للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُضُورُ مَحَلٍّ فِيهِ (مَا) أَيْ صُورَةٌ (عَلَى أَرْضٍ وَبِسَاطٍ) يُدَاسُ (وَمِخَدَّةٍ) يُنَامُ أَوْ يُتَّكَأُ عَلَيْهَا، وَمَا عَلَى طَبَقٍ وَخِوَانٍ وَقَصْعَةٍ لِأَنَّ مَا يُوطَأُ وَيُطْرَحُ مُهَانٌ مُبْتَذَلٌ لَا عَلَى نَحْوِ إبْرِيقٍ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِارْتِفَاعِهِ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ الدَّنَانِيرَ الرُّومِيَّةَ الَّتِي عَلَيْهَا الصُّوَرُ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُنْكَرُ لِامْتِهَانِهَا بِالْإِنْفَاقِ وَالْمُعَامَلَةِ، وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَتَعَامَلُونَ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَلَمْ تَحْدُثْ الدَّرَاهِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ إلَّا فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ (وَمَقْطُوعِ الرَّأْسِ) لِزَوَالِ مَا بِهِ مِنْ الْحَيَاةِ فَصَارَ كَمَا فِي قَوْلِهِ (وَصُوَرِ شَجَرٍ) وَكُلُّ مَا لَا رُوحَ لَهُ كَالْقَمَرَيْنِ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَذِنَ لِمُصَوِّرٍ فِي ذَلِكَ

(وَيَحْرُمُ) وَلَوْ عَلَى نَحْوِ أَرْضٍ وَبِلَا رَأْسٍ إذْ مَا مَرَّ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِدَامَةِ وَمَا هُنَا فِي الْفِعْلِ (تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ كَمَا مَرَّ لِلْوَعِيدِ الشَّدِيدِ عَلَى ذَلِكَ، نَعَمْ يَجُوزُ تَصْوِيرُ لَعِبِ الْبَنَاتِ «لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ تَلْعَبُ بِهَا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، وَحِكْمَتُهُ تَدْرِيبُهُنَّ أَمْرَ التَّرْبِيَةِ وَلَا أُجْرَةَ لِمُصَوِّرٍ كَمَا لَا أَرْشَ عَلَى كَاسِرِ صُورَةٍ.

(وَلَا تَسْقُطُ إجَابَةٌ بِصَوْمٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» أَيْ فَلْيَدْعُ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ «فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ» وَإِذَا دُعِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ إنِّي صَائِمٌ، حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ: أَيْ إنْ أَمِنَ الرِّيَاءَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ دَعَاهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَالْمَدْعُوُّونَ كُلُّهُمْ مُكَلَّفُونَ صَائِمُونَ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا إلَّا مُجَرَّدُ نَظَرِ الطَّعَامِ وَالْجُلُوسُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ مُشِقٌّ، فَإِنْ أَرَادَ هَذَا فَلْيَدْعُهُمْ عِنْدَ الْغُرُوبِ، قَالَ: وَهَذَا وَاضِحٌ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ وُجُوبِ الْأَكْلِ وَلَوْ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَالْأَمْرُ بِهِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَيَحْصُلُ بِلُقْمَةٍ (فَإِنْ شَقَّ عَلَى الدَّاعِي صَوْمُ نَفْلٍ) وَلَوْ مُؤَكَّدًا (فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ) لِإِمْكَانِ تَدَارُكِ الصَّوْمِ بِنَدْبِ قَضَائِهِ وَلِخَبَرٍ فِيهِ لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إسْنَادُهُ مُظْلِمٌ، وَيُنْدَبُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ أَنْ يَنْوِيَ بِفِطْرِهِ إدْخَالَ السُّرُورِ عَلَيْهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ فَالْإِمْسَاكُ أَفْضَلُ. وَأَمَّا الْفَرْضُ وَلَوْ مُوَسَّعًا فَيَحْرُمُ الْخُرُوجُ مِنْهُ مُطْلَقًا (وَيَأْكُلُ الضَّيْفُ) جَوَازًا كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا كُلُّ مَنْ حَضَرَ طَعَامَ غَيْرِهِ وَحَقِيقَتُهُ الْغَرِيبُ وَمِنْ ثَمَّ تَأَكَّدَتْ ضِيَافَتُهُ وَإِكْرَامُهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا (مِمَّا قَدَّمَ لَهُ بِلَا لَفْظٍ) دَعَاهُ أَوْ لَمْ يَدْعُهُ اكْتِفَاءَ بِالْقَرِينَةِ، نَعَمْ إنْ انْتَظَرَ غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ قَبْلَ حُضُورِهِ إلَّا بِلَفْظٍ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ مِمَّا حُرْمَةَ أَكْلِ جَمِيعِ مَا قُدِّمَ لَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَنُظِرَ فِيهِ إذَا قَلَّ وَاقْتَضَى الْعُرْفُ أَكْلَ جَمِيعِهِ، وَالْأَوْجَهُ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ الْقَوِيَّةِ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى أَكْلِ الْجَمِيعِ حَلَّ وَإِلَّا امْتَنَعَ، وَصَرَّحَ الشَّيْخَانِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا بِكَرَاهَةِ الْأَكْلِ فَوْقَ الشِّبَعِ وَآخَرُونَ بِحُرْمَتِهِ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ الَّذِي لَا يَضُرُّهُ. وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ وَيَضْمَنُهُ لِصَاحِبِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ رِضَاهُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِطْلَاقُ جَمْعٍ عَدَمَ ضَمَانِهِ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى عِلْمِ رِضَا الْمَالِكِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَمَالِ نَفْسِهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: وَلَوْ كَانَ يَأْكُلُ قَدْرَ عَشَرَةٍ وَالْمُضِيفُ جَاهِلٌ بِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْكُلَ فَوْقَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ فِي مِقْدَارِ الْأَكْلِ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ اللَّفْظِيِّ وَالْعُرْفِيِّ فِيمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ وَمَا عَلَى طَبَقٍ وَخِوَانٍ) بِالْكَسْرِ، وَالضَّمُّ لُغَةٌ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى نَحْوِ إبْرِيقٍ) خِلَافًا لحج

(قَوْلُهُ: إسْنَادُهُ مُظْلِمٌ) أَيْ وَهُوَ عَلَامَةُ عَدَمِ الْقَبُولِ وَهَذَا فِي التَّجْرِيحِ دُونَ قَوْلِهِمْ فِيهِ كَذَّابٌ (قَوْلُهُ: إلَّا بِلَفْظٍ) أَيْ لَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ قَالَهُ حَيَاءً أَوْ نَحْوَهُ (قَوْلُهُ: فَوْقَ الشِّبَعِ) أَيْ التَّعَارُفِ لَا الْمَطْلُوبِ شَرْعًا وَهُوَ أَكْلُ نَحْوِ ثُلُثِ الْبَطْنِ (قَوْلُهُ: بِحَمْلِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ بِكَرَاهَةِ الْأَكْلِ، وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي: أَيْ قَوْلُهُ بِحُرْمَتِهِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمَقْطُوعُ الرَّأْسِ) أَيْ مَثَلًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الشَّارِحِ. قَالَ الشِّهَابُ سم وَيَظْهَرُ أَنَّ خَرْقَ نَحْوِ بَطْنِهِ لَا يَجُوزُ اسْتِدَامَتُهُ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا تَبْقَى مَعَ الْحَيَاةِ فِي الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمُحَاكَاةِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ) أَيْ كَفَرَسٍ بِأَجْنِحَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>