّرِيبَةِ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ: ضَرَبَ الْقَاضِي لَهُ سَنَةً) هَلْ وَلَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِأَنَّهُ عَجْزٌ خِلْقِيٌّ تَوَقَّفَ فِيهِ سم، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ حَجّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ السَّنَةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَنَاطَ الْحُكْمَ بِهَا لَكِنَّ الْمَعْصُومَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِأَنْ سَكَتَ) تَصْوِيرٌ لِتَغْرِيرِ الزَّوْجَةِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِاسْتِيفَائِهِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ صَحِيحٍ) أَيْ كُلٌّ مِنْ قَوْلِ الْمُتَوَلِّي وَالزَّازِ: وَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَهُ عَلَى التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ
(قَوْلُهُ: وَهِيَ غَيْرُ رَتْقَاءَ وَلَا قَرْنَاءَ) لَا يُلَاقِي مَا مَرَّ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ إذَا كَانَتْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ وَهُوَ مَجْبُوبٌ وَهَذَا سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ بُطْلَانُ نِكَاحِهَا حَيْثُ إلَخْ) لَعَلَّ فِيهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا فَتَأَمَّلْ