للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَاصِدًا، وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ لَا شَكَّ أَنَّ تَخْصِيصَ إحْدَاهُنَّ بِالْإِقَامَةِ عِنْدَهَا نَهَارًا عَلَى الدَّوَامِ وَالِانْتِشَارِ فِي نَوْبَةِ غَيْرِهَا يُورِثُ حِقْدًا وَعَدَاوَةً وَإِظْهَارَ مَيْلٍ وَتَخْصِيصٍ. أَمَّا الْأَصْلُ فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ فِي قَدْرِ الْإِقَامَةِ فِيهِ

(وَأَقَلُّ نُوَبِ الْقَسْمِ لَيْلَةٌ لَيْلَةٌ) وَنَهَارٌ نَهَارٌ فِي نَحْوِ الْحَارِسِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَا يَجُوزُ تَبْعِيضُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ فِي النَّهَارِ لِأَنَّهُ يُنَغِّصُ الْعَيْشَ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ بِرِضَاهُنَّ، وَعَلَيْهِ حَمَلُوا «طَوَافَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ» (وَهُوَ أَفْضَلُ) مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا لِلِاتِّبَاعِ وَأَقْرَبُ عَهْدِهِ بِهِنَّ (وَيَجُوزُ ثَلَاثًا) ثَلَاثًا وَلَيْلَتَيْنِ لَيْلَتَيْنِ وَإِنْ كَرِهْنَ ذَلِكَ لِقُرْبِهَا (وَلَا زِيَادَةَ) عَلَى الثَّلَاثِ فَيَحْرُمُ بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْإِيحَاشِ وَقِيلَ يُكْرَهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَجَرَى عَلَيْهِ الدَّارِمِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَبِهِ يَقْرُبُ الْوَجْهُ الشَّاذُّ الْقَائِلُ لَا تَقْدِيرَ بِزَمَنٍ أَصْلًا وَإِنَّمَا هُوَ إلَى الزَّوْجِ (وَالصَّحِيحُ) فِيمَا إذَا لَمْ يَرْضَيْنَ فِي الِابْتِدَاءِ بِوَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ (وُجُوبُ قُرْعَةٍ) بَيْنَهُنَّ (لِلِابْتِدَاءِ) فِي الْقَسْمِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تَحَرُّزًا عَنْ التَّرْجِيحِ بِلَا مُرَجِّحٍ فَيَبْدَأُ بِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا ثُمَّ يَقْرَعُ لِلْبَاقِيَاتِ وَهَكَذَا، فَإِذَا تَمَّتْ النَّوْبَةُ رَاعَى التَّرْتِيبَ الْأَوَّلَ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ، نَعَمْ لَوْ بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ ظُلْمًا أَقْرَعَ لِلْبَاقِيَاتِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَغْوٌ، فَإِذَا تَمَّ الْعَدَدُ أَقْرَعَ الِابْتِدَاءَ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَوَّلَ لَغْوٌ (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ) فَيَبْدَأُ بِمَنْ شَاءَ بِلَا قُرْعَةٍ لِأَنَّهُ الْآنَ لَا يَلْزَمُهُ الْقَسْمُ وَلَوْ أَرَادَ الِابْتِدَاءَ بِمَا لَيْسَ قَسْمًا كَدُونِ لَيْلَةٍ اُتُّجِهَ وُجُوبُهَا أَيْضًا

(وَلَا يُفَضِّلُ فِي قَدْرِ نَوْبَةٍ) وَلَوْ مُسْلِمَةً عَلَى كِتَابِيَّةٍ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا شُرِعَ لَهُ الْقَسْمُ مِنْ الْعَدْلِ (لَكِنْ لِحُرَّةٍ مَثَلًا أَمَةٌ) تَجِبُ نَفَقَتُهَا أَيْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا وَلَوْ مُبَعَّضَةً: أَيْ لَهَا لَيْلَتَانِ، وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةٌ لَا غَيْرُ. لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ امْتِنَاعِ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَلَاثٍ وَالنَّقْصِ عَنْ لَيْلَةٍ، بَلْ لَوْ جَعَلَ لِلْحُرَّةِ ثَلَاثًا وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةً وَنِصْفًا لَمْ يَجُزْ فَعُلِمَ سَهْوُ مَنْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ جَوَازَ لَيْلَتَيْنِ لِلْأَمَةِ وَأَرْبَعٍ لِلْحُرَّةِ لِخَبَرٍ مُرْسَلٍ فِيهِ اُعْتُضِدَ بِقَوْلِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ بَلْ لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ، وَإِنَّمَا سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي حَقِّ الزِّفَافِ لِأَنَّهُ لِزَوَالِ الْحَيَاءِ وَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ، وَيُتَصَوَّرُ كَوْنُهَا جَدِيدَةً فِي الْحُرِّ بِأَنْ تَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِلِاسْتِمْتَاعِ فَنَكَحَ أَمَةً، وَمَنْ عَتَقَتْ قَبْلَ تَمَامِ نَوْبَتِهَا اُلْتُحِقَتْ بِالْحَرَائِرِ وَإِنْ كَانَتْ الْبُدَاءَةُ بِالْأَمَةِ وَعَتَقَتْ فِي لَيْلَتِهَا فَكَالْحُرَّةِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهَا أَوْ فِي الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ هِيَ بِالْعِتْقِ حَتَّى مَضَى أَدْوَارٌ وَهُوَ يَقْسِمُ لَهَا قَسْمَ الْإِمَاءِ لَمْ يَقْضِ لَهَا مَا مَضَى. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَقْضِي لَهَا اهـ. وَالْوَجْهُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ الْجَزْمُ بِهِ عِنْدَ عِلْمِ الزَّوْجِ بِذَلِكَ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ حَقَّ الْقَسْمِ حَيْثُ وَجَبَ لِلْأَمَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِلْخَبَرِ الْمَارِّ

(قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ فِي النَّهَارِ) أَيْ وَأَمَّا اللَّيْلُ فَهُوَ فِي كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ أَوْ يُقَالُ هُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَفَرَّقْنَ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا كَثُرَ السُّؤَالُ فِيهِ أَنَّ مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ بِمَكَّةَ وَأُخْرَى بِمِصْرَ مَثَلًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ أَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثٍ، فَإِذَا بَاتَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ ثَلَاثًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْأُخْرَى وَيَبِيتَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، وَهَذَا الْحُكْمُ مِمَّا عَمَّتْ الْبَلْوَى بِمُخَالَفَتِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ عَدَمِ الرِّضَا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ) أَيْ فَلَوْ أَعَادَ الْقُرْعَةَ جَازَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الْمَحَلِّيِّ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْقُرْعَةِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ بَعْدَ تَمَامِ الدَّوْرِ اسْتَوَتْ الزَّوْجَاتُ فَيُعْدَمُ ثُبُوتُ حَقٍّ لَهُنَّ عَلَى الزَّوْجِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَرَادَ الْمَبِيتَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ قَسْمٍ وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ وُجُوبُ رِعَايَةِ التَّرْتِيبِ وَامْتِنَاعِ الْقُرْعَةِ فَاحْذَرْهُ

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا سَوَّى بَيْنَهُمَا) أَيْ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ (قَوْلُهُ: الْجَزْمُ بِهِ) أَيْ بِالْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ لِلْأَمَةِ) أَيْ يَكُونُ لِلْأَمَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ أَخَصُّ مِنْ حَيْثُ التَّقْيِيدُ بِالدَّوَامِ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَغْوٌ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِقْرَاعِ لِمَا بَعْدَ الْأُولَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الِابْتِدَاءُ بِهَا لَغْوًا (قَوْلُهُ: أَقْرَعَ لِلِابْتِدَاءِ) أَيْ لِلِابْتِدَاءِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ قَبْلَ الَّتِي بَعْدَهَا فَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ الرَّوْضِ ثُمَّ أَعَادَهَا لِلْجَمِيعِ.

(قَوْلُهُ:: لِخَبَرٍ مُرْسَلٍ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>