وَفِي الْأَنْوَارِ لَوْ قَالَ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ وَقَدْ أَقَرَّتْ بِهِ لِثَالِثٍ فَأَبْرَأَتْهُ، فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْإِبْرَاءِ مَحْضُ تَعْلِيقٍ فَيَبْرَأُ وَتَطْلُقُ رَجْعِيًّا أَوْ خُلْعٌ بِعِوَضٍ كَالتَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي، فَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ كَالتَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ، وَعَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ، وَأَقْيَسُ الْوَجْهَيْنِ الْوُقُوعُ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الْمَغْصُوبَ فَأَعْطَتْهُ وَلَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ وَعَلَيْهَا لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ فَيَبْرَأُ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ كَذَّبَهَا فِي إقْرَارِهَا فَانْدَفَعَ التَّنْظِيرُ فِيهِ بِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا أَقَرَّتْ بِهِ لِثَالِثٍ فَكَيْفَ يَبْرَأُ وَيَجْرِي مَا تَقَرَّرَ فِيمَا لَوْ أَحَالَتْ بِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُ فَأَبْرَأَتْهُ ثُمَّ طَالَبَهُ الْمُحْتَالُ وَأَقَامَ بِحَوَالَتِهَا لَهُ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ بَيِّنَةً فَيُغَرِّمُهُ إيَّاهُ وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، هَذَا وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ الْإِبْرَاءَ حَيْثُ أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلصَّحِيحِ، وَحِينَئِذٍ فَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ حَالَ التَّعْلِيقِ دَيْنٌ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْهُ. نَعَمْ إنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ عَلَى لَفْظِ الْبَرَاءَةِ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَفَارَقَ الْمَغْصُوبُ بِأَنَّ الْإِعْطَاءَ قُيِّدَ بِهِ وَالطَّلَاقُ عَلَى مَا فِي كَفِّهَا مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ عِوَضًا غَايَتُهُ أَنَّهُ فَاسِدٌ فَرَجَعَ لِبَدَلِ الْبُضْعِ، بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ الْمُعَلَّقِ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا لِمَوْجُودٍ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِإِبْرَاءِ سَفِيهَةٍ فَأَبْرَأَتْهُ لَمْ يَقَعْ، وَإِنْ عُلِمَ سَفَهُهَا فَقِيَاسُهُ هُنَا عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَإِنْ عُلِمَ إقْرَارُهَا أَوْ حَوَالَتُهَا، أَمَّا خُلْعُ الْكُفَّارِ بِنَحْوِ خَمْرٍ فَيَصِحُّ نَظَرًا لِاعْتِقَادِهِمْ، فَإِنْ أَسْلَمَا قَبْلَ قَبْضِهِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ، وَأَمَّا الْخُلْعُ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجَةِ مِنْ أَبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ عَلَى هَذَا الْخَمْرِ أَوْ الْمَغْصُوبِ أَوْ عَبْدِهَا هَذَا أَوْ عَلَى صَدَاقِهَا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِنِيَابَةٍ وَلَا اسْتِقْلَالٍ بَلْ أَطْلَقَ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا مَهْرَ سِوَاهَا، أَوْ خَالَعَ بِمَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ فَسَدَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، بِخِلَافِ الْخُلْعِ عَلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ مَعْلُومٍ نَشَأَ فَسَادُهُ مِنْ غَيْرِ الْجَهَالَةِ فَيَصِحُّ فِي الصَّحِيحِ، وَيَجِبُ فِي الْفَاسِدِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ قَوْلُهُ وَإِلَّا صُدِّقَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَقَرَّتْ بِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: فَيَبْرَأُ وَتَطْلُقُ رَجْعِيًّا) فِيمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ: أَيْ وَقُلْنَا هُوَ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَفْرُوضًا فِيمَا لَوْ أَقَرَّتْ بِهِ لِآخَرَ، بَلْ حُكْمُ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لِثَالِثٍ مِنْ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا، فَالتَّنْظِيرُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ فَيَبْرَأُ صَحِيحٌ إلَخْ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ قَوْلِهِ فَيَبْرَأُ وَتَطْلُقُ رَجْعِيًّا، وَقَوْلُهُ وَعَلَى الثَّانِي: أَيْ قَوْلِهِ أَوْ خُلْعٌ بِعِوَضٍ (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُ ذَلِكَ إلَخْ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ لَمْ يَبْقَ حَالَ التَّعْلِيقِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ نُجِزَ الطَّلَاقُ بِالْبَرَاءَةِ كَأَنْ قَالَ طَلَّقْتُك عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِك وَهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا يَجْهَلُهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ حَيْثُ قُبِلَتْ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْمَغْصُوبَ) أَيْ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ الْمُعَلَّقِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْأَنْوَارِ فِيمَا لَوْ أَحَالَتْ بِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى الْبَرَاءَةِ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْمُنْجَزَةِ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَعَ فَسَادِهَا (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُهُ هُنَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْخُلْعُ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجَةِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْخُلْعُ مَعَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى هَذَا الْخَمْرِ) صُورَةُ هَذَا أَنْ يُصَرِّحَ بِوَصْفِ نَحْوِ الْخَمْرِيَّةِ وَالْغَصْبِ وَإِلَّا وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ فِي الْفَاسِدِ مَا يُقَابِلُهُ) اُنْظُرْ كَيْفِيَّةَ التَّوْزِيعِ إذَا كَانَ الْفَاسِدُ نَحْوَ مَيْتَةٍ مَعْلُومًا اهـ سم
[حاشية الرشيدي]
بِالْمُطَابَقَةِ هَلْ هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَدَدِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّرَاحَةِ وَالْكِنَايَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَقْيَسُ الْوَجْهَيْنِ الْوُقُوعُ) أَيْ بَائِنًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ الْأَنْوَارِ: أَيْ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى مِنْهُ بَعْدَ قَوْلِهِ خِلَافَ مَا نَصُّهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْإِبْرَاءِ مَحْضُ تَعْلِيقٍ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا إبْرَاءَ أَوْ خُلْعَ إلَخْ وَهِيَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ مَعَ إسْقَاطِ قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ فَيَبْرَأُ إلَخْ فَكَأَنَّ الشَّارِحَ رَجَعَ إلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ آخِرًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ) أَيْ الثَّالِثَ، وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِتَكْذِيبِ الزَّوْجِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مُجَرَّدُ دَعْوَى تَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ فَتَأَمَّلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute