للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسَوْطٍ وَعَصَا هُنَا أَيْضًا، وَلَا عَلَى وَجْهٍ أَوْ مُهْلِكٍ وَلَا لِنَحْوِ نَحِيفَةٍ لَا تُطِيقُهُ، وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَلَا أَنْ يَبْلُغَ ضَرْبُ حُرَّةٍ أَرْبَعِينَ وَغَيْرِهَا عِشْرِينَ، أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ فَيَحْرُمُ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ مُسْتَغْنًى عَنْهَا، وَإِنَّمَا ضَرَبَ لِلْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ مُطْلَقًا وَلَوْ لِلَّهِ لِعُمُومِ الْمَصْلَحَةِ ثَمَّ وَلَمْ يَجِبْ الرَّفْعُ هُنَا لِلْحَاكِمِ لِمَشَقَّتِهِ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ رَدُّهَا لِلطَّاعَةِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} [النساء: ٣٤] نَعَمْ خَصَّصَ الزَّرْكَشِيُّ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ سَبَبَ الضَّرْبِ النُّشُوزُ وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَهُ وَلِيًّا عَلَيْهَا، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ شَيْءٍ مِنْ حَقِّهَا فَلَا، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَكَرَّرَ ضَرَبَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَمْ يَتَكَرَّرْ بَعْدَ مَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ الرَّاجِحِ وَمُقَابِلِهِ، وَأَيْضًا فَفِيهِ فَائِدَةُ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ عِنْدَ تَكَرُّرِهِ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ بَيْنَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ وَأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ انْتِفَائِهِ، فَلَوْ قَدَّمَهُ لِتَوَهُّمِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَيْضًا، فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَوْ قَدَّمَهُ عَلَى الزِّيَادَةِ وَقَيَّدَ الضَّرْبَ فِيهَا بِعَدَمِ التَّكَرُّرِ كَأَنْ أَقْعَدَ مَمْنُوعٌ، بَلْ الْأَقْعَدُ مَا فَعَلَهُ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِالْمَفْهُومِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ مَا فِي الْمَنْطُوقِ (فَلَوْ مَنَعَهَا حَقَّهَا كَقَسْمٍ وَنَفَقَةٍ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي تَوْفِيَتَهُ) إذَا طَلَبَتْهُ، فَإِنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ لِكَوْنِهِ مَحْجُورًا أَلْزَمَهُ وَلِيُّهُ بِذَلِكَ، وَلَهُ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ فِي ضَرْبِهَا لِلنُّشُوزِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَأْدِيبِهَا لِحَقِّهِ كَشَتْمِهِ لِمَشَقَّةِ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ (فَإِنْ أَسَاءَ خُلُقَهُ وَآذَاهَا) بِنَحْوِ ضَرْبٍ بِلَا سَبَبٍ نَهَاهُ مِنْ غَيْرِ تَعْزِيرٍ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ جَوَازَهُ عِنْدَ طَلَبِهَا مُمْتَنِعٌ لِأَنَّ إسَاءَةَ الْخُلُقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ تَكْثُرُ وَالتَّعْزِيرُ عَلَيْهَا يُورِثُ وَحْشَةً فَاقْتُصِرَ عَلَى نَهْيِهِ رَجَاءَ أَنْ يَلْتَئِمَ الْحَالُ بَيْنَهُمَا كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ يُحَالُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَعُودَ لِلْعَدْلِ مَحْمُولٌ عَلَى تَحَقُّقِ تَعَدِّيهِ عَلَيْهَا، وَمَنْ نَفَاهَا أَرَادَ الْحَالَةَ الَّتِي بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ بَعْدَ التَّعْزِيرِ وَالْإِسْكَانِ، وَلَوْ كَانَ لَا يَتَعَدَّى عَلَيْهَا وَإِنَّمَا يَكْرَهُ صُحْبَتَهَا لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيَعْرِضُ عَنْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُسَنُّ لَهَا اسْتِعْطَافُهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِنْهُ مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ لَكِنْ صَرَّحَ حَجّ بِخِلَافِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى وَجْهٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤْذِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ضَرَبَ) أَيْ ضَرَبَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَالتَّعْزِيرُ مُطْلَقًا) أَيْ أَفَادَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ نَعَمْ خَصَّصَ الزَّرْكَشِيُّ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَعْلَمْ جَرَاءَتَهُ وَاسْتِهْتَارَهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ اهـ حَجّ: أَيْ فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا صُدِّقَتْ فِي أَنَّهُ تَعَدَّى بِضَرْبِهَا فَيُعَزِّرُهُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ شَيْءٍ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُحْتَرِزًا لَهُ، لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ مَا سَبَقَ كَأَنْ يُقَالَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ التَّعْزِيرِ (قَوْلُهُ بَعْدَ مَا ذُكِرَ) مُتَعَلِّقٌ بِتَصْرِيحِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَعْزِيرٍ) أَيْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى لِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ بَعْدَ التَّعْزِيرِ) يُتَأَمَّلُ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ تَعْزِيرٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْغَزَالِيَّ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ حَيْثُ نَهَاهُ وَلَمْ يَمْتَنِعْ بَلْ عَادَ لِإِسَاءَتِهَا فَعَزَّرَهُ وَأَسْكَنَهُ بِجِوَارِ مَنْ يَعْرِفُ وَلَمْ يَفْدِ ذَلِكَ مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَالْإِسْكَانُ) أَيْ بِجِوَارِ عَدْلٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْكِتَابِ الشَّارِحِ. وَإِنَّمَا فَسَّرَ الْمُرَادَ بِالْمَضْجَعِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى وَجْهٍ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ ضَرْبٌ مُدْمٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ) لَعَلَّهُ سَقَطَ عَقِبَهُ لَفْظُ بِالْمُبَرِّحِ مِنْ الْكَتَبَةِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ضُرِبَ) هُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ: أَيْ وَإِنَّمَا جَازَ الضَّرْبُ: أَيْ مِنْ الْحَاكِمِ لِلْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ إلَخْ، وَقَدْ ذَكَرَ الشِّهَابُ سم أَنَّ الشَّارِحَ ضَرَبَ عَلَى هَذَا بَعْدَ أَنْ تَبِعَ فِيهِ حَجّ وَقَالَ: هَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُحَدُّ وَلَا يُعَزَّرُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ.

وَكَأَنَّهُ قَرَأَ ضَرَبَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ الَّتِي بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِظَنِّ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ بَعْدَ التَّعْزِيرِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ التَّعْزِيرِ الْآتِي كَمَا صَنَعَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>