للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّ الضَّرُورَةَ امْتَدَّتْ فَوْقَ ذَلِكَ، وَتَعْلِيلُهُمْ بِالْمُسَامَحَةِ وَعَدَمِهَا ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ (قَضَى) مِنْ نَوْبَتِهَا مِثْلَهُ لِأَنَّهُ مَعَ الطُّولِ لَا يَسْمَحُ بِهِ، وَحَقُّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ عُرْفًا (فَلَا) يُقْضَى لِلْمُسَامَحَةِ بِهِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَيَأْثَمُ سَبَقُ قَلَمٍ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ دَخَلَ لِلضَّرُورَةِ وَإِنَّمَا الْإِثْمُ عِنْدَ تَعَدِّيهِ بِالدُّخُولِ وَإِنْ قَلَّ مُكْثُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَقْضِي إلَّا إنْ طَالَ مُكْثُهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ إذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّ شَرْطَ الْقَضَاءِ عِنْدَ الطُّولِ كَوْنُ الدُّخُولِ لِضَرُورَةٍ وَأَنَّهُ لِغَيْرِهَا يَقْضِي مُطْلَقًا لِتَعَدِّيهِ، وَكَذَا يَجِبُ الْقَضَاءُ عِنْدَ طُولِ زَمَنِ الْخُرُوجِ لَيْلًا وَلَوْ لِغَيْرِ بَيْتِ الضَّرَّةِ وَإِنْ أُكْرِهَ لَكِنَّهُ هُنَا يَقْضِي عِنْدَ فَرَاغِ النَّوْبَةِ لَا مِنْ نَوْبَةِ إحْدَاهُنَّ، وَعِنْدَ فَرَاغِ زَمَنِ الْقَضَاءِ، يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إنْ أَمِنَ لِنَحْوِ مَسْجِدٍ، وَقَدْ يَجِبُ الْقَضَاءُ عِنْدَ الْقَصْرِ بِأَنْ بَعُدَ مَنْزِلُهَا بِحَيْثُ طَالَ زَمَنُ الذَّهَابِ وَالْعَوْدِ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ مِنْ نَوْبَتِهَا وَإِنْ قَصَّرَ الْمُكْثَ عِنْدَهَا، وَلَهُ قَضَاءُ الْفَائِتِ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ (وَلَهُ الدُّخُولُ نَهَارًا) لِحَاجَةٍ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِيهِ مَا لَا يُتَسَامَحْ فِي اللَّيْلِ فَيَدْخُلُ (لِوَضْعٍ) أَوْ أَخْذِ (مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ) كَتَسْلِيمِ نَفَقَةٍ وَتَعَرُّفِ خَبَرٍ، «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتَّى يَبْلُغَ إلَى الَّتِي جَاءَتْ نَوْبَتُهَا فَيَبِيتُ عِنْدَهَا» .

(وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ) عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ: أَيْ يَجُوزُ لَهُ تَطْوِيلُ الْمُكْثِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ إلَى وُجُوبِهِ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْحَاجَةِ كَابْتِدَاءِ دُخُولٍ لِغَيْرِهَا، وَهُوَ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَا بِهِ، وَيُرَدُّ بِوُقُوعِهِ هُنَا تَابِعًا، وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إذَا دَخَلَ لِحَاجَةٍ) وَإِنْ أَطَالَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمَا، وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، لَكِنْ صَرَّحَ آخَرُونَ بِالْقَضَاءِ عِنْدَ الطُّولِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا طَالَتْ بِغَيْرِ الْحَاجَةِ. وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا طَالَ فَوْقَهَا: كَذَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَبِهِ يُعْلَمُ صِحَّةُ مَا فِي الْمُهَذَّبِ وَعَدَمُ مُخَالَفَتِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَالثَّانِي يَقْضِي إذَا طَالَ كَمَا فِي اللَّيْلِ، وَاحْتُرِزَ بِالْحَاجَةِ عَمَّا لَوْ دَخَلَ بِلَا سَبَبٍ وَسَيَأْتِي (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّ لَهُ مَا سِوَى وَطْءٍ مِنْ اسْتِمْتَاعٍ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَلِأَنَّ النَّهَارَ تَبَعٌ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ الْحُرْمَةِ إنْ أَفْضَى إلَيْهِ إفْضَاءً قَوِيًّا كَمَا فِي قُبْلَةِ الصَّائِمِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ ذَاتَ الْجِمَاعِ مُحَرَّمَةٌ إجْمَاعًا ثَمَّ لَا هُنَا، لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ وَقَعَ جَائِزًا إنَّمَا الْحُرْمَةُ لِمَعْنًى خَارِجٍ وَهُوَ حَقُّ الْغَيْرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّ فِي حِلِّهِ مِنْ أَصْلِهِ خِلَافًا فَاحْتِيطَ ثَمَّ لِذَلِكَ وَلِكَوْنِهِ مُفْسِدًا لِلْعِبَادَةِ مَا لَمْ يُحْتَطْ هُنَا، وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ يَقْضِي) زَمَنَ إقَامَتِهِ إنْ طَالَ (إنْ دَخَلَ بِلَا سَبَبٍ) لِتَعَدِّيهِ، وَالثَّانِي لَا يَقْضِي لِأَنَّ النَّهَارَ تَبَعٌ.

(وَلَا تَجِبُ تَسْوِيَةٌ فِي الْإِقَامَةِ) فِي غَيْرِ الْأَصْلِ كَأَنْ كَانَ (نَهَارًا) أَيْ فِي قَدْرِهَا لِأَنَّهُ وَقْتَ التَّرَدُّدِ وَهُوَ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ، وَكَذَا فِي أَصْلِهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ الْإِطْلَاقُ، لَكِنَّ الَّذِي بَحَثَهُ الْإِمَامُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ امْتِنَاعُهُ إنْ كَانَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إنْ أَمِنَ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ كَمَّلَ اللَّيْلَ عِنْدَهَا وَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُ التَّمَتُّعِ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي قَضَاءُ بَقِيَّةِ اللَّيْلِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَنْعَزِلْ عَنْهَا فِي مَسْكَنٍ آخَرَ مِنْ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصُرَ الْمُكْثُ عِنْدَهَا) كَذَا جَزَمَ بِهِ شَارِحٌ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، لَكِنْ ظَاهِرُ تَخْصِيصِهِ الْقَضَاءَ بِزَمَنِ الْمُكْثِ خِلَافُهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ زَمَنَ الْعَوْدِ وَالذَّهَابِ لَا يَظْهَرُ فِيهِ قَصْدُ تَخْصِيصٍ مُؤَثِّرٍ عُرْفًا نَعَمْ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي صُورَةِ الْقَضَاءِ بَعْدَ فَرَاغِ النُّوَبِ أَنَّ زَمَنَهَا لَوْ طَالَ قَضَاهُ بَعْدَ فَرَاغِ النُّوَبِ اهـ حَجّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ) أَيْ وَطْءٍ انْتَهَى شَرْحُ مَنْهَجٍ. وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي مَا سِوَى وَطْءٍ مِنْ اسْتِمْتَاعٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

هُوَ مَخُوفٌ أَوْ غَيْرُ مَخُوفٍ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ الْقَضَاءُ) أَيْ قَضَاءُ زَمَنِ الْمُكْثِ عِنْدَهَا وَكَذَا زَمَنُ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ إلَى وُجُوبِهِ) يَعْنِي وُجُوبَ عَدَمِ طُولِ الْمُكْثِ الَّذِي هُوَ مُفَادُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ مَا فِي الْمُهَذَّبِ) أَيْ مِنْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ فِي حِلِّهِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ عَلَى أَنَّ فِي حُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ) هُوَ مُكَرَّرٌ فَقَدْ مَرَّ.

(قَوْلُهُ امْتِنَاعُهُ) يُتَأَمَّلُ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>