وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْهِبَةُ عَنْ قَوَاعِدِ الْهِبَاتِ وَلِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَا الْمَوْهُوبِ لَهَا، بَلْ يَكْفِي رِضَا الزَّوْجِ لِأَنَّ الْحَقَّ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الْوَاهِبَةِ وَبَيْنَهُ إذْ لَيْسَ لَنَا هِبَةٌ يُقْبَلُ فِيهَا غَيْرُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ تَأَهُّلِهِ لِلْقَبُولِ إلَّا هَذِهِ، وَلَا يُوَالِيهِمَا إنْ كَانَتَا مُتَفَرِّقَتَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ حَقٍّ مِنْ بَيْنِهِمَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَقَدَّمَتْ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ وَأَرَادَ تَأْخِيرَهَا جَازَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَكَذَا لَوْ تَأَخَّرَتْ فَأَخَّرَ نَوْبَةَ الْمَوْهُوبِ لَهَا بِرِضَاهَا كَمَا أَفْهَمَهُ التَّعْلِيلُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ (وَقِيلَ) فِي الْمُنْفَصِلَتَيْنِ (يُوَالِيهِمَا) إنْ شَاءَ (أَوْ) وَهَبَتْ (لَهُنَّ) أَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا (سَوَّى) بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ وُجُوبًا لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالْمَعْدُومَةِ (أَوْ) وَهَبَتْ (لَهُ فَلَهُ التَّخْصِيصُ) لِوَاحِدَةٍ فَأَكْثَرَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَهُ وَضْعُهُ حَيْثُ شَاءَ مُرَاعِيًا مَا مَرَّ فِي الْمُوَالَاةِ أَوْ وَهَبَتْ لَهُ وَلِبَعْضِ الزَّوْجَاتِ أَوْ لَهُ وَلِلْجَمِيعِ قَسَمَ عَلَى الرُّءُوسِ كَمَا لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ عَيْنًا لِجَمَاعَةٍ أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَقِيلَ يُسَوِّي) فَتُجْعَلُ الْوَاحِدَةُ كَالْمَعْدُومَةِ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّ التَّخْصِيصَ يُورِثُ الْإِيحَاشَ، وَلَوْ أَخَذَتْ عَلَى حَقِّهَا عِوَضًا لَزِمَهَا رَدُّهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْنًا وَلَا مَنْفَعَةً فَلَا يُقَابَلُ بِمَالٍ لَكِنْ يَقْضِي لَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُسْقِطْهُ مَجَّانًا، وَمَرَّ أَنَّ مَا فَاتَ قَبْلَ عِلْمِ الزَّوْجِ بِرُجُوعِهَا لَا يَقْضِي، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ هِبَةُ رَجْعِيَّةٍ قَبْلَ رَجْعَتِهَا، وَاسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِمَّا هُنَا وَمِنْ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ جَوَازَ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِعِوَضٍ وَدُونَهُ وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَيْهِ حَلَّ بَذْلُ الْعِوَضِ مُطْلَقًا وَأَخَذَهُ إنْ كَانَ النَّازِلُ أَهْلًا لَهَا، وَهُوَ حِينَئِذٍ لِإِسْقَاطِ حَقِّ النَّازِلِ فَهُوَ مُجَرَّدُ افْتِدَاءٍ، وَبِهِ فَارَقَ مَنْعُ بَيْعِ حَقِّ التَّحَجُّرِ وَشِبْهِهِ كَمَا هُنَا لَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَنْزُولِ لَهُ بِهَا أَوْ بِشَرْطِ حُصُولِهَا لَهُ، بَلْ يَلْزَمُ نَاظِرَ الْوَظِيفَةِ تَوْلِيَةُ مَنْ تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَلَوْ غَيْرَ الْمَنْزُولِ لَهُ، وَلَهَا الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ مَتَى شَاءَتْ وَيَخْرُجُ بَعْدَهُ فَوْرًا، وَلَوْ بَاتَ فِي نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ عِنْدَ غَيْرِهَا ثُمَّ ادَّعَى هِبَتَهَا وَأَنْكَرَتْ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
حِينَ وَهَبَتْ سَوْدَةُ» إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ) أَيْ وَلَا كَوْنُهَا رَشِيدَةً (قَوْلُهُ: وَلِبَعْضِ الزَّوْجَاتِ) أَيْ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ: حَلَّ بَذْلُ الْعِوَضِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ النَّازِلُ أَهْلًا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَذَهُ إنْ كَانَ النَّازِلُ أَهْلًا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطْلَاقِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُصُولِهَا لَهُ أَوْ عَدَمُهُ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ بِشَرْطِ حُصُولِهَا إلَخْ عَطْفًا عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ بَعْدُ بَلْ يَلْزَمُ نَاظِرَ إلَخْ لِمُجَرَّدِ الِانْتِقَالِ فَهُوَ بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْعِوَضُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ الْمَنْزُولِ لَهُ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ عَلَى النَّازِلِ كَمَا مَرَّ، وَفِيمَا إذَا نَزَلَ مَجَّانًا وَلَمْ يَقْصِدْ إسْقَاطَ حَقِّهِ إلَّا لِلْمَنْزُولِ لَهُ فَقَطْ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ أَنْ يُقَرِّرَ كَهِبَةٍ لَمْ تُقْبَضْ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ تَقْرِيرُ غَيْرِ النَّازِلِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ عَزْلُهُ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ عَلَى النَّازِلِ هَذَا نَاظِرٌ إذَا كَانَ بَذْلُ الْعِوَضِ عَلَى مُجَرَّدِ النُّزُولِ، أَمَّا لَوْ بَذَلَهُ عَلَى النُّزُولِ وَالْحُصُولُ لَهُ فَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ اهـ م ر. وَقَوْلُهُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُتَّجَهُ خِلَافُهُ وَسُقُوطُ حَقِّهِ بِمُجَرَّدِ النُّزُولِ لَهُ مُطْلَقًا اهـ م ر. أَقُولُ: بَقِيَ مَا لَوْ أَفْهَمَ النَّازِلُ الْمَنْزُولَ لَهُ زِيَادَةَ مَعْلُومِ الْوَظِيفَةِ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي اسْتَقَرَّتْ الْعَادَةُ بِصَرْفِهِ وَتَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمَنْزُولِ لَهُ خِلَافُهُ فَهَلْ لِلْمَنْزُولِ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا بَذَلَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الرُّجُوعِ لِأَنَّ الْمَنْزُولَ لَهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْبَحْثِ (قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) أَيْ إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا انْعَزَلَ عَنْهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا وَجَبَ لَهَا الْقَضَاءُ.
[حاشية الرشيدي]
هُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا حَلَّ بِهِ الْمَتْنَ آنِفًا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُوَالِيهِمَا) هُوَ مُرَادُ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ لَيْلَتَيْهِمَا: أَيْ عَلَى حُكْمِهَا مِنْ التَّفْرِيقِ إنْ كَانَتَا مُتَفَرِّقَتَيْنِ بِدَلِيلِ الْقِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: أَوْ لَهُ وَلِلْجَمِيعِ قَسْمٌ عَلَى الرُّءُوسِ) أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ نَفْسَهُ بِرَأْسٍ ثُمَّ يَخُصَّ بِنَوْبَتِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَمَا هُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْقَسْمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute