للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَسَكَنَ نَهَارًا كَحَارِسٍ)

وَأَتُّونِيٍّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ مَعَ تَشْدِيدِهَا وَقَدْ تُخَفَّفُ وَهُوَ وَقَّادُ الْحَمَّامِ أَوْ غَيْرُهُ نِسْبَةً إلَى الْأَتُون وَهُوَ أُخْدُودُ الْخَبَّازِ وَالْجَصَّاصِ. ذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ (فَعَكْسُهُ) كَعَكْسِ مَا ذُكِرَ، فَإِنْ كَانَ يَعْمَلُ تَارَةً لَيْلًا وَتَارَةً نَهَارًا لَمْ يُجْزِهِ نَهَارُهُ عَنْ لَيْلِهِ وَلَا عَكْسُهُ: أَيْ وَالْأَصْلُ فِي حَقِّهِ وَقْتَ السُّكُونِ لِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ، وَلَوْ كَانَ يَعْمَلُ بَعْضَ اللَّيْلِ وَبَعْضَ النَّهَارِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّ السُّكُونِ هُوَ الْأَصْلُ وَالْعَمَلَ هُوَ التَّبَعُ، وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَمَلُهُ فِي بَيْتِهِ كَخِيَاطَةٍ وَكِتَابَةٍ فَظَاهِرٌ تَمْثِيلُهُمْ بِالْحَارِسِ وَالْأَتُونِيِّ عَدَمُ الِاعْتِبَارِ بِهَذَا الْعَمَلِ فَيَكُونُ اللَّيْلُ فِي حَقِّهِ هُوَ الْأَصْلُ إذْ الْقَصْدُ الْأُنْسُ وَهُوَ حَاصِلٌ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْحَاضِرِ، أَمَّا الْمُسَافِرُ فَعِمَادُهُ وَقْتَ نُزُولِهِ مَا لَمْ تَكُنْ خَلْوَتُهُ فِي سَيْرِهِ فَهُوَ الْعِمَادُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَعِمَادُهُ فِي الْمَجْنُونِ وَقْتَ إفَاقَتِهِ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَأَيَّامُ الْجُنُونِ كَالْغَيْبَةِ جَارٍ عَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ الَّذِي ضَعَّفَاهُ، فَعَلَى مَا مَرَّ مِنْ النَّظَرِ لِأَيَّامِ الْإِفَاقَةِ وَحْدَهَا وَالْجُنُونِ بَعْدَهَا الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ كَغَيْرِهِ. نَعَمْ مَرَّ فِي غَيْرِ الْمُنْضَبِطِ أَنَّ الْإِفَاقَةَ لَوْ حَصَلَتْ فِي نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ قَضَى لِلْأُخْرَى قَدْرَهَا، فَعَلَيْهِ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْعِمَادَ هُنَا وَقْتُ الْإِفَاقَةِ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّامِلِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ مَنْ عِمَادُهُ اللَّيْلُ لَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ فِيهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا لِجِنَازَةٍ وَجَمَاعَةٍ وَإِجَابَةِ دَعْوَةٍ مَرْدُودٌ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي لَيَالِي الزِّفَافِ فَقَطْ عَلَى مَا يَأْتِي لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ فِيهَا لِمَنْدُوبٍ تَقْدِيمُهَا لِوَاجِبِ حَقِّهَا كَذَا قَالَاهُ، لَكِنْ أَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي رَدِّهِ: وَاعْتَمَدُوا عَدَمَ الْحُرْمَةِ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَهِيَ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ كَمَا مَرَّ وَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْخُرُوجِ لِنَحْوِ جَمَاعَةٍ، فَإِنْ خَصَّ بِهِ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِنْهُنَّ حَرُمَ

(وَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ) وَهُوَ مَنْ عِمَادُهُ اللَّيْلُ، وَيُقَاسُ بِهِ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي مَنْ عِمَادُهُ النَّهَارُ أَوْ وَقْتُ النُّزُولِ أَوْ السُّكُونِ أَوْ الْإِفَاقَةِ (دُخُولٌ فِي نَوْبَةٍ عَلَى أُخْرَى لَيْلًا) وَلَوْ لِحَاجَةٍ (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ) وَلَوْ ظَنًّا وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ احْتِمَالًا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ لِيُعْرَفَ الْحَالُ، وَمِمَّا يَدْفَعُ تَنْظِيرَهُ قَوْلُ التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ لَوْ مَرِضَتْ أَوْ وَلَدَتْ وَلَا مُتَعَهِّدَ لَهَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: أَوْ لَهَا مُتَعَهِّدٌ كَمَحْرَمٍ إذْ لَا يَلْزَمُهُ إسْكَانُهُ فَلَهُ أَنْ يُدِيمَ الْبَيْتُوتَةَ عِنْدَهَا وَيَقْضِيَ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَسْكَنَ إحْدَاهُنَّ لَوْ اخْتَصَّ بِخَوْفٍ، وَلَمْ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهَا إلَّا بِهِ جَازَ لَهُ الْبَيْتُوتَةُ عِنْدَهَا مَا دَامَ الْخَوْفُ مَوْجُودًا وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، نَعَمْ إنْ سَهُلَ نَقْلُهَا لِمَنْزِلٍ لَا خَوْفَ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ تَعْيِينُهُ عَلَيْهِ (وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ دَخَلَ لِضَرُورَةٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ، فَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ يَحْتَمِلُ إرَادَةَ هَذَا وَضِدِّهِ وَالْأَمْرَيْنِ بَعِيدٌ (إنْ طَالَ مُكْثُهُ) عُرْفًا، وَتَقْدِيرُ الْقَاضِي لِطُولِهِ بِثُلُثِ اللَّيْلِ وَغَيْرِهِ بِسَاعَةٍ طَوِيلَةٍ عُرْفًا مَرْدُودٌ، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْعُرْفِ فِي ذَلِكَ بِفَوْقِ مَا مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ عِنْدَ الدُّخُولِ لِتَفَقُّدِ الْأَحْوَالِ عَادَةً، فَهَذَا الْقَدْرُ لَا يُقْضَى مُطْلَقًا وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يُقْضَى مُطْلَقًا وَإِنْ فُرِضَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَإِنَّهُ كَمَا تَخْتَلِفُ أَحْوَالُ أَهْلِ الْحِرَفِ فِي أَوَّلِهِ كَذَلِكَ تَخْتَلِفُ فِي آخِرِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أُخْدُودٌ) أَيْ حَفِيرَةٌ (قَوْلُهُ: هُوَ الْأَصْلُ) مُعْتَمَدُ

(قَوْلِهِ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ) أَيْ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَلْزَمُهُ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي فَلَهُ أَنْ يُدِيمَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهَا) أَيْ أَوْ مَالِهَا وَإِنْ قَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ تَعْيِينُهُ عَلَيْهِ) مُعْتَمَدُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ لِعَكْسِ مَا ذُكِرَ) هُوَ بِاللَّامِ أَوَّلَهُ خِلَافًا لِمَا يُوجَدُ فِي النُّسَخِ فَهُوَ عِلَّةٌ: أَيْ فِعْلُهُ الْعَكْسَ عَكْسُ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَعْكُوسِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ) يُوهِمُ أَنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ هَذَا الْبَعْضِ وَأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ مُرَادٌ مَعَ أَنَّهُ يُنَافِي مَا سَيَنْحَطُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَعِمَادُهُ فِي الْمَجْنُونِ وَقْتَ إفَاقَتِهِ: أَيْ وَقْتَ كَانَ وَأَيَّامُ الْجُنُونِ كَالْغَيْبَةِ كَذَا جَزَمَ بِهِ شَارِحٌ وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ الَّذِي ضَعَّفَاهُ إلَخْ فَكَأَنَّ الشَّارِحَ تَوَهَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ كَذَا رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَأَيَّامُ الْجُنُونِ كَالْغَيْبَةِ خَاصَّةً فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ الْإِفَاقَةُ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِيُعْرَفَ الْحَالُ) أَيْ لِيُعْرَفَ هَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>